«الاستقلال» المغربي يقرر رسميا الانتقال إلى المعارضة وسحب وزرائه من حكومة ابن كيران

قيادي استقلالي لـ «الشرق الأوسط» : لن يحدث فراغ حكومي وأي وزير لا يمتثل لقرار الاستقالة عليه مغادرة الحزب

رئيس الوزراء المغربي عبد الإله ابن كيران يتحدث خلال تجمع حاشد لحزب العدالة والتنمية في الدار البيضاء (رويترز)
TT

قرر حزب الاستقلال المغربي رسميا الانتقال إلى المعارضة، وسحب وزرائه من حكومة عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية.

وقال عادل بن حمزة، الناطق الرسمي باسم حزب الاستقلال إن حميد شباط الأمين العام للحزب أجرى أول من أمس اتصالا هاتفيا مع العاهل المغربي الملك محمد السادس أطلعه من خلاله على قرار اللجنة التنفيذية للحزب (أعلى هيئة تقريرية) القاضي بتقديم جميع وزراء الحزب استقالتهم إلى رئيس الحكومة أمس.

ومن المقرر أن يعرض ابن كيران قرار استقالة وزراء «الاستقلال»، بعد تسلمه، على الملك محمد السادس، وفق ما ينص عليه الدستور. وتردد أمس أن محمد الوفا، وزير التربية والتعليم، رفض التوقيع على قرار الاستقالة بسبب رغبته في الاستمرار في منصبه الوزاري، الأمر الذي يفرض عليه الانسحاب من الحزب. بيد أنه لم يتسن التأكد من ذلك بشكل رسمي.

ويشارك الحزب في الحكومة بستة وزراء هم، نزار بركة، وزير الاقتصاد والمالية، ومحمد الوفا، وزير التربية الوطنية، وفؤاد الدويري، وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة، وعبد الصمد قيوح، وزير الصناعة التقليدية، وعبد اللطيف معزوز، وزير الجالية المغربية المقيمة بالخارج، ويوسف العمراني، الوزير المنتدب في وزارة الخارجية. ويتوفر الحزب على 60 نائبا في مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، و55 مستشارا في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية).

ويرى مراقبون أن البحث عن حليف جديد يعوض انسحاب حزب الاستقلال من الحكومة يظل السيناريو الأقرب إلى الواقع، حيث يرجح أن تتم مشاورات في هذا الصدد مع حزب التجمع الوطني للأحرار المعارض، أما إذا فشلت مساعي ابن كيران في تشكيل ائتلاف جديد فسيكون الخيار المتبقي هو الدعوة إلى انتخابات سابقة لأوانها.

وفي غضون ذلك، قال قيادي في حزب الاستقلال لـ«الشرق الأوسط» إن المجلس الوطني للحزب كان قد قرر الانسحاب من الحكومة ولجأ إلى الفصل 42 من الدستور مراعاة للمصلحة العليا للبلاد، وأضاف «أردنا من خلال هذا الفصل أن نعطي لابن كيران متسعا من الوقت للتمعن في القرار والبحث عن حلفاء جدد».

وأوضح القيادي الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن «اللجنة التنفيذية للحزب قررت أول من أمس المرور من الفصل 42 إلى الفصل 47 من الدستور، وذلك للانتقال إلى مرحلة متقدمة من تفعيل قرار الانسحاب الذي ينص على أنه إذا قرر حزب مشارك في الغالبية الانسحاب من الحكومة، فإنه على وزراء الحزب أن يقدموا استقالتهم إلى رئيس الحكومة، وهذا ما جرى أمس».

وأضاف أن رئيس الحكومة سيعرض قرار الاستقالة على الملك من أجل أن يقبل هذا الخروج، وسيطلب الملك من رئيس الحكومة البحث عن غالبية جديدة، وهذه الغالبية الجديدة عليها أن تهيئ برنامجا حكوميا ليطرح على البرلمان، من أجل طلب الثقة.

وقال المسؤول ذاته إنه بعد اختيار الوزراء الجدد سيتم تسليم السلط بينهم وبين وزراء الاستقلال، وآنذاك يمكن لوزراء الاستقلال المضي في حال سبيلهم، وبعدها سينتقل الحزب إلى المعارضة، كل ذلك مراعاة لتجنب ترك أي فراغ في تسيير شؤون الدولة، مشيرا إلى أن «هذا المسلسل انطلق صباح أمس».

وردا على ما تردد عن رفض بعض الوزراء الاستجابة لقرار تقديم الاستقالة من الحكومة الذي اتخذه حزبهم، قال المصدر ذاته، إن «الأمر سهل جدا فهؤلاء ليسوا سوبرمان، أو حاصلين على جائزة نوبل للسلام، هم في الحكومة لأن حزب الاستقلال اقترحهم، فإذا قرر الحزب الخروج منها فعليهم أن يخرجوا، أما إذا أرادوا الاستمرار فيها فسيتم إيقافهم، وليس فقط تجميد عضويتهم داخل الحزب، وآنذاك بإمكانهم الالتحاق بحزب العدالة والتنمية أو أي حزب آخر»، على حد قوله.

وذكرت اللجنة التنفيذية للحزب (أعلى هيئة تقريرية) في بيان لها صدر بعد اجتماع أعضائها أول من أمس بمقر الحزب في الرباط، أن تفعيل قرار المجلس الوطني للحزب القاضي بالانسحاب من الحكومة جاء «بعد استشعارها أنها منحت رئيس الحكومة ما يكفي من الوقت لتدارك أثر انسحاب الحزب على أغلبيته الحكومية».

وذكرت اللجنة في بيان مطول تضمن انتقادات لاذعة لابن كيران وحكومته، أن وزراء الحزب سيقدمون استقالتهم الجماعية لرئيس الحكومة، على أن يقدمها إلى الملك طبقا للدستور، مشيرة إلى أنها قررت دعوة فريقي الحزب في مجلسي البرلمان (النواب والمستشارين) لاجتماع مع قيادة الحزب سيحدد موعده لاحقا، وذلك «استعدادا لما تقتضيه المعارضة من منهجية عمل وتنسيق».

وكان الملك محمد السادس قد استقبل شباط بمقر إقامته في مدينة وجدة، يوم 26 يونيو (حزيران) الماضي، وسلمه مذكرة يشرح فيها دواعي انسحاب الحزب من الحكومة، وذلك بعد أن اشتد الخلاف بين شباط وابن كيران. واعتراض «الاستقلال» على طريقة تدبير الحكومة لعدد من الملفات الاقتصادية والاجتماعية، ووجه الحزب مذكرتين إلى رئيس الحكومة يشرح فيهما وجهة نظر الحزب ومطالبه، ومن ضمنهما إجراء تعديل حكومي، حيث ظل شباط ينتقد أداء وزراء الحكومة بمن فيهم وزراء حزبه. وتسبب قرار انسحاب الاستقلال من الحكومة في أزمة سياسية هي الأولى بعد إقرار الدستور الجديد في يوليو (تموز) 2011، بيد أن ابن كيران قلل من أهمية وتداعيات القرار على حكومته وتجاهله، كما تجاهل مطالب الحزب، وظل يردد أنه لم يتسلم أي قرار رسمي بشأن هذا الانسحاب، كما انتقدت قيادات الحزب لجوء «الاستقلال» إلى التحكيم الملكي، استنادا إلى الفصل 42 من الدستور، لأن الأمر لا يتعلق من وجهة نظرها بخلاف بين المؤسسات.