الولايات المتحدة تحذر من خطورة الأوضاع في ولاية غنية بالنفط بجنوب السودان بسبب الاقتتال

المتحدث باسم الجيش لـ «الشرق الأوسط»: على واشنطن أن تضغط على الخرطوم لوقف دعمها للتمرد

TT

حذرت الولايات المتحدة ومنظمات دولية من خطورة الأوضاع في ولاية جونقلي الغنية بالنفط، التي تقع شرق دولة جنوب السودان، محملة الحكومة مسؤولية ما ينجم من أوضاع إنسانية.. غير أن متحدثا باسم الجيش الشعبي نفى أن تكون قواته ضالعة في انتهاكات، داعيا واشنطن للضغط على الخرطوم لكي تكف عن دعمها للجنرال ديفيد ياو ياو الذي يقود تمردا ضد الدولة. في وقت اتهم فيه الأمين العام للحركة الشعبية الحاكمة في جنوب السودان باقان أموم الرئيس السوداني عمر البشير شخصيا مع جهات دولية لم يسمها بأنهم يقودون مؤامرة كبيرة ضد قبيلة «الدينكا نقوك» في منطقة آبيي الغنية بالنفط والمتنازع عليها بين الدولتين.

ووجهت السفارة الأميركية في جوبا في بيان لها انتقادات نادرة ما توجهها لحليفتها دولة جنوب السودان، واتهمتها بالفشل في حماية المدنيين في ولاية جونقلي شرق البلاد، حيث يدور فيها قتال بين الجيش الشعبي والمتمردين بقيادة ديفيد ياو ياو، وهو أستاذ لاهوت سابق من قبيلة «المورلي». وأضاف بيان السفارة: «يمثل عدم اتخاذ إجراءات لحماية المدنيين تنصلا جسيما من المسؤولية للجيش الشعبي والحكومة المدنية»، ودعت جوبا لمنع هجمات قوات الجيش الشعبي على موظفي الأمم المتحدة وموارد الوكالات الإنسانية، على خلفية مقتل عدد من جنود البعثة الدولية في بلدة «بيبور» في ولاية جونقلي في مايو (أيار) الماضي.

وتواجه هذه الدولة الأفريقية التي احتفلت الثلاثاء الماضي بالذكرى الثانية لاستقلالها تمردا من بعض الميليشيات القبلية تطالب باقتسام السلطة، وقد وجه رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت نداءات متكررة للعفو العام عن المتمردين ضده، آخرها كانت في أبريل (نيسان) الماضي.. غير أن ديفيد ياو ياو لم يستجب لنداء العفو الرئاسي، وما زال يقود عملياته التي بدأها في أبريل عام 2011 ضد جيش جنوب السودان، وفشلت شركتا «توتال» الفرنسية و«اكسون» الأميركية في مواصلة التنقيب عن النفط.

غير أن المتحدث باسم جيش جنوب السودان فيليب أقوير رفض تلك الاتهامات، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن قوات الجيش الشعبي داخل «الخنادق» في منطقة البيبور في ولاية جونقلي لمواجهة أي هجوم من قوات المتمرد ديفيد ياو ياو، مجددا اتهامات بلاده للخرطوم بمواصلة دعم ياو ياو بالأسلحة الثقيلة والخفيفة.

وقال أقوير: «لدينا أدلة تثبت تورط النظام السوداني وأنه ما زال يواصل دعمه للمتمرد ديفيد ياو ياو في ولاية جونقلي»، وأضاف أنه «على واشنطن أن تمارس ضغوطها على الخرطوم للكف عن دعم المتمردين الذين يحاولون نسف استقرار بلادنا». وتابع أنه «ليس هناك جديد في البيانات التي تصدر كل مرة، لأننا في مواقع الدفاع ولا نتحرك خارج الخنادق.. ومنذ 22 مايو لم تحدث مواجهات مع قوات التمرد في البيبور»، مضيفا استعداده لإجراء أي تحقيقات إذا كانت هناك تجاوزات في منطقة بيبور، مشددا على أن قواته في حالة استنفار لمواجهة قوات ديفيد ياو ياو المدعوم من السودان.

وكانت رئيسة بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان هيلدا جونسون قد حذرت عشية الذكرى الثانية لدولة جنوب من مصاعب تطبيق الإصلاحات السياسية وتعزيز المؤسسات العامة، رغم أنها أشارت إلى أن الحكومة اتخذت خطوات مهمة في مجالات تكريس السلام والقطاع الأمني وفرض سيادة القانون. لكنها أشارت إلى أن العنف في جونقلي سيسبب عواقب مأساوية على البعثة الأممية حيث قتل 5 من جنود قوات حفظ السلام ومدنيين في هجوم مسلح.

وتعد ولاية جونقلي مرتعا للأسلحة والأحقاد المتراكمة بين قبائلها. وخلال الحرب الأهلية كانت قبيلة «المورلي»، التي ينتمي إليها ياو ياو، تحارب مع جيش الخرطوم الذي كان يسلحها ضد متمردي الجيش الشعبي في ذلك الوقت، وهي لا تزال موضع ريبة لدى باقي قبائل جنوب السودان.

إلى ذلك قال رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى ثابو مبيكي عقب لقائه مع سلفا كير ميارديت في جوبا، إنه ناقشا عددا من القضايا العالقة بين السودان وجنوب السودان أبرزها الحل النهائي لمنطقة آبيي. فيما اتهم الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم الرئيس السوداني عمر البشير وبعض الجهات دولية وأخرى داخل بلاده - لم يسمها - بأنهم يقودون مؤامرة كبيرة ضد إجراء استفتاء مشايخ قبيلة «دينكا نقوك» في منطقة آبيي للاختيار بين السودان وجنوب السودان.

وأضاف أن المؤامرة ظهرت تجلياتها بشكل واضح باغتيال زعيم القبيلة كوال أدول في أبريل الماضي، وقال: إن معالم المؤامرة تتم بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والتهجير القسري في آبيي حتى تسيطر الحكومة السودانية على المنطقة وضمها إلى أراضيها، مشيرا إلى أن بعض الدوائر في جنوب السودان تردد أن آبيي شمالية وأنها ستصبح كشمير جديدة، وأنه على جوبا ألا تتدخل في مشاكل مع الخرطوم بسبب آبيي، وقال: إن «هذه مؤامرة خطيرة وتكلفتها باهظة وستسبب جرحا غائرا في ضمير الجنوبيين».