باريس ترى في الإعلان الدستوري «خطوة في الاتجاه الصحيح» للخروج من الطريق المسدود في مصر

وزارة الخارجية الفرنسية تدعو للإسراع في عملية انتخابية شفافة بمشاركة الجميع

TT

تبدو باريس، كغالبية العواصم الغربية، مرتبكة إزاء ما يحصل في مصر من تطورات متسارعة. ويتلخص موقفها «الثابت» حتى الآن بالتمسك بـ«المسار الديمقراطي» وهي لا ترى بديلا عن «تسوية» تتم عبر حوار يضم «جميع القوى» الفاعلة.

وحتى الآن، لم تدن باريس ما حصل في القاهرة من استبعاد الرئيس مرسي وحكم «الإخوان المسلمين»، ولا هي رحبت بقيام حكم انتقالي جديد واجهته رئيس المجلس الدستوري السابق عدلي منصور. وأقصى ما تتمناه وتنصح به هو الإسراع في الخروج من الوضع الراهن والابتعاد عن العنف ووصل الخيوط بين كل الأطراف المتصارعة.

وقالت الخارجية الفرنسية أمس ردا على الإعلان الدستوري الصادر ليل الاثنين - الثلاثاء إنها «أخذت علما» به وبالاستحقاقات التي يحددها، وهي تشكيل لجنة لتعديل الدستور والاستفتاء للتصديق عليه يتبعه قبل نهاية العام انتخابات تشريعية تليها انتخابات رئاسية.

وكان وزير الخارجية لوران فابيوس اتصل بنظيره «المستقيل» محمد كامل عمرو أول من أمس للتشاور معه، ولتذكيره بالمبادئ الأساسية التي تعتبر باريس أنه من الضروري التمسك بها والعمل على هديها، ولكن «من غير التدخل في الشأن المصري الداخلي».

وجاء في بيان الخارجية أن فرنسا تذكر بـ«أهمية الاستمرار في عملية الانتقال الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان والتعددية والحرص على ضم كل القوى السياسية» إلى اللعبة السياسية، مع تأكيد حق كل الأطراف بالتظاهر السلمي.

وتبدو باريس وكأنها مستعجلة لتطبيق «خريطة الطريق» التي جاءت في الإعلان الدستوري الأخير بعد أن نددت بـ«العنف الذي حصل في مصر في الأيام الأخيرة»، ولكن من غير الإشارة إلى مصدره أو إلى الجهات المسؤولة عنه. كذلك حثت فرنسا «جميع الأطراف» على الالتزام بضبط النفس ورفض التصعيد والتمسك بالوحدة الوطنية، مرحبة بإعلان منصور عن تشكيل لجنة للتحقيق بما حصل صباح الاثنين في محيط ثكنة الحرس الجمهوري.

أما بشأن الاستحقاقات الانتخابية المتضمنة في الإعلان الدستوري، فقد طالبت فرنسا بانتخابات «عادلة وشفافة»، معتبرة أنها «السبيل الوحيد» لسلوك طريق الحل السياسي و«للإسراع في الخروج من الطريق المسدود» الذي وصلت إليه البلاد الآن.

بيد أن فيليب لاليو، الناطق باسم الخارجية الفرنسية، خرج نوعا ما عن الموقف الفرنسي المتحفظ عندما اعتبر أن قرارات عدلي منصور «خطوة على الطريق الصحيح» من أجل العودة إلى المسار الديمقراطي، باعتبارها «ترسم مخرجا» تحتاج إليه مصر من الوضع الراهن من أجل إعادة تفعيل هذا المسار.

وطالب لاليو، في موضوع الانتخابات، بأن تكون «مفتوحة أمام الجميع»، وأن تكون عادلة وشفافة، وأن تتم سريعا. بيد أن باريس تريد أن «تدرس» تفاصيل الإعلان الدستوري، وأن تتعرف إلى التعديلات المطلوب إدخالها على الدستور لتتوافر لديها «صورة متكاملة» عما تريد السلطات الجديدة تطبيقه في هذا الميدان من أجل إعادة الهدوء إلى الشارع المصري.

ولذا، فإن باريس حثت السلطات المصرية على إقرارا «تدابير» يمكن أن تساعد على عودة الهدوء، وتندرج في إطار دعوتها الجميع لضبط النفس.. ما يعني عمليا احترام حق التظاهر السلمي وتلافي الصدامات وعدم الإفراط في استخدام القوة من قبل الأجهزة الأمنية. ويتعين أن يترافق ذلك، بحسب فرنسا، مع رسم «أفق سياسي» للخروج من الأزمة.. الأمر الذي يتمثل بتحديد دقيق لمواعيد الاستحقاقات الانتخابية.

أما بشأن الاستمرار في توقيف مسؤولين سابقين، وعلى رأسهم محمد مرسي، فقد أكدت باريس رفضها للتوقيف الاعتباطي وتمسكها بالمبادئ الأساسية وحقوق الإنسان وحقوق الدفاع وضرورة احترام الوظيفة التي شغلها مرسي «رئيسا للجمهورية» خلال عام كامل.

أما إذا كانت باريس تدعو إلى إطلاقه، فجواب المصادر الفرنسية أنه من «مسؤولية» المصريين الذين «يمكنهم وزن كل قرار من هذا النوع، وهو مرغوب به بشكل عام، بميزان انعكاساته ميدانيا على الاستقرار والأمن».