مفتي مصر الأسبق: الجيش أخذ بقاعدة «أخف الضررين» في عزل مرسي

نصر فريد واصل أكد لـ «الشرق الأوسط» أن الاقتتال على السلطة فتنة

TT

أفتى الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق، بأن حمل السلاح الآن في البلاد وسط هذا الجو المشحون بين مؤيدي ومعارضي الرئيس السابق محمد مرسي ووسط المظاهرات في الميادين أمر محرم ويضع صاحبه في إثم كبير، لأنه حمل السلاح بغرض القتل وإراقة الدماء.

وقال الدكتور واصل، إن «قتل النفس البشرية أمر ترفضه الشريعة الإسلامية، فهو مفسدة وجلب للضرر، والإسلام صان هذا الأمر وأعطى حرمة شديدة لإراقة الدماء والقتال، بل أعطى نفس الحرمة لمجرد الشروع في القتل هذا من جانب، وهناك جانب آخر بأن الله تعالى جعل حرمة دم المسلم عنده أشد من حرمة هدم البيت الحرام».

وأضاف مفتي مصر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الإسلام يحرم رفع السلاح في وجه المسلمين والمواطنين الآمنين، كما يحرم على المسلم رفع السلاح في وجه أخيه المسلم»، معتبرا أن القتال الدائر الآن في مصر قتال غير محمود في الإسلام، لأنه قتال بين مسلمين ومسلمين، وللأسف هو قتال على السلطة وهي بحد ذاتها فتنة، والإسلام بشريعته يرفض هذا التقاتل والاقتتال على أمر يعد من عرض الدنيا الزائل أو من أجل طلب منصب في الدنيا أو سلطة، والقرآن الكريم جاء واضحا في تعامله مع هذا الأمر، بأن جعلها أكبر وأشد من القتل، كما أن الفتنة يترتب عليها كوارث لا حصر لها، فالفتنة تخلق بيئة مثالية للقتل والتخريب.

ولخص نصر فريد واصل، وهو عضو بهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، الصراع الحالي الدائر في مصر، بأنه صراع دنيوي ولا علاقة له بالخلافة أو الدين. داعيا الجميع باقتناص فرصة شهر رمضان لعمل مصالحة وطنية تجمع جميع القوى والتيارات والأحزاب، قائلا: «ليكن هذا الشهر بداية لصفحة جديدة في علاقات الناس بعضها ببعض، بحيث تقوم هذه العلاقة على التراحم والألفة».

وطرح الأزهر الشريف مبادرة وطنية لوقف الاقتتال والعنف في مصر بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي، تضمنت اراج اوري عن كل معتقلي الرأي والناشطين السياسيين والقيادات الحزبية، وتعويض أسر الشهداء الذين لقوا مصرعهم في ميادين مصر من كلا الجانبين (مؤيدين ومعارضين للرئيس المعزول)، باعتبارهم وطنيين مصريين، مهما اختلفت آراؤهم ورؤاهم السياسية.

«أخف الضررين» كان مبرر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر خلال لقائه بالقوات المسلحة والقوى الوطنية لعزل الرئيس مرسي، لكن مؤيدي مرسي لا يفهمون هذه القاعدة، أوضح الدكتور فريد واصل أن أخف الضررين أو أخف المفسدتين، هي قاعدة يتم الأخذ بها في أمر ما، بحيث أن تأخذ بأقل الأمرين ضررا، إذا كان المعروض من الأمور فيها ضرر، فيتم الأخذ من هذه الأمور ما هو أقل وأخف ضررا، وكان هذا واضحا في أمر عزل الرئيس السابق باختيار أخف الأضرار.

وعن رأيه في الفتاوى التي صدرت وأفتت بوجوب الدفاع عن شرعية الرئيس المعزول، قال الدكتور واصل، الدفاع عن الشرعية بين مسلم ومسلم، أمر غير مقبول، فالدفاع بالنفس يكون في الحروب مع الأعداء فقط وليس بين المسلمين، مؤكدا أيضا أن اعتداء البعض على أفراد القوات المسلحة في الشوارع محاربة لله ورسوله.

وحول رأيه فيما يردده البعض أن الإسلام لا يعرف السياسة، قال الدكتور نصر فريد واصل إن «الإسلام لا ينعزل عن السياسة العامة أو الخاصة وإنما هو يرتبط بها من خلال أنه يبين المنهج الشرعي الصحيح في السياسة الشرعية التي تحكم العباد والبلاد ملتزمة بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم مما يحقق مصالح العباد والبلاد، فمقولة أنه لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة.. مقولة خطأ، لأن الإسلام عقيدة وشريعة، والشريعة إنما هي تطبيق لواقع الحياة الإنسانية بما فيها الحالة السياسية».