جيش النظام يفشل في اقتحام القابون بدمشق.. و«الحر» يستهدف منصات الصواريخ في حمص

اشتباكات بين مقاتلي المعارضة وتنظيم «دولة العراق والشام الإسلامية» في إدلب

مرقد الصحابي الجليل خالد بن الوليد بعد تعرضه لقصف جيش النظام أمس (عدسة شاب حمصي)
TT

لم تستطع قوات نظام الرئيس بشار الأسد إحداث اختراق في جبهة القابون، بوابة دمشق الشمالية وأحد أهم معاقل المعارضة المسلحة في العاصمة السورية، حيث أمطرت الحي الذي يقطنه أكثر من 30 ألف مدني بوابل من قذائف الهاون ومدافع الدبابات وصواريخ «أرض - أرض» متبعة استراتيجية الأرض المحروقة، وهي الاستراتيجية ذاتها، التي مكّنت الجيش النظامي من استعادة السيطرة على مدينة القصير في محافظة حمص. في موازاة ذلك، قصف الجيش السوري الحر منصات راجمات الصواريخ الموجودة في الأحياء الموالية لنظام الأسد في مدينة حمص، وفق ما ذكر ناشطون. كما برزت أمس أنباء عن وقوع اشتباكات بين مقاتلي «الحر» من جهة وتنظيم «دول العراق والشام الإسلامية» في محافظة إدلب.

وأفاد ناشطو الثورة في دمشق بأن «القوات النظامية شنت فجر أمس، حملة شرسة على حي القابون حيث سقطت صواريخ أرض - أرض وقذائف دبابات».

وأشار النقيب المنشق علاء الباشا عضو المجلس الثوري العسكري الأعلى في دمشق لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «كل مآذن القابون تم هدمها جراء القصف النظامي»، مؤكدا أنه «القذائف تسقط بمعدل قذيفة كل خمس دقائق على الحي المحاصر منذ ثلاثة أشهر». ولفت إلى أن «نقص الذخيرة يدفع (الجيش الحر) لخوض معركة دفاعية».

وبقي حي القابون الاستراتيجي الذي يعتبر مدخل دمشق الشمالي ونقطة تقاطع كثير من الطرق، تحت سيطرة المعارضة لمدة تسعة أشهر، إذ تمركزت فيها عدة كتائب تابعة للجيش الحر أبرزها كتيبة «البدر» و«السلف الصالح» و«أحرار قاسيون» و«دمشق عاصمة الأمويين» و«مجاهدي الصالحية»، ويقع الحي على بعد ثلاثة كيلومترات من ساحة المرجة، مركز مدينة دمشق، ويحده من الشمال حي برزة، ومن الشرق حرستا، ومن الجنوب حي جوبر.

ويقع في الحي وحدات تابعة للحرس الجمهوري (سرايا الدفاع سابقا)، كما يوجد فيه كلية الشرطة، والمقر الرئيس للمخابرات الجوية، وكراج انطلاق البولمان (الباصات) نحو شمال سوريا، كما توجد فيه شركة الكهرباء ووحدات التغذية التي تغذي معظم العاصمة بالكهرباء. وقد ابتدأت المعارك فيه عقب سيطرة الجيش الحر على معمل الصابون المقابل للشركة الخماسية، مكان تجمع الشبيحة. وبحسب الباشا فإن «اقتحام الحي من قبل القوات النظامية التي باتت تتمركز على أطرافه يعني تعريض حياة أكثر من 3500 مدني لخطر المجازر وتكرار سيناريو (مدينة القصير) في العاصمة».

كما أشار إلى أن «سقوط القابون سيؤثر على خطوط إمداد المعارضة في دمشق، بسبب موقعه على طريق دولي يربط حمص بالعاصمة».

من جهته، قال عضو مجلس قيادة الثورة في دمشق وريفها أبو حمزة الداراني، إن «الحالة الإنسانية في هذا الحي سيئة للغاية، في ظل غياب الماء والكهرباء»، مشيرا إلى أن «المستشفيات الميدانية مكتظة بالجرحى والمصابين»، وكان «الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة السورية» قد طالب في بيان له، المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان، بتحرك عاجل وسريع لنجدة آلاف المحاصرين من المدنيين في حيي القابون وبرزة، محذرا من وقوع أعمال تنكيل وتصفية بحق المدنيين.

ولم تحل التطورات الميدانية على جبهة القابون دون استمرار المعارك على بقية الجبهات في العاصمة السورية، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة بين «الجيش الحر» والقوات النظامية في حي جوبر بالقرب من ساحة العباسيين (شرق)، بحسب ناشطين، إضافة إلى معارك عنيفة على عدة محاور من مدينة المعضمية بريف دمشق بالتزامن مع قصف عنيف من قبل القوات النظامية. كما أفاد ناشطون عن اشتباكات بين الجانبين في شارع فلسطيني بمخيم اليرموك.

في موازاة ذلك، أفادت مصادر ميدانية معارضة، بأن كتائب «الجيش الحر» قصفت بعض الأحياء الموالية للنظام في حمص مع استمرار المعارك العنيفة في المدينة، وأوضح الناشطون أن «القصف استهدف أحياء النزهة والزهراء وعكرمة ذات الغالبية العلوية بصواريخ «غراد» وقذائف «هاون»، مما أدى إلى سقوط كثير من القتلى في صفوف القوات النظامية وعناصر «الشبيحة». وأوضح خالد البكار المنسق العام لكتائب وألوية سيوف الحق التابعة للمجلس العسكري في حمص لـ«الشرق الأوسط» أن «الهدف من قصف الأحياء الموالية للنظام تخفيف الضغط على حمص القديمة التي تتعرض يوميا للقصف بصواريخ (سكود)»، مشيرا إلى أن «المقاتلين المحاصرين في حمص لا يستطيعون الرد على الطائرات أو الصواريخ، فلا يبقى أمامهم سوى استهداف الأحياء التي تتحصن بها القوات النظامية».

وأشار إلى أن «استراتيجية الجيش الحر في حمص تقوم على استنزاف القوات النظامية في معارك جانبية لتخفيف الضغط على مناطق المعارضة المحاصرة»، مؤكدا أن «العملية التي شنتها كتائب الحر ضد معاقل الجيش النظامي في تلكلخ وكبدتها خسائر مادية وبشرية فادحة ساهمت في تخفيف الضغط على مقاتلي حمص المحاصرة».

وتقدر نسبة العلويين المؤيدون لنظام الأسد في حمص بنحو 10 في المائة من سكان حمص، ويتركزون في أحياء عكرمة والزهراء والنزهة، وهم في معظمهم ضباط ورجال أمن هاجروا إلى حمص من أرياف اللاذقية وطرطوس وحماه، بعد وصول الأسد إلى السلطة. لكن، حملات القصف والتدمير التي طالت المدينة من قبل النظام، إضافة إلى المجازر المتتالية التي ارتكبتها عناصر (الشبيحة) الموالية له دفعت أعدادا كبيرة من سكان حمص السنة إلى مغادرتها ليصبح التوزيع الديموغرافي بين السنّة المناصرين للثورة والعلويين الداعمين للنظام متساويا.

وبالتزامن مع ذلك، ظهرت دعوات أطلقتها المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة نافي بيلاي ومنسقة الشؤون الإنسانية في المنظمة الدولية فاليري أموس في نداء مشترك للمطالبة بهدنة في مدينة حمص، وللسماح بوصول المساعدات إلى السكان. وطالبت المؤسسات الدولية بإقامة ممر آمن فوري للمدنيين وعمال الإغاثة في كل من حمص وحلب اللتين تشهدان تصاعدا في حدة العنف. وتأتي هذه الدعوات بعد نداء وجهته اللجنة الدولية للصليب الأحمر للسلطات السورية، للسماح بدخول الإمدادات الغذائية والطبية لمدينة حمص المحاصرة.

من جانبه، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس إن «الطيران الحربي التابع للقوات النظامية شن، أول من أمس، غارات في ريف حمص، استهدفت إحداها أطراف قلعة الحص»، موضحا أن الغارات «أتت بعد هجوم شنه مقاتلون معارضون على قرية قميري القريبة، التي تقطنها غالبية علوية». وأوضح المرصد أن «المهاجمين ربما قدموا من مدينة قلعة الحصن»، مشيرا إلى وجود عدد من مقاتلي المعارضة «في داخل القلعة» المشرفة على المدينة، والواقعة على تلة في الطرف الجنوبي الغربي منها.

وبث ناشطون على موقع «يوتيوب» عدة أشرطة فيديو تظهر حجم التدمير الذي أصاب القلعة التي يعود تاريخ بنائها إلى الفترة بين عامي 1142 و1271. وتعد مع قلعة صلاح الدين القريبة منها، واحدة من أهم القلاع الصليبية الأثرية في العالم، بحسب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «يونيسكو».

كما أفاد «المرصد السوري» بوقوع اشتباكات بين عناصر من «الجيش الحر» ومقاتلين تابعين لـ«دولة العراق والشام الإسلامية» قرب «راس الحصن» في محافظة إدلب، مشيرا إلى غياب أي «أنباء تفصيلية عن خسائر في صفوف الطرفين»، ويأتي ذلك بعد يومين من اغتيال مقاتلي «دولة العراق والشام الإسلامية» كمال حمامي أحد أبرز قادة «الحر» في محافظة اللاذقية. واستغل «الجيش النظامي» حالة «الاحتراب» في محاولة إعادة فتح الطريق الدولي بين مدينتي اللاذقية (غرب) وحلب (شمال)، لإيصال الإمدادات إلى الأحياء التي تسيطر عليها في حلب، ودارت اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلي الكتائب المقاتلة على أوتوستراد اللاذقية حلب قرب بلدة بسنقول الواقعة في محافظة إدلب.