واشنطن تشكك في «الأدلة الروسية» حول استخدام المعارضة السورية للكيماوي

مسؤولون في الأمم المتحدة سيزورون دمشق لتذليل العقبات أمام فريق التحقيق

TT

لم تجد «الدلائل الروسية» القائلة بأن المعارضة السورية استخدمت أسلحة كيماوية في مارس (آذار) الماضي ضد مدنيي بلدة خان العسل في محافظة حلب (شمال) حماسا كبيرا في الولايات المتحدة، التي أكد المتحدث باسم البيت الأبيض فيها جاي كارني أن نظام الرئيس بشار الأسد هو الجهة الوحيدة المتهمة في استخدام الكيماوي في سوريا، مضيفا «لم نر أي دليل حتى الآن يدعم القول بأن أي جهة إضافة غير الحكومة السورية لديها القدرة على استخدام أسلحة كيماوية أو أنها تستخدم أسلحة كيماوية».

وشدد كارني في معرض إجابته على الدلائل التي ساقها فيتالي تشوركين، المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة، أول من أمس خلال جلسة مغلقة لمجلس الأمن، على أن الطريق الوحيد للإجابة عن تساؤل من استخدام الكيماوي في سوريا يكمن في دخول فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة إلى سوريا التحقيق في كل المزاعم. وشدد المتحدث باسم البيت الأبيض على أنه إذا كان الأسد مهتما بإثبات تأكيده وتأكيدات روسيا، فعليه أن يسمح للمحققين في الأمم المتحدة بدخول سوريا، وعلى روسيا أن تستخدم علاقاتها مع الأسد للضغط عليه للسماح لمحققي الأمم المتحدة بالوصول إلى كل المواقع».

وفي سياق متصل، قالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جين بساكي إن الإدارة الأميركية تسلمت نسخة من التقرير الروسي حول قيام المعارضة السورية باستخدام السلاح الكيماوي وأوضحت بساكي أن الإدارة الأميركية ستأخذ الوقت الكافي لمراجعة التقرير لكنها شددت على ضرورة أن يقوم نظام الأسد بالسماح لمفتشي الأمم المتحدة بالدخول إلى سوريا وإجراء التحقيقات اللازمة، وأضافت بساكي: «على النظام السوري أن يثبت أنه مستعد للتحقيق في استخدام الأسلحة الكيماوية وعليه أن يسمح لفريق مفتشي الأمم المتحدة بالوصول إلى كل المواقع وأن يثبت أن ذلك ليس تكتيكا للتضليل».

وألقى مصدر مسؤول في الخارجية الأميركية بالكرة في ملعب روسيا وقال «لا بد أن نشير إلى أن روسيا تمنع حاليا جهود مجلس الأمن لتلبية دعوة مجموعة الثماني للسماح بدخول الأمم المتحدة إلى سوريا للتحقيق في أي وجميع المزاعم ذات المصداقية بشأن استخدام الأسلحة الكيماوية»، مضيفا أنه «من الصعب أن نفهم لماذا تستمر روسيا في عرقلة جهود مجلس الأمن الدولي لدعم إجراء تحقيق مستقل ونزيه من قبل الأمم المتحدة في حالات متعددة استخدمت فيها أسلحة كيماوية وتم تحديدها من قبل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا».

وقال دبلوماسي غربي إن مسؤولين رفيعي المستوى من الأمم المتحدة سيتوجهون إلى دمشق قريبا لبحث سبل تذليل العقبات أمام فريق دولي مكلف بالتحقيق في استخدام الأسلحة الكيماوية، لكن لم يتمكن حتى الآن من زيارة سوريا. وعلى الجانب الروسي، شدد وزير الخارجية سيرغي لافروف، أمس، خلال مؤتمر صحافي جمعه مع نظيره البيلاروسي فلاديمير ماكاي، على أن نتائج التحقيقات التي أجرتها بلاده في استخدام السلاح الكيماوي تشير إلى أن قنابل محملة بغاز السارين تم استخدامها قرب حلب، وأن تلك القنابل تم تصنيعها في مناطق تسيطر عليها المعارضة السورية. وأوضح لافروف أن موسكو لا تعارض نشر نتائج تحقيقاتها، وأنها ترفض أي تشكيك في مصداقية تلك التحقيقات، مؤكدا أن بلاده سلمت كل الوثائق والصور للمواقع التي أخذت منها عينات السارين إلى الأمم المتحدة. وأكدت موسكو أنها مستعدة لإرسال تلك الأدلة إلى القوي الغربية ومنها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.

يشار إلى أن موسكو سلمت كي مون تقريرا من 80 صفحة إلى الأمين العام للأمم المتحدة جاء فيه أن «نظام الأسد طلب من روسيا التحقيق في الهجوم، واستجابت موسكو خاصة أن فريق خبراء الأمم المتحدة للتحقيق في احتمال استخدام الأسلحة الكيماوية غير قادر على دخول سوريا».

وأوضح أنه تم تحليل عينات أخذت من موقع القذيفة وتم تحليلها في المختبرات الروسية المعتمدة من قبل منظمة حظر الأسلحة الكيماوية والتي أشارت إلى أن القذيفة كانت صناعة محلية، وكان هناك غياب للمعايير الصناعية الكيماوية وغياب للمثبتات الكيماوية التي تحتاج إلى تخزين طويل الأمد ليتم استخدامها لاحقا».

وأكد المندوب الروسي أن كل ذلك يدعو للاعتقاد أن مقاتلي المعارضة السورية هم الذين استخدموا الأسلحة الكيماوية في خان العسل، وقال «وفقا للمعلومات التي لدينا فإن المعارضة السورية، خاصة لواء (بشاير النصر) التابع للجيش السوري الحر، بدأت في إنتاج تلك القذائف في فبراير (شباط) 2013».

لكن عددا من الدبلوماسيون الغربيين أشاروا إلى أنه لا يوجد دليل ملموس ومؤكد على قيام المعارضة السورية باستخدام أسلحة كيماوية. وقال السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة جيرار ارو، في مؤتمر صحافي أمس «هذا سبب إضافي لكي يقوم خبراء الأمم المتحدة بالتحقيق بحرية في سوريا». وشدد على أنه «على رئيس فريق التحقيق أيك سلستروم الذهاب إلى كل الأماكن التي تواجه اتهامات وأن يقوم بالتحقيق».

من جانبها، نفت المعارضة السورية والائتلاف الوطني السوري تلك المزاعم الروسية، واعتبرتها محاولة روسية أخرى لغسل يد النظام السوري من الاتهامات باستخدام السلاح الكيماوي ضد شعبه. وطالب الائتلاف الوطني السوري المعارض بلجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة للدخول إلى المناطق المحررة، وتفقد الأماكن التي تعرضت للقصف باستخدام أسلحة كيميائية محرمة دوليا.

ووعد الائتلاف السوري في بيان صحافي بـ«تقديم كل الدعم وتوفير الاحتياجات الضرورية لإجراء تحقيق حيادي واحترافي ومتكامل مع ضمان دخول آمن لمعاينة كل المواقع وأخذ العينات وإجراء التحقيق على أرض الواقع تمهيدا لمحاكمة المسؤولين عن هذه الجريمة وبقية الجرائم التي طالت الشعب السوري».

وقال الائتلاف إنه «لا بد لبيان الحقيقة كاملة من إجبار نظام الأسد على الرضوخ للإرادة الدولية وقبول دخول اللجنة للتحقيق بكل المزاعم المتعلقة باستخدام أسلحة محرمة دوليا». وأضاف أن أقل ما يمكن أن يقال في الشهادات التي تقدمها أطراف داعمة للنظام في هذا السياق هو أنها شهادات زور، لا يكاد يختلف موقف الشاهد فيها عن موقف الشريك في الجرم.