عباس حاول إعادة اللاجئين من سوريا ونتنياهو اشترط تنازلهم عن حق العودة

رئيس السلطة الفلسطينية رفض الشروط الإسرائيلية

جنود إسرائيلون يشاركون في تدريبات عسكرية تحاكي معارك مع حزب الله اللبناني في شمال إسرائيل أمس (رويترز)
TT

في الوقت الذي يعاني فيه اللاجئون الفلسطينيون في سوريا من ملاحقات واعتداءات شتى، حاول الرئيس محمود عباس (أبو مازن) ترتيب إخراجهم من هناك وإعادتهم إلى المناطق الفلسطينية.. لكنه لم يستطع ذلك، لأنه يحتاج إلى موافقة إسرائيل. ووضع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو شرطا للموافقة، هو أن يتنازلوا عن حق العودة، فرفض عباس ذلك. وبقي اللاجئون يعانون في مواقعهم.

هذا ما أكدته مصادر فلسطينية وإسرائيلية في تحقيق خاص بـ«الشرق الأوسط»، تناول قضية هؤلاء اللاجئين. والمعروف أن عدد اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، بلغ نصف مليون، حسب آخر إحصاءات جرت قبيل اندلاع الثورة السورية؛ ثلثاهم يعيشون في منطقة دمشق، والباقون يعيشون في 11 مخيما تابعا لوكالة غوث اللاجئين. وعلى الرغم من أن غالبيتهم الساحقة حرصت على البقاء بعيدا عن الحرب الأهلية في سوريا، ولم ينضموا إلى أي طرف، وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية أكدت طيلة الوقت أنها تريدهم بعيدين عن هذا الصراع، فإن النظام السوري حاول تجنيدهم إلى جانبه واعتبر وقوفهم على الحياد «خيانة» و«طعنة في ظهر النظام الذي احتضنكم».

وفي الأشهر الأخيرة يتعرض هؤلاء اللاجئون إلى ضربات متلاحقة من النظام السوري وفي بعض الأحيان من قوى معينة في المعارضة. وقتل أكثر من 79 لاجئا منهم، حسب تقارير منظمة التحرير. وأكد تقرير لـ«مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا»، أن ثلاثة فلسطينيين قتلوا برصاص قناص في منطقة ببيلا بريف دمشق، وأن الشاب جهاد محمد خير الشهابي قضى إثر إصابته في القصف الذي استهدف بلدة حجيرة بريف دمشق. وأضاف التقرير أن مخيم خان الشيح تعرض للقصف وسقوط عدد من القذائف استهدفت المنطقة الشرقية للمخيم والمزارع المتاخمة له.. ومن الجانب الإنساني لا يزال سكانه يعانون من غياب الدقيق والمحروقات الذي نجمت عنه أزمة في تأمين رغيف الخبز، كما يشكو الأهالي من الحصار الذي يفرضه الجيش النظامي على المخيم والمضايقات التي يقوم بها عناصر حاجز «68» ضدهم. وأفاد تقرير المجموعة بأن مخيم درعا شهد سقوط عدد من القذائف عليه اقتصرت أضرارها على الماديات، وتزامن ذلك مع حدوث اشتباكات عنيفة بين مجموعات الجيش الحر والجيش النظامي. أما من الجانب الاقتصادي، فيعاني سكانه من نقص شديد في المواد الغذائية والأدوية وحليب الأطفال، وعدم توفر خدمات البنى التحتية بكل أنواعها فيه.

لكن أكثر الأضرار وقعت للفلسطينيين في مخيم اليرموك، حيث تمت مهاجمتهم عدة مرات. وسكانه يعانون من استمرار الحصار الذي يفرضه الجيش النظامي على المخيم منذ 18 ديسمبر (كانون الأول) 2012، الذي أدى إلى إغلاق معظم المشافي والمخابز فيه ونفاد المواد الغذائية والأدوية والمحروقات. وأشار التقرير إلى أن اعتقالات واسعة جرت في صفوفهم خلال هذه المدة. واضطر نحو 65 ألف لاجئ منهم إلى الهرب لدول الجوار، خاصة لبنان والأردن.

وإزاء هذه الأوضاع، قرر الرئيس الفلسطيني السعي لدى السلطات السورية، عن طريق روسيا، إلى إخراج هؤلاء اللاجئين من سوريا بصورة منظمة وإعادتهم إلى الوطن، للعيش في الضفة الغربية أو قطاع غزة. ولكن مثل هذا الأمر يتطلب موافقة إسرائيلية، حسب بنود اتفاقيات أوسلو. وتوجه عباس فعلا إلى الحكومة الإسرائيلية طالبا موافقتها، وأبدى استعداده للتساهل في شروطه لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل حول التسوية والذهاب إلى المفاوضات فورا إذا وافقت إسرائيل على إعادتهم. ولكن نتنياهو وضع شرطا تعجيزيا؛ إذ طلب أن يوقع كل لاجئ على كتاب يتعهد فيه بالتنازل إلى الأبد عن حق العودة. وهو الأمر الذي رفضه عباس قطعيا، وتنازل عن فكرة إعادتهم، وراح ينظم مساعدات محدودة لهم، ولكنه لم يستطع عمل الكثير.

يذكر أن اللاجئين الفلسطينيين وصلوا إلى سوريا على ثلاث موجات: في سنة 1948، وهو عام النكبة؛ حيث وصل 90 ألفا، ثم في عام النكسة سنة 1967، ثم في عام 1970 على أثر أحداث «أيلول الأسود» (الصراع بين منظمة التحرير والأردن). وفي مخيم اليرموك وحده، المحاذي لدمشق، يبلغ عددهم 120 ألفا.