روسيا تتخبط بتصريحات متناقضة حول منح اللجوء إلى سنودن

بوتين وأوباما يناقشان هاتفيا قضية الشاب المطلوب لواشنطن بتهمة التجسس

رئيسة البرازيل ديلما روسيف (الثانية يسارا) ونظيرها البوليفي إيفو موراليس (يمين)، يجلسان رفقة وزراء ومساعدين، خلال أشغال قمة دول المجموعة الاقتصادية لأميركا اللاتينية (ميركوسور) في مونتيفيديو أول من أمس. وأصدرت القمة بيانا قالت فيه إن دول المجموعة (الأرجنتين والبرازيل والأوروغواي وفنزويلا) «ستستدعي للتشاور» سفراءها في فرنسا وإسبانيا وإيطاليا والبرتغال، بسبب إقدام هذه الدول على منع الرئيس البوليفي من عبور مجالها الجوي الأسبوع الماضي للاشتباه في أنه كان ينقل معه سنودن (أ.ف.ب)
TT

في أجواء تتسم بالكثير من الارتباك وتضارب التصريحات حول مستقبل إدوارد سنودن العميل السابق للاستخبارات الأميركية وحقيقة مواقف موسكو الرسمية من احتمالات منح سنودن حق اللجوء السياسي، أعلنت مصادر الكرملين أن الرئيس الأميركي باراك أوباما بادر بالاتصال بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، وتناولا المسائل المتعلقة بمشكلة سنودن إلى جانب القضايا الأمنية بين البلدين.

وقالت وكالة أنباء «ريا نوفوستي» إن الرئيسين بوتين وأوباما تطرقا في مكالمتهما الهاتفية إلى بحث شؤون التعاون والتنسيق بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب والقضايا ذات الاهتمام المشترك. ومن جانبه أعلن سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية أن سنودن مدعو إلى مخاطبة دائرة الهجرة للحصول على حق اللجوء السياسي حسب نص القانون الروسي. وقال لافروف في ختام زيارته لقيرغيزستان: «إننا لسنا على اتصال بسنودن» وإنه علم شأن الآخرين بكل ما تردد من أنباء حول تفاصيل ما ناقشه سنودن مع عدد من المدافعين الروس عن حقوق الإنسان.

وكان قسطنطين رمضانوفسكي رئيس الدائرة الفيدرالية للهجرة أشار في تصريحاته إلى وكالة أنباء «إنترفاكس» إلى أن سنودن، الملاحق من قبل حكومة بلاده بتهمة التجسس، لم يتقدم بعد إلى دائرة الهجرة بطلب الحصول على حق اللجوء، مشيرا إلى أن دائرة الهجرة سوف تبحث مثل هذا الطلب في حال التقدم به وبموجب القانون المعمول به في هذا الشأن. ومن اللافت أن ما قاله رمضانوفسكي يأتي على طرفي نقيض مما سبق وأعلنه مسؤولون كثيرون حول أن سنودن تقدم بطلب اللجوء وأن الرئيس بوتين أعلن ضرورة التزامه بعدم ممارسة السياسة والتوقف عن القيام بإلحاق الأضرار بمصالح الولايات المتحدة، شرطا رئيسا للموافقة على هذا الطلب.

وفي الوقت الذي تصدت فيه الأوساط الاجتماعية والبرلمانية للدفاع عن حق سنودن في اللجوء إلى روسيا «نظرا لأنه كشف عن مواقف إنسانية متميزة في دفاعه عن المقدرات الإنسانية وأنه لم يضطر إلى الكشف عن أسرار الدولة لأسباب ذاتية أو سعيا وراء مكاسب مالية»، أعرب آخرون ومنهم فلاديمير لوكين مفوض حقوق الإنسان في روسيا، عن مواقفهم بشأن عدم جواز الاستجابة لمثل هذا الطلب. وقال لوكين بضرورة اهتمام روسيا بمصالحها لدى تقرير هذه المشكلة وهو ما سبق وأكده الرئيس بوتين الذي قال بعدم جواز الأضرار بمصالح شركاء روسيا في إشارة إلى الولايات المتحدة.

وكان نيكولاي باتروشيف رئيس مجلس الأمن القومي الروسي الفيدرالي الروسي سبق وأعلن أن الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي باراك أوباما كلفا مديري جهاز الأمن الروسي ألكسندر بورتنيكوف ومكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي روبرت مولر بتسوية قضية سنودن. ومن جانبه عاد ميخائيل فيدوتوف رئيس مجلس حقوق الإنسان التابع للرئيس الروسي عن موقفه المؤيد لمنح سنودن هذا الحق، وأشار إلى عدم جواز تذبذب مواقف سنودن من هذه المسألة. وانتقد فيدوتوف عدم حسم سنودن لمسألة اللجوء إلى روسيا مشيرا إلى أن مثل هذه المواقف لا تحسن من مواقفه فيما أكد ضرورة «عدم التمسك بالدفاع عن إنسان لا يلتزم بموقف أو بكلمة».

أما عن المخرج من هذا المأزق فقد أشار إليه لوكين مفوض حقوق الإنسان الذي قال إنه يمكن أن يكون من خلال منحه «وضعية دولية أو روسية». وقال «بعدم جواز ربط مصير الإنسان.. أي إنسان بالعلاقات بين دولتين، في نفس الوقت الذي لا يجوز فيه ربط علاقات الدولتين بحق هذا الإنسان في الإعراب عن رغبته». وكشف لوكين عن أنه التقي سنودن وقال له صراحة إن الحل الأمثل للخروج من المأزق الراهن يكمن في أن تمنحه أي من المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة أو الصليب الأحمر جواز سفر دوليا.

ويبدو أن الجدل لم يتوقف عند هذا الحد ولا سيما بعد أن كشف آخرون ومنهم فياتشيسلاف نيكونوف عضو مجلس الدوما المعروف بعلاقته القريبة من الكرملين عن غموض الموقف بالنسبة لسنودن «الذي لا يعرف الفرق بين طلب اللجوء السياسي الدائم أو اللجوء المؤقت»، وأنه لم يحدد بعد ما إذا كان اللجوء المؤقت هو الأمر المناسب في مثل هذه الحالة. وحول عدم ممارسة سنودن لأي نشاط سياسي قالت أولغا كوستينا عضو الغرفة الاجتماعية أو البرلمان الشعبي الموازي، إنه أعلن صراحة عن سهولة الالتزام بالشرط الذي طرحه الرئيس بوتين حول عدم الأضرار بمصالح الولايات المتحدة.

وكان سيرغي نيكيتين رئيس مكتب موسكو لمنظمة الشفافية الدولية كشف أيضا عن أن ما سمعه من سنودن حول هذا الشأن يعني صراحة «أنه لا يري أي مشكلة في توقفه عن ممارسة نشاطه السياسي». وقال إن «سنودن اعترف بأن كل ما مارسه من نشاط صار في عداد الماضي وأنه موجود في روسيا في وضع مغاير». على أن كل ذلك لم يمنع سنودن من اعترافه في نهاية لقائه مع نشطاء حقوق الإنسان في روسيا أنه يطلب دعمهم ومساعدتهم للحصول على حق اللجوء المؤقت في روسيا وإلى حين الحصول على هذا الحق من جانب أي من دول أميركا اللاتينية التي تقدم إليها بمثل هذا الطلب.