وزير العدل التونسي السابق: من الخطأ مقارنة الأوضاع بين تونس ومصر

الائتلاف الثلاثي الحاكم يدعم دعوة الجبهة الشعبية إلى ائتلاف وطني واسع لإنقاذ البلاد

وزير العدل التونسي السابق
TT

قال نور الدين البحيري وزير العدل التونسي السابق والمنسق العام للحكومة التونسية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن الائتلاف الثلاثي الحاكم يدعو إلى ائتلاف وطني واسع لإنقاذ تونس من المخاطر والمهالك التي تتهدد ثورتها. ونفى أن تكون الجبهة الشعبية المعارضة، التي يقودها حمة الهمامي، الجهة الوحيدة التي تدعو إلى مثل ذلك الائتلاف. وقال إن الشعب التونسي شعب ذكي، ويعرف جيدا طريقه، ولا يتأثر بالدعوات المضللة، ويدرك إلى أين يمضي، على حد قوله.

وأكد أن الائتلاف الثلاثي الحاكم («الترويكا» المكونة من حركة النهضة وحزبي المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات)، لن يترك الفرصة مواتية لأي طرف سياسي للاستيلاء على الحكم، وقال إن شرعية انتخابات 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2011 ستبقى سارية المفعول إلى حين تنظيم الانتخابات المقبلة التي ستحدد الطرف السياسي الذي سيواصل تأمين أهداف الثورة وتحقيق انتصارات التونسيين.

وبشأن التخوف من سريان عدوى الإطاحة بنظام الإخوان في مصر إلى تونس، التي تحكمها حركة النهضة ذات التوجه الإسلامي المشابه، قال البحيري: «من الخطأ لدى بعض الفئات السياسية مقارنة الأوضاع بين تونس ومصر» وأردف: «مخطئ من يتصور أن دوران محرك طائرة عسكرية في سماء العاصمة المصرية سيكون له أثر على تحرك التراب واضطراب دورانه في تونس».

وانتقد طريقة تفكير الأطراف المعارضة، وقال إن كثيرا من الأمور تغيب عنهم، من بينها أن تونس اليوم هي التي تحرك اليوم تراب العالم الراكد منذ قرون، على حد تعبيره.

وأشار البحيري إلى أن دعاة الفراغ ومناصري التعدي على الشرعية لا يدركون حجم الأخطار الذي قد تنجر إليه تونس، في صورة الدخول في وضع غير مستقر. ودعا بهذه المناسبة أنصار الجبهة الشعبية إلى المساعدة على إنهاء الدستور في صياغته النهائية، وتنظيم انتخابات هي الفيصل الوحيد بين الفرقاء السياسيين. وأضاف في حديثه موضحا: «الائتلاف الثلاثي الحاكم لا يقف ضد مطالب إصلاح الوضع السياسي والقضاء على مظاهر انخرام العدالة الاجتماعية، ولكن الأمر يتطلب إمكانيات كبيرة قد لا تكون متوفرة في الوقت الحالي بالقدر الكافي، ولكن مستقبل هذه البلاد يهم كل التونسيين، بمن فيهم أعضاء الجبهة الشعبية الشركاء في النضال السياسي ضد الأنظمة الاستبدادية خلال مراحل حكم بورقيبة وبن علي».

وفي محاولة لتقييم تجربة التعايش بين الإسلاميين والتيارات العلمانية، وهل أن اليسار التونسي لم يستطع إلى حد الآن قبول التيارات الإسلامية والتسليم بوضعها الجديد في مواقع القرار، قال البحيري إن المشهد السياسي حاليا مختلف تمام الاختلاف عن التقسيم التقليدي إلى يسار ويمين، وقد تخللته بعد الثورة حسابات سياسية مختلفة جعلت الأطراف السياسية تتقلب بين مواقف عدة.

واعتبر أن كثيرا من المنتمين إلى التيارات اليسارية لا يزالون يحافظون على مواقعهم داخل الإدارة التونسية، دون أن تقول بقية الأطراف السياسية إن اليسار يسيطر على مفاصل الدولة.

ونفى البحيري الاتهامات المتكررة بمحاولة السيطرة على الإدارة لتنظيم انتخابات مقبلة على مقاس حركة النهضة وحلفائها، ووعد بتوفير شروط تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية مقبلة تتسم بالنزاهة والشفافية و«نلتزم أمام التونسيين باحترام نتائجها، مهما كانت الأطراف السياسية التي سيفرزها صندوق الاقتراع».

وقال إن الائتلاف الثلاثي الحاكم بقيادة حركة النهضة على استعداد لخوض الانتخابات، حتى إذا نظمت خلال شهر أغسطس (آب) المقبل وليس نهاية سنة 2013، كما تم الإعلان عن ذلك بصفة مبدئية.

وقال البحيري إن «الكوادر الإدارية العليا المنتمية تاريخيا لليسار، واصلت عملها دون تعقيدات، ولم يتم إقصاؤها من مناصبها أو السعي إلى تهميشها بسبب انتماءاتها الفكرية والآيديولوجية، وهم يواصلون الاضطلاع بمهامهم لكفاءتهم لا غير، وهم في خدمة تونس وليس أي طرف سياسي آخر».

وحول المنافسة المفترضة بين حمادي الجبالي (رئيس الوزراء التونسي السابق) وعبد الحميد الجلاصي (رئيس الحملة الانتخابية لحركة النهضة) على منصب الأمين العام للحركة، قال البحيري إن الأمر لا يمكن طرحه بهذه الشاكلة، لأن إدارة الملفات في حركة النهضة تتم وفق مؤسسات عملها مضبوط وديمقراطي، ولا يمكن اتخاذ أي قرار بصفة فردية.

وأضاف أن «الجبالي هو الأمين العام لحركة النهضة، ولا يمكن حسم أي قرار سياسي إلا في إطار مؤسسات الحركة لا غير».

من ناحية أخرى، تم أمس بقصر قرطاج بالضاحية الشمالية للعاصمة التونسية تنصيب محمد الصالح الحامدي رئيس جديدا لأركان جيش البر بحضور رشيد عمار الجنرال المستقيل. وحسب مصادر مقربة من المؤسسة العسكرية، سيكون الجنرال الجديد مدعوا إلى التعامل مع ملف الإرهاب والعنف وإيجاد حلول مجدية للمواجهات التي عرفتها تونس بين التنظيمات الجهادية وقوات الأمن والجيش في جبال الشعانبي وسط غربي تونس، خلال شهري أبريل (نيسان) ومايو (أيار) الماضيين.