ثورة 30 يونيو تعمق الشروخ الفلسطينية.. وحماس تجد نفسها في مواجهة جبهتين

عباس يؤكد في اتصال مع منصور والسيسي رفضه أي تدخل في شؤون مصر

TT

لم تقف حدود الانقسام المصري الحاد، عند أبواب مصر وحسب، بل انعكس بشكل لا يقل حدة على الفلسطينيين، المنقسمين أصلا، الذين تورطوا قلبا وقالبا في تأييد الثورة أو معاداتها، ويعتقد البعض أنهم تورطوا فيما هو أكثر من ذلك.

ورغم محاولة المستوى السياسي الرسمي، التزام الصمت، تجاه الأحداث في مصر، سوءا في الضفة الغربية أو قطاع غزة، فإن الفرحة أو الغضب، كانا يكشفان فورا ما تخفيه القلوب.

وعلى الأقل، فإن مناصري فتح وحماس كانوا واضحين للغاية، أكثر من قياداتهم، فانبرى مناصرو فتح بتأييد الثورة وتمجيدها، بينما أظهر مناصرو حماس غضبا كاد يصل حد الجنون في الدفاع عن الرئيس المصري المعزول محمد مرسي واتهام الآخرين في مصر بالانقلاب.

وعلى مدار الأيام القليلة الماضية، لم تخل مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و«تويتر» من اشتباكات كلامية ومواجهات وشتائم بين الفلسطينيين المؤيدين للثورة ومعارضيها.

وكانت هذه المواقع تلخص باختصار ابتهاج السلطة وفتح بالثورة المصرية، إذ كانت على خلاف مع الإخوان المسلمين في مصر، وحسرة حماس المولودة من رحم «الإخوان» على ثمار كانت تنوي قطافها.

لكن ثمة مسألة مشتركة أخذت تثير مخاوف الفلسطينيين معا على نحو خاص، وهي الاتهامات المصرية بتورط بعضهم في القتال في سيناء أو القاهرة، وهو ما دفع السلطتين، فتح وحماس إلى تصدير مواقف فورية لنفي ذلك وإبعاد شبح إغلاق المعابر والمطارات والحدود في وجه الفلسطينيين.

وهاتف الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور، مهنئا بحلول شهر رمضان المبارك. وتمنى عباس لمصر الأمن والأمان والاستقرار والازدهار، مؤكدا احترامه إرادة الشعب المصري ورفضه أي تدخل في الشؤون الداخلية لجمهورية مصر العربية، كما أكد دور مصر الريادي والقيادي للأمة العربية.

كما هاتف عباس، وزير الدفاع المصري الفريق أول عبد الفتاح السيسي، مؤكدا عدم تدخل الفلسطينيين في الشأن المصري، ورفضه ذلك.

وكانت رسالة عباس واضحة، تحمل تأييدا للثورة ومعارضة لأي تدخل فلسطيني.

وجاءت محادثة عباس مع منصور والسيسي، بعد ساعات من دخول طائرة مصرية أجواء قطاع غزة، وهو ما قاد إلى تفسيرات كثيرة.

وكانت طائرة هليكوبتر حربية مصرية، دخلت المجال الجوي لقطاع غزة الذي تسيطر عليه إسرائيل الجمعة، لنحو 10 دقائق، فيما اعتبر في غزة رسالة صارمة من الجيش بعد اتهامات لحماس بالتدخل في شؤون مصر.

وكان الجيش المصري حذر غير المصريين من التورط في أي أعمال في سيناء أو مصر. وقالت وسائل إعلام مصرية رسمية، إن الجيش ألقى القبض على ثلاثة فلسطينيين يوم الجمعة خلال محاولتهم مهاجمة مواقع حيوية في سيناء. إلا أن حركة حماس نفت ذلك قائلة إنه «محاولة لتصدير الأزمة»، ووجدت نفسها في مواجهة جبهتين، مصرية، وفلسطينية معارضة لموقفها.

واضطر إسماعيل هنية، رئيس الحكومة الفلسطينية في غزة، إلى نفي كل الاتهامات، وقال إن الزج بحكومته وحركة حماس في الأحداث الجارية في مصر «لا يخدم سوى الاحتلال، ويلحق الضرر بالمجتمع الفلسطيني».

واعتبر هنية أن اتهامات منظمة التحرير لحماس بالتدخل في الشؤون المصرية «مزاعم ليس لها أساس من الصحة»،، وتابع: «الأولى بمن يطلق تلك الأقاويل المشاركة في رفع الحصار، وعدم تأجيج الفجوة والشرخ بين أبناء الصف الفلسطيني الواحد». وكانت فصائل منظمة التحرير الفلسطينية اتهمت في تصريحات منفصلة حركة حماس بالتدخل في الشؤون الداخلية لمصر، وردت حماس بمهاجمة هذه الفصائل. وتعتبر هذه المناكفات، الأكثر حدة بين فتح وحماس منذ فترة طويلة، وارتفعت حدتها بعد رفع مناصرين لحماس صورة لمرسي في المسجد الأقصى تحمل شعار القدس مع الشرعية وهتفوا ضد وزير الدفاع المصري السيسي.

وفورا، هاجمت فتح وفصائل وناشطون وكتاب وأحزاب رفع صورة مرسي على «الأقصى».

وقال اللواء توفيق الطيراوي، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح: «كان جديرا بالإخوان المسلمين أن يتظاهروا لأجل القدس والمسجد الأقصى لا أن يستخدموا الحرم القدسي الشريف لأجل رئيس معزول في مصر، لشعبها حرية اختيار رئيسه».

وتساءل الناطق باسم فتح، أحمد عساف: «كيف أمكن لحماس وأعوانها أن يدخلوا هذه اليافطات الكبيرة والمشبوهة إلى باحات الأقصى والحرم القدسي الشريف».

ورفض ممثلو القدس والمرجعيات الدينية الإسلامية والمسيحية، استخدام الأقصى المبارك والأماكن المقدسة المسيحية، وأكد وزير شؤون القدس ومحافظها عدنان الحسيني، أن حشود المصلين الفلسطينيين رفضوا رفع صورة الرئيس المصري المعزول في باحات الأقصى، وأضاف أن «هذا التصرف يمثل أصحابه فقط». كما حذر وزير الأوقاف والشؤون الدينية محمود الهباش، من خطورة استخدام الأقصى المبارك في الصراعات العربية الداخلية، بينما عبرت الكنيسة عن نفس الموقف، إذ رفض الناطق الرسمي باسم الكنيسة الأرثوذكسية في القدس، الأب عيسى مصلح، توظيف الأماكن المقدسة في خلافات، وقال الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات حنا عيسى: «إن ما جرى في الأقصى المبارك له انعكاسات سلبية على قضية القدس والقضية الفلسطينية بشكل عام».