أنباء عن استعداد الأسد لتجنيس آلاف الشيعة بهدف إحداث تغييرات ديموغرافية بالسويداء

الشوفي: إحالة منتهى الأطرش إلى محكمة الإرهاب ليست إلا من باب الترهيب

TT

لا تزال قضية الناشطة الحقوقية والناطقة باسم المنظمة السورية لحقوق الإنسان، منتهى الأطرش، المقيمة في السويداء، تأخذ حيزا من اهتمام المعارضة السورية التي استنكرت طلب وزارة العدل تحريك الدعوى العامة بحقها بتهمة دعم الإرهاب والتحريض، في حين تقاطعت المعلومات لناحية عمل نظام الرئيس بشار الأسد منذ نحو 6 أشهر على ما يمكن تسميته بـ«حملة تغيير ديموغرافي» في السويداء، ذات الغالبية السكانية الدرزية.

وتجري «حملة التغيير» هذه في اتجاهين، وفق ما يقوله لـ«الشرق الأوسط» عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني السوري، جبر الشوفي، وهما، محاولات «تشييع» عدد من أبناء السويداء، (دفعهم إلى اعتناق المذهب الشيعي)، ومنح أشخاص تابعين لحزب الله اللبناني الجنسية السورية للإقامة في منطقة تعرف بـ«القنوات»، قريبة من السويداء. وفي حين باءت المحاولات الأولى بالفشل، نظرا إلى طبيعة مجتمع أهل السويداء، وفق الشوفي، فهناك وقائع وإثباتات عدة تؤكد قيام النظام بمنح جنسيات لعناصر من حزب الله، لتحويلهم إلى «حراس أمنيين» له في هذه المنطقة، على حد تعبير الشوفي. ويوضح المعارض السوري أن ثمة «محاولات لاستمالة أبناء السويداء لتشييعهم، وهي حملات قديمة جديدة، لكن ما يمكننا التأكيد عليه، هو أن هذه الحملات لا تلقى آذانا صاغية من المجتمع، باستثناء حالات معدودة، لا تعدو كونها تحمل طابعا أمنيا من الموالين والمناصرين للنظام ولا سيما المرتبطة بالنائب اللبناني وئام وهاب»، على حد ادعائه. لكن الشوفي يشدد على أنه من «الصعب اختراق البيئة المحافظة في السويداء»، ويقول: «عنصر الشباب في هذه المنطقة هم من المثقفين الخارجين عن الأجندات الدينية الضيقة، وليسوا في عداد المتدينين المتعصبين، وبالتالي فهم يتعاملون مع الحالة الدينية بشكل مرن وليسوا على استعداد للمقايضة في هذا الأمر أو استبدال أي طائفة بأخرى».

ويلفت الشوفي إلى أنه و«إن كانت هذه المحاولات قديمة، إلا أنّها لا تزال في إطار ضيق وسري لا يجرؤ النظام ورجاله في المنطقة على طرحها بشكل علني واضح». وتتقاطع معطيات الشوفي مع تقارير صحافية نشرتها وكالات الأنباء العالمية نقلا عن مصادر سورية، لناحية إشارتها إلى أن الأسد «فتح أخيرا باب منح الجنسية السورية لنحو 40 ألف شخص معظمهم من التابعين لحزب الله بفرعيه اللبناني والعراقي الذين يقاتلون إلى جانب قوات الأسد فضلا عن مدنيين من نفس الطائفة». وأشارت المصادر إلى أن «المسلحين المساندين للرئيس الأسد الذين دخل قسم منهم إلى محافظة السويداء، ذات الغالبية الدرزية، أقاموا في المدينة الرياضية على طريق منطقة قنوات، والقسم الآخر منهم يستقدمهم النظام تباعا»، مشيرة إلى أن «الأشخاص الذين سيحصلون على الجنسية السورية ستكون أسماء عائلاتهم (نسب العائلة) من أسماء العائلات الدرزية المعروفة والأصلية سكان المنطقة ومحيطها وأن السلطات باشرت فعليا بالمشروع منذ نحو أسبوع».

وفي السياق نفسه، ذكر التقرير أنّ هذه الحملات «تأتي ضمن مشروع احتلال شيعي للسويداء ومشروع الفتنة الذي يعمل عليه نظام الأسد منذ فترة في البلاد»، لافتة إلى أن «عدد الموجودين حاليا في المدينة الرياضية بلغ نحو 2400 شخص حتى الآن وأن السلطات أعطت صلاحيات واسعة في هذا الشأن لوجهاء من أهالي السويداء ومشايخ من الدروز مثل شيخ العقل نزيه حسين جربوع والشيخ حكمت الهجري المعروفين بتأييدهم للنظام، وهو ما يعني بداية تشكيل ميليشيا جديدة من المجنسين الجدد تعمل تحت إمرة عناصر حزب الله في السويداء»، بحسب الوكالة.

ويشكل أبناء الطائفة الدرزية نحو 4 في المائة من سكان سوريا. وهم يتوزعون، إضافة إلى محافظة السويداء التي تعتبر أحد معاقل الدروز السوريين، في جبل السماق بمنطقة حارم في إدلب. وفي الجولان المحتل، توجد غالبية الدروز في بلدة (حضر) الواقعة داخل القسم المحرر وبلدات وقرى خاضعة للاحتلال الإسرائيلي، كمجدل شمس ومسعدة وبقعاتا وعين قنية. وتتزامن هذه الأنباء مع تفاعل قضية المعارضة السورية منتهى الأطرش، ابنة الزعيم التاريخي للدروز سلطان باشا الأطرش. وقال الشوفي في هذا السياق إنّ «الدعوات لمحاكمتها لم تلق تجاوبا ولن يستطيع أحد إحالتها إلى المحكمة»، مضيفا: «هي موجودة في السويداء وتطلق مواقفها من هناك ولم يجرؤ النظام على اعتقالها أو اقتحام منزلها».

وأعرب عن اعتقاده أن «كل هذا الكلام ليس إلا من باب التخويف والترهيب، ولا يمكن أن يوصل إلى أي نتيجة». ويعتبر الشوفي أنّ «الأطرش، وهي سيدة متقدمة في السن، تشكّل حالة رمزية في السويداء، ويعرف النظام أنّ تحويلها إلى المحكمة سينعكس سلبا عليه وعلى رجاله وسينتج عن هذه الخطوة رد فعل عام في مجتمع السويداء».

وبإحالة ملف منتهى الأطرش إلى محكمة الإرهاب، تنضم إلى شخصيات معارضة سوريا أخرى كان قد سبق الادعاء عليهم أمام المحكمة نفسها، كالفنانة مي سكاف والمعارض ميشال كيلو وجورج صبرة رئيس المجلس الوطني وكمال اللبواني ورياض حجاب، وغيرهم من المئات من المعارضين السوريين.

وكانت هذه المحكمة قد أصدرت حكما بالإعدام بحق كل من عبد الحليم خدام ورجل الأعمال السوري فراس طلاس أوائل الشهر الفائت، علما أنّ «محكمة الإرهاب» التي تنظر في القضايا المتعلقة بـ«جرائم إرهاب الدولة ومحاسبة مرتكبيها»، هي نفسها التي كانت تسمى قبل الثورة السورية، «محكمة أمن الدولة»، والتي لطالما عرفت بأحكامها القاسية ضد المعارضين السوريين. لكن بعد انطلاق الثورة واعتبار النظام كل المعارضين «إرهابيين»، صدر مرسوم رئاسي رقم 22 عام 2012 للإعلان عن إنشاء هذه المحكمة بدلا عن الأولى التي تم إلغاؤها.