السيسي يدعو للبعد عن العنف والصدام ويشدد على حق العمل السياسي للجميع دون استثناء

أكد أن القوات المسلحة نصحت الرئيس السابق كثيرا وطلبت منه إجراء استفتاء.. لكنه رفض

الفريق أول عبد الفتاح السيسي
TT

في أول ظهور له منذ إعلانه خريطة المستقبل السياسي التي تم بمقتضاها عزل الرئيس السابق محمد مرسي عن السلطة، دعا الفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة المصرية للبعد عن العنف والصدام وشدد على حق العمل السياسي للجميع دون استثناء، وقال إن القوات المسلحة نصحت الرئيس السابق، محمد مرسي، كثيرا وطلبت منه إجراء استفتاء، لكنه رفض.

وأضاف السيسي في كلمة وجهها للشعب، أمام حشد من ضباطه في مسرح الجلاء في القاهرة، إن «القوات المسلحة بكل أفرادها وقياداتها اختارت وبلا تحفظ أن يكونوا في خدمة شعبهم والتمكين لإرادته الحرة لكي يقرر ما يرى، لأن إرادته هي الحكمة الجماعية لعلاقته مع نفسه ومحيطة وعالمه وعصره، وأن القوات المسلحة عرفت وتأكدت وتصرفت تحت أمر الشعب وليست آمرة عليه، وفي خدمته وليست بعيدة عنه، وأنها تتلقى منه ولا تملي عليه».

وقدم السيسي ما بدا أنه تقرير حالة لوضع بلاده، مطالبا كل الأطراف الفاعلة على الساحة بالمشاركة بفعالية في الحياة السياسية بعد أن استعاد الشعب حقه في الاختيار. وأشار إلى أن الجيش تحفظ على الكثير من تصرفات الرئيس المعزول، وأنه أرسل بمبعوثين رجوا فيه مرسي بإجراء استفتاء على بقائه. وأكد السيسي أن بلاده راضية باهتمام العالم، وأنها تنادي أمتها العربية أن تطمئن إلى أن مصر حاضرة حيث تتوقع الأمة أن تراها.

وأضاف السيسي: «لقد ثارت قوى الشعب في يناير 2011، ثم وجدت أن ما وصلت إليه الثورة لا يتناسب مع ما قصدته وسعت نحوه، وفي أبسط الأحوال أنها اعتبرت أن آمالها أحبطت وأن مقاصدها انحرفت وأن رؤاها للمستقبل نزلت عليها عتمة وظلمة لا تقبلها طبائع عصور التنوير والمعرفة والكفاءة».

وقال السيسي، إن «القوات المسلحة ممثلة بقيادتها وجدت أن عليها واجب النصيحة تقدمها (للرئيس المعزول) بمقتضيات الأمانة الوطنية وقد فعلت، ولست أرضى أن أكرر عدد المرات التي أبدت فيها قيادة القوات المسلحة رأيها في بعض السياسات وفي كثير من القرارات ولست أريد أن أعدد المناسبات التي أبدت فيها تحفظها على الكثير من التصرفات والإجراءات مما فوجئت به».

وتابع: «وفي كل الأحوال فإنها ظلت ملتزمة بما اعتبرته شرعية الصندوق رغم أن هذه الشرعية راحت تتحرك بما تبدي تعارضا لأساس هذه الشرعية وأصلها وأساسها، وأصلها أن الشرعية في يد الشعب يملك وحده أن يعطيها ويملك أن يراجع من أعطاها له، ويملك أن يسحبها منه إذا تجلت إرادته بحيث لا تقبل شبهة ولا شك». وكشف السيسي جانبا من تفاصيل الأيام الأخيرة لحكم مرسي الذي حرص السيسي على تسميته «الرئيس السابق». وقال إنه قبل أن تقوم القوات المسلحة بتقديم بيانها الذي طرحت فيه خارطة المستقبل، فإن القيادة العامة للقوات المسلحة أبدت رغبتها أن تقوم الرئاسة نفسها بعملية الاحتكام إلى الشعب وإجراء استفتاء يحدد به الشعب مطالبه ويعلي كلمته.

وتابع: «أرسلت (القوات المسلحة) إلى الرئيس السابق محمد مرسي مبعوثين برسالة واحدة واضحة، وبين المبعوثين رئيس وزرائه وقانوني مشهود له وموثوق فيه برجاء أن يقوم بنفسه بدعوة الناخبين إلى استفتاء عام يؤكد أو ينفي، وقد جاءها الرد بالرفض المطلق. وعندما تجلت إرادة الشعب بلا شبهة ولا شك ووقع محظور أن تستخدم أدوات حماية الشرعية بما فيها فكرة الدولة ذاتها ضد مصدر الشرعية، فإن الشعب وبهذا الخروج العظيم رفع أي شبهة وأسقط أي شك».

وأشار السيسي إلى أن «الشعب الذي قلق من أن تستخدم فكرة الدولة وأدواتها ضد حقوق الشعب وآماله فإن القوات المسلحة كان عليها أن تختار. وفي الحقيقة فإن مساحة الاستقطاب وعمقه ومخاطره إلى جانب عجز أطرافه عن الإمساك بمسؤولياتهم فرض على الجميع ما لم يكن الجميع مهيأ له أو جاهزا لتبعاته أو قادر على مسؤوليته وهكذا التزمت القوات المسلحة بهدف واحد وهو أن تؤكد شرعية الشعب وأن تساعده على استعادة الحق إلى صاحبه الأصيل بامتلاك الاختيار والقرار، وهكذا وقفنا – الشعب بكافه طبقاته وطوائفه وكل رجاله ونسائه وبالتحديد شبابه، والجيش الذي يملكه الشعب، وفكرة الدولة وجهازها، وأطراف العمل السياسي وفصائلها وطلائع الفكر والثقافة والفن – وقفنا جميعا على مفترق طرق جديدة وأمام ضرورة الاختيار والقرار مرة أخرى وفى ظروف شديدة الصعوبة والتعقيد، وكلها مما لا يحتمل الخطأ أو سوء التصرف مهما كانت الأعذار».

ودعا السيسي كل قوى الوطن إلى البعد عن العنف والصدام وإدراك أن الفرصة متاحة أم كل القوى بغير استثناء للعمل السياسي، مشددا على أنه لأي تيار فكري أن يتقدم للمشاركة بكل ما يقدر عليه من أجل وطن هو ملك وحق ومستقبل الجميع، على حد وصفه.

وقال السيسي، إن «العالم العربي المحيط بمصر والعالم الأوسع الذي يتابع حركاتها والقوى الدولية العارفة بأزمتها تقف مبهورة أمام ما قامت به قوى الشعب المصري، وبخاصة شبابها، في إعطاء نفسه حق الاختيار من جديد». مضيفا أن مصر راضية باهتمام العالم بما يجري فيها، وهي تريد هذا الاهتمام وتطلبه، وهي تنادي أمتها العربية أن تطمئن إلى أن مصر حاضرها حيث تتوقع الأمة أن تراه.

وتابع: «شعب مصر يدرك بعمق لا حدود له وبمسؤولية نابعة من مواريث وطموحات عزيزة أنه أمام مفترق طرق، وموقف اختيار وقرار ومسار، لا بد له أن يعود ليساهم في حركة التاريخ من جديد».