دعوات لبنانية وعربية للتقيد بـ«إعلان بعبدا» الرئاسي

«الجنائية» تنهي مسح موقع انفجار الضاحية.. والقضاء يستمع لإفادات الشهود

TT

تواصلت مواقف الاستنكار والإدانة لانفجار سيارة مفخخة في محلة بئر العبد في ضاحية بيروت الجنوبية، معقل حزب الله، بالتزامن مع مطالبة لبنانية وعربية بالالتزام بـ«إعلان بعبدا» الرئاسي، القاضي بالحوار الداخلي وتحييد لبنان عن النزاعات. ولم تستبعد قوى «14 آذار» أن يكون الانفجار ناتجا عن عواقب تدخل حزب الله في النزاع السوري.

وتأتي الإدانة للتفجير بالتزامن مع انتهاء الأجهزة الأمنية من رفع الأدلة الجنائية، وانطلاق مرحلة إزالة الركام، تحضيرا لتثمين الأضرار عبر الهيئة العليا للإغاثة، التابعة للحكومة اللبنانية. وطلب الأمين العام لـ«الهيئة العليا للإغاثة» في لبنان العميد الركن المتقاعد إبراهيم يحيى من قيادة الجيش ولجان المسح وتخمين الأضرار الناتجة عن الانفجار، بناء على القرار الشفهي لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. وكانت بلديات الضاحية قد بدأت بإزالة الركام من موقع التفجير وحوله، بعد الانتهاء من رفع البصمات والأدلة.

في موازاة ذلك، واصل مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر إشرافه على التحقيقات الأولية التي تجريها الشرطة العسكرية والأدلة الجنائية. وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أنه «تم الاستماع إلى أكبر عدد من الشهود بهدف جمع المعلومات حول انفجار بئر العبد أول من أمس تمهيدا لكشف الفاعلين والملابسات».

وعادت الحياة إلى وتيرتها الطبيعية في موقع الانفجار أمس، وشهد شارع بئر العبد كثافة زائرين وزحمة سير خانقة، مع عودة الناس إلى أعمالهم بشكل عادي. وانسحب العمل المتواصل ميدانيا على إزالة مخلفات الانفجار، على التصريحات السياسية التي أدانت التفجير، وكثفت من دعواها للالتزام بإعلان بعبدا. وبرز موقف الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي الذي أدان «بشدة التفجير الإرهابي» الذي وقع في الضاحية الجنوبية لبيروت، معربا عن تعاطفه «الكبير مع المصابين»، ومتمنيا لهم «الشفاء العاجل». واعتبر العربي أن «هذا العمل الإجرامي يهدف إلى ضرب الأمن وزعزعة الاستقرار وإثارة الفتن بين أبناء الوطن الواحد»، معربا عن ثقته بـ«إدراك كل الأطراف اللبنانية بما يحمله هذا العمل الإرهابي من رسائل واضحة وبأن الرد الفعال على ذلك يكون من خلال التمسك بالوحدة الوطنية ودعم وتعزيز مؤسسات الدولة اللبنانية». وأعلن مجددا عن تأييده ودعمه «لإعلان بعبدا» الذي يهدف إلى «تحصين لبنان ضد التداعيات الخطيرة لتطورات الأزمة السورية».

وينص «إعلان بعبدا» على تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليمية والدولية وتجنيبه الانعكاسات السلبية للتوترات والأزمات الإقليمية، كما على دعم الجيش اللبناني ونبذ الاقتتال والعنف. واعتبر تدخل حزب الله في النزاع السوري، خرقا لإعلان بعبدا، كونه لم يلتزم بقرار الحكومة اللبنانية النأي بالنفس عن الأزمة السورية.

وفي السياق نفسه، جدد الرئيس اللبناني ميشال سليمان دعوته إلى التزام «إعلان بعبدا»، لافتا إلى «أهمية وقف التدخل في الأزمة السورية، لأنه ثبت أن لا مصلحة للبنان في ذلك»، مشددا على «أهمية التطلع إلى الشراكة الحقيقية في الداخل التي من دونها لا وجود للبنان». وقال بيان صادر عن رئاسة الجمهورية اللبنانية أمس، إن سليمان تحدث خلال استقباله وفد يجمع البيوتات الثقافية في لبنان عن «أهمية وقف التدخل في الأزمة السورية لأنه ثبت أن لا مصلحة للبنان» في ذلك، مشددا على أهمية التطلع إلى الشراكة الحقيقية في الداخل التي من دونها لا وجود للبنان. وطالب سليمان، بحسب البيان «بعدم تقديم لبنان فدية على مذبح ديمقراطية الآخرين، وخصوصا أنه دفع وضحى بالكثير على مدى عقود للحفاظ على ديمقراطيته وثقافته التي ميزته عن محيطه طوال هذه الفترة». وأشار البيان إلى أن سليمان أبدى أمله في أن «ينكب المجلس النيابي على إعداد قانون جديد للانتخابات النيابية وإجراء الانتخاب على أساسه».

بدوره، اعتبر رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، أن «التفجير الإرهابي الذي استهدف الضاحية هو أكثر من رسالة ويستدعي من الجميع موقفا مسؤولا لمواجهة هذا المسلسل الإجرامي الذي يستهدف الوطن». وشدد الرئيس بري في حديث له خلال «لقاء الأربعاء» النيابي على «ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة في ظل ما تشهده البلاد من ظروف دقيقة وخطيرة».

من ناحيتها، ربطت الأمانة العامة لقوى «14 آذار» بين التفجير وتدخل حزب الله في سوريا. وإذ أدانت «العمل الإرهابي الذي طال الأحياء الأهلية في الضاحية الجنوبية»، أشارت إلى أنها «لطالما حذرت منذ أشهر من عواقب تدخل حزب الله في الأزمة السورية، التي ستطال الجميع من دون استثناء». وأكدت الأمانة العامة لقوى «14 آذار»، في بيان، أن «الحل الوحيد يكمن في العودة إلى الدولة ومؤسساتها، بشروط الدولة وليس بشروط حزب أو طائفة».

وفي سياق متصل، أجرى رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، رئيس كتلة «المستقبل» النيابية، سلسلة اتصالات بشخصيات شيعية، كرر خلالها استنكاره «لجريمة التفجير التي تهدف إلى شق الصفوف وزرع الفتنة بين المسلمين واللبنانيين». بدوره، اعتبر النائب بطرس حرب أن عملية التفجير «عملية جبانة ارتكبها مجرمون يغذيهم الحقد والكراهية والتعصب الأعمى الذي استباح أمن اللبنانيين وسلامتهم وقرروا تحويل لبنان إلى ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات». ودعا «كل اللبنانيين إلى توحيد الصف والالتزام بإعلان بعبدا وعدم إقحام لبنان في صراعات الغير لئلا يتحول لبنان إلى ساحة مستباحة ملؤها العنف والإرهاب والتعصب».