إطلاق سراح مدير الاستخبارات السودانية السابق المتهم بمحاولة إطاحة البشير

صلاح قوش: ما زلت عضوا في الحزب والحركة الإسلامية والبرلمان

الفريق صلاح قوش رئيس جهاز الأمن والمخابرات السابق يستقبل المهنئين في بيته اثر إطلاق سراحه أمس (رويترز)
TT

أفرجت السلطات السودانية عن الرئيس السابق لأجهزة الاستخبارات السودانية صلاح قوش بموجب عفو رئاسي بعد اتهامه مع ضباط آخرين بمحاولة انقلاب كان يمكن أن يحكم عليه لو أدين فيها بالإعدام، بحسب ما أعلن محاميه.

وقال المحامي نبيل اديبلو لوكالة الصحافة الفرنسية إن السلطات أفرجت عن صلاح قوش بموجب «العفو الذي منحه إياه الرئيس (عمر) البشير وكل من شاركوا في محاولة الانقلاب».

وأطلقت سلطات الأمن السودانية سراح رئيس جهاز الأمن والمخابرات السابق الفريق صلاح عبد الله الشهير بـ«قوش»، ومدير مكتبه اللواء صلاح أحمد عبد الله، بقرار أصدره وزير العدل أمس.

وأوقفت السلطات الأمنية الرجل ومساعده في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012، بتهمة الاشتراك في محاولة انقلابية للإطاحة بحكم الرئيس البشير، وظلا في الحبس منذ ذلك التاريخ، وشرعت لجنة تحقيق من النائب العام في التحقيق مع الرجلين، لتقديمهما للمحاكمة قبيل صدور قرار إطلاق سراحهما.

وقال شاهد إن صلاح قوش استقبل بحماسة لدى عودته إلى بيته حيث كان عدد كبير من أقاربه متجمعين، مشيرا إلى «تجمع عدد كبير من الناس يحتفلون. وذبح خروف للمناسبة» لإعداد وجبة الإفطار.

وارتدى قوش الجلباب الأبيض التقليدي والعمامة، وعانق مستقبليه.

ونقلت «الشروق - نت» أن الرئيس البشير أصدر توجيهاته بإطلاق سراح الرجلين، قبيل موعد إفطار أول أيام رمضان، تبعا لوعد قطعه للحركة الإسلامية بمدينة «مروي» مسقط رأس المعتقل، وبعض أفراد من أسرته.

وأعلن وزير العدل محمد بشارة إطلاق سراح المتهمين، إعمالا لسلطته تحت المادة (58) المتعلقة بوقف الدعوى الجنائية، وانقضاء الدعوى الجنائية، وفقا لأحكام المادة (37 – 1 - د) وفقا للقانون الجنائي السوداني.

وقال المدعي العام السوداني عمر أحمد محمد في مؤتمر صحافي بالخرطوم أمس إن محامي الدفاع عن المتهمين تقدموا بطلب لوزير العدل لإعمال سلطاته في القانون، بـ«وقف الدعوى»، وأضاف: «كما أن قرار الإفراج جاء في إطار السعي لجمع الصف الوطني لمواجهة التحديات التي تواجه البلاد، وتساميا عن كل الأخطاء، أو فعل ارتكب بالمخالفة للقوانين في الحق العام، وفي سبيل تحقيق المصلحة العليا، وليس ضعفا أو عدم وجود بينة» من جهته، قال صلاح قوش في تصريحات صحافية مقتضبة عقب الإفراج عنه إنه سيظل عضوا أصيلا بحزب المؤتمر الوطني الحاكم، والحركة الإسلامية، وسيواصل عمله في البرلمان باعتباره نائبا.

وقال العميد محمد إبراهيم عبد الجليل «ود إبراهيم»، والذي أفرج عنه في وقت سابق بعد اتهامه بالتورط في قيادة ذات المحاولة الانقلابية بمنزل قوش، الذي جاءه مهنئا: «نحن نقود شأنا يختص بالإصلاح داخل المؤتمر الوطني، وليس هناك ما يمكن إخفاؤه، ولا يمكن إنكار قيادتنا لخط إصلاحي فيه».

وألقت السلطات الأمنية 23 نوفمبر الماضي القبض على مجموعة من ضباط الجيش والأمن وبعض المدنيين، بتهمة تدبير محاولة تخريبية، حسبما وصفها المتحدث باسم الحكومة وقتها، ووجهت الاتهامات بقيادتها لقائد الحرس الرئاسي السابق العميد محمد إبراهيم، ولرئيس جهاز الأمن السابق الفريق صلاح قوش.

وأصدرت محاكم خاصة أحكاما بالسجن لمدد متفاوتة والطرد من الخدمة ضد العسكريين ورجال الأمن المشاركين في المحاولة الانقلابية، وأفرج عنهم في وقت سابق بعفو رئاسي، فيما بقي «قوش» ومساعده رهن الحبس منذ ذلك الوقت، وظلت لجنة مكلفة بالتحقيق معهم تمدد قرارات الحبس، أسبوعيا منذ زهاء أكثر من شهر.

وعدت السلطات الأمنية «قوش» متهما رئيسا في المحاولة، بيد أن «همسا» داخل المجموعة التي أفرج عنها قبله، يقول إن الرجل لا علاقة له البتة بالمجموعة، وإن قرار اعتقاله جاء لأسباب أخرى.

ويحسب مدير جهاز الأمن السابق الفريق صلاح عبد الله قوش من بين رجال حكم الإسلاميين الأقوياء، لكن هذا لم يشفع له في صراعات الطاقم الحاكم الطاحنة، وأقيل الرجل بطريقة «دراماتيكية» من منصبه في جهاز الأمن، ثم أقيل لاحقا من مستشارية الأمن برئاسة الجمهورية بذات الطريقة بسبب صراعات بينه وبين أطراف في الحكم، أشهرهم مساعد الرئيس دكتور نافع علي نافع.

وتقول تحليلات إن الرجل خرج من جهاز الأمن، لكنه يحتفظ بداخله بعلاقات وثيقة ومتشابكة و«مخيفة»، وتكمن خطورته من هذه العلاقات التي كونها في جهاز الأمن، وكان القيادي الإسلامي دكتور حسن مكي قد قال لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق إن ما يملكه الرجل من معلومات هي التي أدت لتأخير إطلاق سراحه.

إضافة لعلاقاته داخل الجهاز، يحتفظ الرجل أيضا، بعلاقات بدوائر وأجهزة استخبارات إقليمية ودولية وثيقة، وبعلاقة وثيقة مع الاستخبارات الغربية، ولا سيما جهاز المخابرات المركزية الأميركية (CIA)، التي تعاون معها جهاز الأمن السوداني في مجالات مكافحة الإرهاب بكرم حاتمي إبان إدارته له.

ويعد اعتقال مجموعة المحاولة التخريبية أكبر تصدع في جسد الطاقم الحاكم في الخرطوم منذ إبعاد مجموعة د. حسن الترابي.

من جهة أخرى أفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية بأن قوات نخبة سودانية انتشرت في نيالى بدارفور بعد أيام من الصدامات الدامية بين عناصر قوات الأمن.

وشاهد المراسل ما لا يقل عن 12 آلية رباعية الدفع مجهزة برشاشات تابعة لقوات النخبة على الطريق بين مطار ومدينة نيالى على بعد ستة كيلومترات. وكان نحو عشرة عناصر ينتشرون مع كل آلية فيما ساد الهدوء على ما يبدو الأربعاء.

وبحسب مسؤولين فإن «خلافات» بين عناصر قوى الأمن كانت وراء صدامات شهدتها الأسبوع الماضي نيالى ثاني مدن السودان وعاصمة جنوب دارفور.

وأوقعت أعمال العنف ثمانية قتلى على الأقل بينهم عاملان إنسانيان سودانيان من منظمة وورلد فيجن غير الحكومية وأكثر من عشرين جريحا بينهم السوداني علي كوشيب الملاحق من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في دارفور بحسب وسائل الإعلام الرسمية.

وتوزيع المساعدة الغذائية على 400 ألف شخص سيتأثر جراء أعمال العنف هذه بحسب برنامج الأغذية العالمي.

ومع بدء شهر رمضان تحدث سكان نيالى عن الصعوبات التي يواجهونها؛ فالتيار الكهربائي مقطوع منذ يومين وسعر الوقود يزيد أربعة أضعاف عن العاصمة الخرطوم وأغلقت منطقة تجارية بعد تعرضها الأحد للنهب والحرق.

واندلعت أعمال العنف بعد مقتل عنصر في وحدة الشرطة شبه العسكرية في غرب دارفور وكان ينتمي بعض أفرادها في السابق إلى ميليشيا الجنجويد الموالية للحكومة والمتهمة بشن هجمات على مدنيين يشتبه بدعمهم المتمردين.

وثار متمردو القبائل السوداء في دارفور في 2003 على حكومة الخرطوم. ومذاك تشهد المنطقة أعمال عنف أوقعت أكثر من 300 ألف قتيل بحسب الأمم المتحدة و10 آلاف بحسب الخرطوم.

على صعيد آخر، قال مسؤول أمس إن برلمان جنوب السودان أقر مشروعي قانونين لزيادة حرية الصحافة وهي خطوة عبر صحافيون عن أملهم في أن تعزز حقوقهم في ظل المضايقات المتواترة التي يتعرضون لها على أيدي السلطات.

وكثيرا ما يشكو الصحافيون في جنوب السودان من عرقلة عملهم واحتجازهم تعسفيا على أيدي قوات الأمن المؤلفة من ميليشيات سابقة من عهد الحرب الأهلية.

وقال صحافيون إن هذه الخطط التي تناقش منذ خمس سنوات تتوقف نتائجها على طريقة تطبيقها على أيدي الحكومة التي تتألف من قادة سابقين لمقاتلي الحرب الأهلية اعتادوا التصرف وهم بمنأى عن العقاب وكراهية أي رقابة.

وقال لويس بابتيست المسؤول في وزارة الشؤون البرلمانية إن مشروع القانون الأول يكفل حق الحصول على المعلومات ما دامت لا تمثل خطرا على الأمن القومي ولا تمس خصوصية أحد.

وقال بابتيست إن مشروع القانون الثاني الذي أقر في وقت متأخر مساء الاثنين ينشئ هيئة مستقلة للإشراف على التغطية الصحافية والتصدي لأي شكاوى، مضيفا أن مشروعي القانونين سيرسلان إلى الرئيس سلفا كير هذا الأسبوع لتوقيعهما.

وقال شاهد إن صلاح قوش استقبل بحماسة لدى عودته إلى بيته حيث كان عدد كبير من أقاربه متجمعين، مشيرا إلى «تجمع عدد كبير من الناس يحتفلون.. وذبح خروف للمناسبة» لإعداد وجبة الإفطار.

وارتدى قوش الجلباب الأبيض التقليدي والعمامة، وعانق مستقبليه.

وترأس قوش المخابرات السودانية لعقد حتى 2009 ثم عين مستشارا رئاسيا قبل إقالته من مهامه بداية 2011.

ووجهت له في يونيو (حزيران) تهم بموجب القانون الجنائي وقانون مكافحة الإرهاب وذلك لدوره في المؤامرة، بحسب محام آخر هو علي السعيد.

وسعى المحامون إلى إسقاط التهم عنه قبل بدء محاكمته.

وخلال فترة رئاسته لجهاز المخابرات، عزز قوش التعاون مع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه). وبعد أن ترك الجهاز الأمني، أصبح مستشارا أمنيا للرئاسة قبل إقالته في بداية 2011. وكان قوش يشجع الحوار مع المعارضة السياسية.

وفي أبريل (نيسان) أصدر البشير عفوا عن 15 من عناصر الأمن والجيش الذين سجنوا لدورهم في المؤامرة الانقلابية.

ويقول محللون إن القضية تعكس الصراع السياسي في حكومة البشير.