وزير الإعلام المغربي: ابن كيران تلقى خمس استقالات من وزراء بشكل فردي

«الاستقلال» يحيل وزيرا إلى «التأديب» جراء رفضه الاستقالة من الحكومة

TT

في أول رد رسمي على استقالة وزراء حزب الاستقلال المغربي من الحكومة، قال مصطفى الخلفي، وزير الاتصال (الإعلام) الناطق الرسمي باسم الحكومة، إن عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة تلقى خمس استقالات من وزراء ينتمون إلى حزب الاستقلال، مشيرا إلى أن «هذه الاستقالات كانت بشكل فردي».

وأوضح الخلفي، الذي كان يتحدث أمس في لقاء صحافي عقب اجتماع الحكومة الأسبوعي بالرباط أن «هذه الاستقالات موضوع دراسة من طرف رئيس الحكومة». وأضاف أن «ابن كيران أكد في بداية اجتماع المجلس أن الحكومة تشتغل بكل وزرائها، الذين يمارسون مهامهم بشكل عادي»، مشيرا إلى أن «هؤلاء الوزراء الذين قدموا استقالتهم يتمتعون بكل حقوقهم ما لم يجرِ إعفاؤهم من طرف الملك محمد السادس الذي له الحق في ذلك».

وفي غضون ذلك، قرر حزب الاستقلال تجميد المهام الحزبية لمحمد الوفا، وزير التربية الوطنية، وإحالته على لجنة التأديب، وذلك بعد أن رفض التوقيع على قرار الاستقالة من الحكومة.

وكان الحزب قد منح الوفا الثلاثاء الماضي مهلة مدتها 24 ساعة للاستقالة من الحكومة «لتدارك هذه الوضعية الشاذة والمسيئة لهذه اللحظة الديمقراطية»، بيد أن الوفا، وهو عضو في المجلس الوطني للحزب (برلمان الحزب) لم يستجب لمطلب الحزب، وامتنع عن تقديم استقالته أسوة بالوزراء الخمسة الآخرين بعد أن قررت هيئاته التقريرية الانسحاب من الحكومة والانتقال إلى المعارضة. وتشبث الوفا بمنصبه مؤكدا أن الملك محمد السادس هو من بيده أمر إعفاء الحكومة.

وفي سياق ذلك نصح قيادي استقلالي مناوئ للأمين العام للحزب، حميد شباط، الوزير الوفا بالطعن في قرار تجميد مهامه الحزبية لأنه لم يعصِ قرار المجلس الوطني، لأن هذا الأخير لم يتخذ أصلا قرار الانسحاب من الحكومة، على حد قوله.

ومنذ تعيينه وزيرا للتربية الوطنية اتخذ الوفا، وهو من القياديين القدامى في حزب الاستقلال، عددا من الإجراءات الجريئة من أجل إصلاح القطاع، كما أن تصريحاته المثيرة تناقلتها وسائل الإعلام على نطاق واسع.

ونال الوفا شهرة واسعة لدى طلبة المدارس بسبب حربه المعلنة ضد الغش في امتحانات الباكالوريا (الثانوية العامة). وعزت الأمانة العامة لحزب الاستقلال، في بيان لها أصدرته أمس، قرار تجميد المهام الحزبية للوزير الوفا، وإحالة ملفه للجنة الوطنية للتحكيم والتأديب، إلى «مخالفة الوزير لقوانين الحزب وأنظمته ولوائحه»، مشيرة إلى أنه «مس بمبادئه وأهدافه وخرج عن خططه وبرامجه، كما أنه أضر بمصالح الحزب وعصى مقرراته».

وأوضح البيان ذاته أن قرار التجميد جاء «على إثر عدم انضباط الوفا عضو المجلس الوطني لقرار المجلس، والقاضي بتقديم جميع وزراء الحزب لاستقالتهم من الحكومة التي يقودها الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله ابن كيران»، مضيفا أنه جرى تفعيل القرار «بعد استنفاد الوزير الوفا لمهلة 24 ساعة التي منحتها له الأمانة العامة للحزب لتشريف مساره في الحزب والمسؤوليات التي تقلدها في الدولة».

وتعليقا على قرار تجميد المهام الحزبية للوزير الوفا، قال انس بن سودة، عضو المجلس الوطني لحزب الاستقلال، والقيادي في تيار «بلا هوادة» المناوئ لحميد شباط، الأمين العام للحزب لـ«الشرق الأوسط» إن ما حدث سابقة داخل الحزب، إذ جرى من قبل توقيف وتجميد عضوية برلمانيين أو أمناء محليين، لكن لم يسبق أن تم توقيف وتجميد مهام وزير.

وأضاف أن الوفا لم يكن محسوبا لا على تيار شباط ولا على تيار «بلا هوادة»، مشيرا إلى أنه بإمكان الوفا الطعن في قرار التوقيف والتجميد لأنه صدر عن أجهزة مطعون في شرعيتها، ولا يمكن الادعاء أنه «عصى قرار المجلس الوطني». وزاد قائلا: «هذه مصيبة حلت بالحزب».

وأوضح بن سودة أن المجلس الوطني لحزب الاستقلال لم يقرر الانسحاب من الحكومة لأنه لم يكن مطروحا على جدول أعماله هذا الموضوع عند انعقاد اجتماعه في 11 مايو (أيار) الماضي، مشيرا إلى أن شباط وأتباعه هم من قرروا الانسحاب، مشيرا إلى أن قرارا من هذا القبيل كان يجب الحسم فيه عبر الصندوق داخل المجلس الوطني أو عقد مؤتمر وطني استثنائي للبث فيه.

وبخصوص ما إذا كان الحزب سينفذ بالفعل قرار الطرد في حق الوزير الوفا، قال بن سودة إنه حسب علمه فإن الأمر لا يتعلق بطرد، بل بتجميد العضوية والإحالة على لجنة التأديب، التي عينها شباط ولم ينتخب أعضاؤها، موضحا أنه بالنظر إلى حالات توقيف سابقة لبرلمانيين أو أعضاء في أجهزة الحزب، فإن عضوية هؤلاء ظلت مجمدة مدة 20 سنة ولم تحسم اللجنة في قضيتهم، حتى إن بعضهم توفوا ولم يتخذ أي قرار في حقهم، على حد قوله.

وكان أنس بن سودة وحمدون الحسني المحسوبين على تيار عبد الواحد الفاسي، القيادي الاستقلالي، والمرشح السابق للأمانة العامة للحزب إلى جانب شباط، قد رفعا دعوى أمام المحكمة للطعن في شرعية انتخاب شباط وجميع هياكل الحزب التي أفرزها المؤتمر الوطني السادس عشر للحزب، بيد أن المحكمة الابتدائية قضت في مارس (آذار) الماضي برفض دعوى الطعن، وأقرت شرعية انتخاب شباط أمينا عاما، وباقي الهياكل المنبثقة عن المؤتمر، إلا أن بن سودة والحسيني قررا استئناف الحكم.