انطلاق الدروس الرمضانية بحضور العاهل المغربي الملك محمد السادس

وزير الأوقاف المغربي يحاضر حول الشعور الوطني عند المغاربة عبر التاريخ

الملك محمد السادس يؤدي صلاة الجمعة في مسجد العتيبة بالرباط أمس (ماب)
TT

استبعد أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي، أن يكون الشعور الوطني مجرد شعارات قولية، مؤكدا أنه وقائع تاريخية بنى من خلالها المغاربة شخصيتهم المتميزة في ميادين السياسة والمجتمع والثقافة، ومن خلال التفاعل مع الأرض وكل ما تتجلى فيه عبقرية الإنسان وعطاء المكان. وأوضح التوفيق أن الشعور الوطني في حياة شعب من الشعوب يتجلى في أربعة مظاهر هي دفع الغزو الأجنبي، ودفع كل تهديد داخلي صادر عن أي جهة تضر بسيادة الوطن أو هويته وأمنه واستقراره، وكل أعمال البناء التي تخدم الوطن، لا سيما في وضع المقومات المشكلة لشخصيته، وكل أعمال صيانة المكتسبات وتجليات الشكر لله.

واعتبر التوفيق أن محبة الوطن قديمة بقدم العالم، وأن الشعور الوطني هو الذي عبأ عددا من الشعوب ضد الغزو والظلم، مضيفا أنه محبة تتخذ أفقا يستند بدرجات متفاوتة إلى عناصر مشتركة كالجغرافيا والجنس واللغة والدين والعوائد والتاريخ.

وانطلق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي في الدرس الافتتاحي للدروس الحسنية الرمضانية، الذي اختار له عنوان «الشعور الوطني عند المغاربة عبر التاريخ»، وألقاه مساء أول من أمس في القصر الملكي بالرباط في حضور العاهل المغربي الملك محمد السادس، الذي كان مرفوقا بولي العهد الأمير مولاي الحسن، والأمير مولاي رشيد، والأمير مولاي إسماعيل، وعلماء ومفكرون من جميع أنحاء العالم الإسلامي، من قوله تعالى: «الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور»، موضحا أنها أنسب ما في القرآن الكريم لتأصيل مفهوم الوطنية والشعور الوطني، مشيرا إلى أنه قد لا ينتبه لهذه الآية من يعتبر ذلك المفهوم مقترنا بنزعات من قبيل الحمية والتعصب أو حتى مدافعة العدو، التي ليس من ورائها الانتصار للحق.

وقال التوفيق إن العلاقة التي يمكن أن تكون بين المواطن والوطن من منظور هذه الآية هي علاقة التعبير الفعلي عن الشكر الموجب للالتزام، مضيفا أن العلاقة بين الوطن والأمة يتضح الكلام فيها بوقائع بارزة على امتداد تاريخ المغرب، ومنها البناء السياسي النابع من العمق الاجتماعي في توازن مع الانتماء للأمة وخدمة الأمة بالرسالة الدينية والحضارية لا سيما في الأندلس، وأفريقيا، ثم ثالثا الإبداع الحضاري المميز للمغرب. وتناول التوفيق في تفسير مختلف تلك الوقائع ثلاث مراحل تهم الدولة المغربية، وتتعلق بمرحلة التشكيل والتأسيس من قبل الإسلام إلى نهاية الموحدين، ثم مرحلة الاستكمال (العصرين المريني والوطاسي)، ثم مرحلة التكريس (العصرين السعدي والعلوي).

وبخصوص العهدين السعدي والعلوي، أبرز التوفيق مظهرين من الشعور الوطني، هما مظهره في حالة مواجهة الغزو الأجنبي في عهد السعديين، ومظهره في حالة إعادة الوحدة الداخلية وإعادة بناء التوافق وخدمة المجتمع في عهد العلويين. وقال: «في العهد السعدي شاركت جميع المكونات الأمازيغية والعربية والأندلسية في تحرير الأرض من المحتلين»، واعتبر أن واقعة وادي المخازن جاءت لتبلور تحرك وطن بكامل مكوناته، مشيرا إلى أنه لولا هذا الشعور الوطني العارم لم يكن لعبد الملك ولا لأخيه أحمد المنصور أن يهيئا في شهر واحد ما يلزم لمواجهة آلة عسكرية أوروبية قوية في معركة جرى الإعداد لها لمدة أربع سنوات، وشارك فيها إلى جانب البرتغاليين إسبان وإيطاليون وألمان، حيث انتصر المغاربة، وكان لانتصارهم وقع وأثر دولي بعيد.

واستنتج التوفيق أن ترتيب الأولويات في كل عمل وطني هو دولة قوية لضمان الوحدة والسيادة والأمن، وبذلك تتوفر شروط الحفاظ على الحماسة الوطنية بالعدل والكرامة وهما شرط العبادة، كما أبرز مميزات النظام السياسي المبني على إمارة المؤمنين والثوابت الدينية في العقيدة والمذهب والسلوك، وأوضح أن المقومات التي شيدها الناس عبر التاريخ على أساس أنها اختيارات هي الأسباب الشرعية والموضعية لما يشعرون بأنه داخل في بركة هذا البلد وفي عناية الله بمسيرته. وخلص التوفيق إلى أن التحدي القائم أمام المغاربة هو بلورة اجتهادات الناس في حسن فهم البناء الذي آل إليهم، ولا سيما بالتحقق من أنه من ثمرات الاجتهاد، ومن أنه بناء غال في قدره ونفيس في قيمته يتطلب الاستمرار على الشكر والفقه السياسي الكبير المتوقف على العلم والإخلاص. يشار إلى أن وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي قدم للعاهل المغربي في ختام درسه، لوحة مخطوطة للمصحف المحمدي الشريف هي عبارة عن طبعة فاخرة بإنجاز يدوي للمصحف الشريف كاملا وفق رواية ورش، وتضم 120 لوحة مصغرة كل لوحتين منها تشكل حزبا واحدا خططت بالخط المغربي المجوهر، تتخللها أضلاع عمودية مطلية بماء الذهب الخالص من عيار 24 قيراطا وتعلوها زخرفة أصيلة. وأنجزت على ورق خاص من عينة شبيهة بورق البرشمان النفيس صنع في مادته وحجمه خصيصا لهذه اللوحة، أما إطارها فهو من الخشب الصلب وهو مطلي بمادة عاجية اللون ومرشوش بماء مذهب أنيق.

استكمال النقاش حول الدستور التونسي أهم النقاط الخلافية .. مدنية الدولة وعلاقتها بالدين وتوزيع السلطات تونس: المنجي السعيداني استكمل أعضاء المجلس التأسيسي التونسي (البرلمان) جلسات النقاش العام حول المسودة الرابعة للدستور في ظل تواصل الخلاف بين المعارضة والائتلاف الثلاثي الحاكم حول جملة من الفصول القانونية من بينها الحسم في طبيعة النظام السياسي المزمع اعتماده في تونس، والصلاحيات الممنوحة لكل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وضرورة توازن القوى بينهما.

وعلى الرغم من العديد من التنازلات التي نفذتها حركة النهضة خاصة في مجال تطبيق الشريعة واللجوء إلى نظام سياسي معدل بدل النظام البرلماني الذي نادت به خلال حملتها الانتخابية في شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2011، فإن الأحزاب اليسارية المعارضة لا تزال متخوفة من تهديد مدنية الدولة التونسية والقول بتحضير التيارات الإسلامية لبناء دولة دينية لا تؤمن بالحريات الجماعية والفردية.

وتمكن الفرقاء السياسيون خلال الأشهر الماضية من تشكيل هيئة عليا للإعلام السمعي والبصري، كما تم انتخاب أعضاء الهيئة العليا للقضاء العدلي التي انطلقت في عملها أول من أمس، ولا يزال طريق الوصول إلى تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية يتطلب انتخاب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والاتفاق حول القانون الانتخابي والمصادقة على الدستور.

وتشمل قائمة النقاط الخلافية مدنية الدولة وعلاقتها بالدين، وباب الحقوق والحريات، وكيفية توزيع السلطات بين رئيس الدولة ورئيس الحكومة، واستقلالية القضاء، والمحكمة الدستورية، بالإضافة إلى الأحكام الانتقالية.

وفي هذا الشأن، قال الحبيب خضر المقرر العام لمشروع الدستور لـ«الشرق الأوسط» إن اجتماع أول من أمس بين أعضاء المجلس التأسيسي كان مهما للغاية، حيث تم تحديد القائمة النهائية لأعضاء «لجنة التوافقات» وتم تحديد قائمة بالنقاط الخلافية المعروضة على لجنة التوافقات المنتظر أن يتم التوافق حولها قبل عرضها على الجلسة العامة. وأضاف خضر أن نسق عمل اللجنة سيكون بحساب ثلاث جلسات في الأسبوع ومن المتوقع برمجة بعض الجلسات الليلية للإسراع بالنظر في تلك الخلافات.

ونفى خضر الاتهامات القائلة بتباطؤ عمل المجلس التأسيسي، وقال إن جلسات لجنة التوافقات لن تعطل الجلسات العامة المخصصة لمناقشة مشروع الدستور.

وتوقع خضر أن يتجاوز التونسيون خلافاتهم السياسية ويغلبون المصلحة العامة للبلاد، وقال إن كافة جلسات المناقشة التفصيلية لمشروع الدستور ستدرك خط النهاية مع نهاية شهر يوليو (تموز) الجاري على أن تتم المصادقة على الدستور في قراءته الأولى نهاية شهر سبتمبر (أيلول) القادم.

وتتطلب عملية المصادقة على الدستور التونسي الجديد توفر 109 أعضاء (51 في المائة من مجموع النواب) في القراءة الأولى و144 صوتا (ثلثا أعضاء المجلس) في القراءة الثانية من بين 217 عضوا يمثلون مجموع أعضاء المجلس التأسيسي.

وتتركب لجنة التوافقات التي تم تشكيلها لتجاوز مجموعة النقاط الخلافية بين الحكومة والمعارضة من 21 عضوا من بينهم 6 أعضاء من حركة النهضة وعضوان من حزب التكتل ومثلهما من الجبهة الشعبية وتتوزع البقية على أحزاب سياسية ممثلة في المجلس التأسيسي (البرلمان) ونواب مستقلين سياسيا.

وكان الرئيس التونسي المنصف المرزوقي قد اجتمع بقصر قرطاج أيام الأربعاء والخميس والجمعة بمجموعة من القيادات السياسية وأجرى معها مشاورات حول الوضع السياسي العام في البلاد وآليات تسريع ما تبقى من المرحلة الانتقالية عبر بلورة جملة من التوافقات الوطنية الهادفة إلى اختزال فترة الانتقال الديمقراطي وما قد تفرزه من تأزم على مستوى الشارع التونسي.

من ناحية أخرى، عرفت مدينة منزل بورقيبة (60 كلم شمال غربي العاصمة التونسية) ليلة الجمعة، أعمال عنف ومناوشات بين مواطنين غاضبين وقوات الأمن بعد فشل جلسة مفاوضات بين المشرفين على مصنع خاص ووزارة الشؤون الاجتماعية والتهديد بغلق المصنع وإيقاف أكثر من أربعة آلاف شخص عن العمل. وخلفت المواجهات التي استعملت فيها الحجة من جانب المحتجين والغاز المسيل للدموع من قبل أعوان الأمن، إصابة عوني أمن وإيقاف 12 فردا من بين المحتجين.