«العمال الكردستاني» يخشى انهيار عملية السلام مع تركيا

القضاء التركي يسمح لزوجين تسمية ابنتهما «كردستان»

TT

عبر قيادي في حزب العمال الكردستاني عن خيبة أمله من الموقف التركي تجاه عملية السلام التي دخلت مرحلة حاسمة حسب تعبيره، مؤكدا أن «الدولة التركية لم تتقدم بأي خطوة ملموسة على طريق دعم مسيرة السلام، بل على العكس بدأت بوضع العراقيل أمام إتمام الخطوات السلمية التي تقدم بها حزب (العمال) وفقا لمبادرة زعيمه المعتقل عبد الله أوجلان».

وقال ديار قامشلو، عضو منظومة المجتمع الكردستاني التابعة لحزب العمال الكردستاني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «قيادة الحزب التزمت واجباتها المحددة بالمرحلة الأولى لعملية السلام التي بادر بها زعيم الحزب عبد الله أوجلان، وهي المرحلة التي شهدت وقفا للقتال وإطلاق سراح الجنود الأسرى المعتقلين لدى الحزب، وأخيرا انسحاب المقاتلين من داخل الأراضي التركية، ودخلنا إلى المرحلة الثانية وهي المرحلة الأهم في العملية برمتها، التي ستشهد حسب الخطة الموضوعة وضع السلاح، وتتويج العملية كلها بالمرحلة الثالثة وهي دخول الحزب معترك العمل السياسي وإقرار السلام الشامل والكامل، ولكن في المقابل لم نلمس من الحكومة والدولة التركية غير خطوة واحدة وهي وقف العمليات العسكرية، وهذه خطوة غير كافية». وأضاف قامشلو: «نحن سعداء جدا بأنه لم يعد هناك قتال بيننا وبين الجيش التركي، وسعداء أكثر بوقف النزيف الدامي الذي طال لعشرات السنين وراح ضحيته عشرات الآلاف من شبابنا والجيش التركي، ولكن في المقابل نرى أن الجيش التركي قام بخطوات عدائية تجاه نوايانا السلمية، فطائرات التجسس التركية ما زالت تحلق فوق مناطقنا، حتى إن رئاسة الأركان التركية قالت إنها كشفت عن أكثر من 100 موقع عسكري تابع لحزبنا، وهذا دليل على عدم وجود نوايا حسنة من جانب الجيش التركي تجاه العملية واستغلاله الوضع الحالي لمزيد من التجسس والاستطلاع استعدادا لتوجيه ضربات قادمة، ثم هناك مساع أخرى من الحكومة التركية لتجنيد حراس القرى من المرتزقة الأكراد، بالإضافة إلى كل ذلك بدأت قوات الجيش بملء المواقع التي سحبنا منها مقاتلينا وتعزيزها وتحديثها، هذه كلها إشارات بعدم جدية الحكومة تجاه متطلبات السلام».

وأكد القيادي أنه «من دون وجود خطوات متقابلة من الجانب التركي لا نستطيع مواصلة جهود السلام، والخطوات المطلوبة من تركيا هي الاعتراف أولا بحق الشعب الكردي، وثانيا الاعتراف باللغة الكردية والسماح باعتمادها كلغة التعليم، فليس معقولا أن يتمتع الشعب الكردي بإقليم كردستان العراق وعدده لا يزيد على خمسة ملايين بجميع حقوقه المشروعة، منها حق التعلم بلغته الأم واعتمادها لغة رسمية بالعراق، في وقت يحرم فيه 25 مليون مواطن كردي في تركيا من هذا الحق الطبيعي الذي تكفله القوانين والمواثيق الدولية». وأضاف: «هناك أيضا مسألة تحسين وضع زعيم الحزب عبد الله أوجلان، فعلى تركيا أن تعلم جيدا أنه من دون مساهمة زعيمنا ومن دون توجيهاته وإرشاداته لا يمكن لهذه العملية أن تتم، نحن نعرف أن الدولة التركية تراقب، بل هي على اطلاع كامل على الرسائل التي نتبادلها مع زعيمنا المعتقل بجزيرة إيمرالي، ولكن اليوم وفي ظل هذه المرحلة الحاسمة من عملية السلام فإن الأمور تستدعي أن تخفف القيود عن زعيمنا المعتقل وأن يسمح له بتكثيف اتصالاته مع الفعاليات السياسية الداخلية وقيادة قنديل ودعم جهوده من أجل تحقيق السلام المنشود».

وجدد ديار قامشلو مطالب حزبه من الدولة التركية، التي اعتبرها ضرورية لتقدم مسيرة السلام خطوات أخرى إلى الأمام، ومنها «إطلاق سراح السجناء السياسيين والمرضى المعتقلين، وتحسين أوضاع زعيم الحزب بمعتقله، وإلغاء تشكيلات حراس القرى، وسحب قواتها من المناطق الكردية لكي تهيئ الأرضية لعودة المواطنين إلى أكثر من أربعة آلاف قرية كردية نزح عنها سكانها، وإلا فإن قيادة الحزب ستلجأ إلى خيارات أخرى، من أهمها اللجوء إلى الشارع الكردي داخل تركيا، حيث إن الغالبية العظمى من شعبنا بدأ بدوره يشعر بالقلق من انهيار عملية السلام، ويصر على تحقيق سلام حقيقي في البلاد بدليل المظاهرات المؤيدة للسلام التي خرجت بمدينة ديار بكر والتي فاقت المليونين، وهي المظاهرات التي واجهتها السلطة التركية بالرصاص، ولكن ذلك لن يثني شعبنا الكردي بالداخل عن التعبير عن احتجاجاتهم تجاه الموقف التركي المتراجع والمتخاذل من عملية السلام التي ما زلنا نصر عليها لتحقيق أمن واستقرار بلدنا».

من ناحية ثانية، ذكرت وكالة «دوغان» للأنباء التركية، أمس، أن أعلى مرجع قضائي تركي سمح أول من أمس لزوجين كرديين بتسمية ابنتهما «كردستان»، وهي لفظة منعت طوال سنوات كثيرة في تركيا لأنها كانت تعتبر تحريضية. فقد كسرت الغرفة الثامنة عشرة لمحكمة النقض قرارا اتخذته محكمة الدرجة الأولى في حلفان بإقليم سانليورفا (جنوب شرق) التي رفضت أن تسمح ليونس واليف توبراك بالحق في تسمية ابنتهما «كردستان» بحجة أن هذا الاسم يشكل «إهانة للمجتمع». وكانت المحكمة فرضت أن تحمل الطفلة التي ولدت في أغسطس (آب) 2011 اسم هيلين المنتشر في المنطقة.

وكسرت محكمة النقض الحكم بحجة أن «القانون ينص على أن الحق بإعطاء الطفل اسما يعود للأب والأم» وأنه «إذا كان للاسم أصول أجنبية فليس من الضروري تغييره»، كما أوضحت الوكالة.

وكانت لفظة (كردستان) محظورة لفترة طويلة في تركيا لأن السلطات اعتبرت استخدامها تعبيرا عن الدعم لحزب العمال الكردستاني ولفكرة الحكم الذاتي أو استقلال المناطق المأهولة بالأكراد في جنوب شرقي تركيا. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، أدى استخدام اسم «كردستان» في الكتب المدرسية والخرائط أو الوثائق الرسمية للبلدان الأجنبية، دائما إلى خلافات دبلوماسية بين تركيا وهذه البلدان.