إسرائيل تلوح بقبول قوات روسية في الجولان مقابل وقف صفقة «إس 300»

الكونغرس الأميركي يعرقل قرار أوباما بتسليح المعارضة السورية

أعمدة الدخان تتصاعد من أحياء حمص القديمة جراء قصفها من قوات النظام (أ.ف.ب)
TT

في وقت كانت فيه وزيرة القضاء الإسرائيلية تسيبي ليفني تتفاوض مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حول صفقة الصواريخ الروسية المضادة للطائرات «إس 300» المزمع تسليمها لنظام الرئيس بشار الأسد، قال سفير إسرائيل لدى روسيا أمس، إن بلاده مستعدة لمناقشة نشر محتمل لقوات حفظ سلام روسية في منطقة عازلة تخضع لرقابة الأمم المتحدة في مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل.

وأضاف السفير دوريت جوليندر: «أعتقد أن هذه القضية سوف تكون محور مناقشات وإذا استطاع الجانبان التوصل إلى اتفاق، فإن إرسال قوة حفظ سلام إلى الجولان يصبح أمرا ممكنا. المطلوب أيضا تصريح من الأمم المتحدة، وإسرائيل منفتحة دائما لحلول لمثل هذه القضايا».

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن في يونيو (حزيران) استعداد بلاده لإرسال 380 جنديا ليحلوا محل القوة النمساوية، مشترطا، في سبيل تحويل «العرض» إلى واقع إبداء القوى الإقليمية اهتماما به وطلب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ذلك بشكل رسمي. لكن العرض الروسي قوبل بالرفض من جانب نيويورك، إذ قال بيان صادر عن مكتب كي مون، إن اتفاقية فض الاشتباك بين إسرائيل وسوريا بعد حرب 1974، تمنع مشاركة قوات من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وروسيا عضو دائم في المجلس.

يشار إلى أنه تمت إقامة المنطقة العازلة في مرتفعات الجولان للفصل بين القوات الإسرائيلية والسورية بعد الحرب الإسرائيلية العربية عام 1973. ورغم أنها أرض سوريا، فإن إسرائيل ضمتها منذ الحرب.

وتأتي هذه التصريحات في أعقاب وصول معلومات لتل أبيب بأن موسكو، وعلى عكس تقديرات سابقة، سوف تزود سوريا بهذه الصواريخ في غضون بضعة أسابيع، بينما كانت روسيا قد طمأنت إسرائيل قبل شهرين بأنها لن تسلمها قبل أواسط العام المقبل. ومع أن مصدرا في مكتب ليفني حاول «التقليل من أهمية الزيارة»، واعتبرها «زيارة عمل مع نظيرها الروسي، ألكسندر كونوفالوف، تتناول بعض القضايا الأمنية المتعلقة بمكافحة الإرهاب، إلا أن مصادر سياسية أكدت أن ليفني التقت وزير الخارجية، سيرغي لافروف، أمس، وتباحثت معه في (قضايا أمنية حساسة)، وحاولت ثني حكومته عن تسليم الصواريخ لسوريا».

وحسب مصادر غير مؤكدة فإن ليفني، ومن خلال القناعة بأن روسيا تريد تنفيذ هذه الصفقة وبسرعة، لأسباب مالية، عرضت على لافروف البحث المشترك عن بدائل توفرها إسرائيل والولايات المتحدة تعوضها عن قيمة هذه الصفقة، والتي تصل إلى مليار دولار. ولم يعرف ما كان رد الروس على هذا العرض. وقالت هذه المصادر إن ليفني أحبطت، إذ علمت بأن الروس عرضوا على إيران أن تشتري الصاروخ «إس 300» وشعرت بأن تسريب هذه المعلومة كان بمثابة ابتزاز روسي لها.

وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» نقلت عن مصادر إسرائيلية عسكرية رفيعة قولها، إن هناك بدائل كثيرة تتضمنها صفقة الصواريخ قد ترضي النظام السوري ولا تؤذي إسرائيل، يمكن تنفيذها. وبين هذه البدائل الصواريخ المضادة للطائرات من طراز «إس إيه 22» و«إس إيه 17»، فهي صواريخ دفاعية وتستطيع إسقاط طائرات على ارتفاع منخفض أو متوسط ويصل مداها إلى مئات الكيلومترات، بينما صواريخ «إس 300» الحديثة، التي اشترتها دمشق قبل عدة سنوات من الروس، هي صواريخ هجومية قادرة على إسقاط طائرات مقاتلة تحلق على ارتفاعات كبيرة وقادرة على شل حركة الطيران المدني والعسكري فوق غالبية المناطق الإسرائيلية.

في غضون ذلك، عرقلت لجنتا المخابرات في مجلسي الشيوخ والنواب الأميركي خطة إدارة الرئيس باراك أوباما لإرسال أسلحة إلى المعارضة السورية المقاتلة لنظام الرئيس بشار الأسد بسبب مخاوف أن لا تكون مثل هذه الأسلحة حاسمة أو أن ينتهي بها الأمر في أيدي متشددين إسلاميين.

وأعربت لجنتا المخابرات عن تحفظات خلف الأبواب المغلقة على جهود إدارة أوباما لدعم مقاتلي المعارضة من خلال إرسال معدات عسكرية، وقرر الكونغرس تجميد طلب التمويل الذي تقدم به وزير الخارجية جون كيري للاتفاق على ثمن شحنات الأسلحة التي يتم إرسالها إلى المعارضة السورية. ويرغب أعضاء لجنتي المخابرات أيضا في الاستماع إلى المزيد عن السياسة العامة لأوباما بشأن سوريا وكيف ترى الحكومة أن خطتها للتسليح ستؤثر على الموقف على الأرض، حيث أحرزت قوات الأسد مكاسب في الفترة الأخيرة. وقالت برناديت ميهان المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض: «كما أشرنا وقت الإعلان عن زيادة مساعداتنا للمجلس العسكري الأعلى فإننا سنستمر في التشاور الوثيق مع الكونغرس في هذه المسائل».

وكان كيري ونائب وكالة الاستخبارات المركزية مايكل موريل قد أطلعا لجنتي المخابرات في جلسة مغلقة في يونيو الماضي على خطط الإدارة لتسليح المعارضة، لكن أعضاء لجنتي المخابرات في الكونغرس أبدوا عدم رضاهم بشكل كامل عن الخطة.

وفي الوقت نفسه أعلنت المعارضة السورية أنها لم تتسلم أيا من المعدات العسكرية التي أعلنت الولايات المتحدة عن إرسالها لمساعدة المقاتلين ضد نظام الأسد.

ومن الناحية الفنية فإن الحكومة لا تحتاج إلى مصادقة محددة من الكونغرس لا من خلال تشريع عام ولا نوع من إجراءات العقوبات التشريعية للمضي قدما في تنفيذ خطة الأسلحة. وقالت مصادر كثيرة إن الرئيس يتمتع بالفعل بسلطة قانونية تتيح له أن يأمر بمثل هذه الشحنات. وعلى الرغم من ذلك وطبقا لقواعد ضمنية تراعيها السلطة التنفيذية والكونغرس تتعلق بشؤون المخابرات فإن الحكومة لن تمضي قدما في برامج مثل تسليم أسلحة للمعارضة السورية إذا أعربت إحدى لجنتي المخابرات بالكونغرس أو كلتيهما عن اعتراضات جدية.