اشتباكات عنيفة في القابون.. وتحذيرات من مجزرة بحق آلاف المدنيين العالقين

المعارضة تسمح بإدخال مساعدات غذائية إلى سجن حلب المحاصر.. وتتقدم في الحسكة

صورة نشرت أمس لمقاتل في الجيش السوري الحر يجرب سلاحا جديدا بينما يراقبه رفاقه في دير الزور (رويترز)
TT

صعد نظام الرئيس السوري بشار الأسد من حملته في حي القابون شمال شرقي دمشق ضد مقاتلي المعارضة، حيث دارت اشتباكات عنيفة أمس، في وقت حاصرت فيه القوات النظامية مئات العائلات في الحي أثناء القصف، مما أدى إلى مقتل 13 شخصا.

وتصدرت القابون واجهة الأحداث الميدانية، أمس، مع مطالبة الائتلاف الوطني السوري الأمم لمتحدة ومجلس الأمن وسائر أعضاء المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بتوجيه إنذار عاجل إلى النظام السوري لإطلاق سراح نحو 200 شخص احتجزتهم قواته في مسجد العمري بالمنطقة وضمان أمنهم وسلامتهم. وحذر الائتلاف من وقوع مجزرة بحق آلاف المدنيين العالقين في القابون، ومن أعمال تنكيل وتصفية تطالهم.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان لاحقا بأن القوات النظامية احتجزت عشرات الأشخاص أمس في قبو قرب المسجد العمري في القابون «إلا أنهم تمكنوا من الخروج بعد اشتباكات دارت في محيط المسجد، مما أجبر عناصر القوات النظامية على الانسحاب».

وشهد القابون أعنف حملة عسكرية ضده بدأت مساء يوم الجمعة الماضي، حيث دفعت القوات النظامية بتعزيزات إلى المنطقة. وقالت مصادر الجيش الحر في الجبهة الجنوبية في دمشق وريفها لـ«الشرق الأوسط» إن القوات النظامية «أرسلت مدرعات وناقلات جند مجنزرة إلى الجهة الغربية من الحي، فيما عززت مواقعها المرتفعة في جبل قاسيون بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ». ولفتت المصادر إلى أن الحي «شهد أعنف المعارك، حيث استشرس المقاتلون المعارضون في الداخل في الدفاع عنه، وتمكنوا من إيقاع خسائر بشرية بصفوف القوات النظامية». وقالت إن القوات الحكومية «تعتمد التمهيد الناري بقصف عنيف قبل الدخول إلى حي»، مشيرة إلى أن «النظام لم يتمكن من دخول القابون وحي برزة اللذين تحاصرهما القوات النظامية منذ أشهر، ولم تتمكن من دخولهما، قبل أن تشن عليهما حملة عسكرية بدأت قبل عشرين يوما».

وبدوره، قال المرصد السوري أمس «تدور اشتباكات عنيفة بين الكتائب المقاتلة والقوات النظامية في حي القابون، وسط حصار لمئات العائلات داخل الحي من القوات النظامية». وأشار إلى أن الحصار «خانق»، وأن من بين السكان «الكثير من الأطفال والنساء الذين يعانون من نقص كبير في المواد الغذائية والطبية»، موضحا أن «انتشار قناصة القوات النظامية عند أطراف الحي وفي بعض مناطقه يجعل عملية النزوح عنه صعبة جدا»، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.

وتتزامن الاشتباكات مع قصف من القوات النظامية على الحي الذي تحاول منذ أسابيع السيطرة عليه، بحسب المرصد الذي أشار إلى أن 13 شخصا بينهم سبعة مقاتلين معارضين، قتلوا أمس في القابون. وعرض الناشطون على موقع «يوتيوب» الإلكتروني شريطا مصورا مدته ثلاث دقائق، تسمع فيه أصوات إطلاق النار وسقوط القذائف بشكل متواصل، تزامنا مع تصاعد كثيف لأعمدة الدخان.

وبث ناشطون معارضون شريطا مصورا يظهر استهداف عربة مدرعة تابعة للقوات النظامية كانت تحاول التقدم في القابون. ويظهر الشريط المعنون «تدمير عربة (بي إم بي) من قبل أبطال الجيش الحر في القابون»، مدرعة تحاول التقدم، قبل استهدافها بقذيفة صاروخية واندلاع النيران فيها. ويسمع شخص وهو يقول «الحمد لله والشكر لله. هذه الدبابات التي قتلت لنا أولادنا». وتحاول القوات النظامية منذ فترة السيطرة على جيوب لمقاتلي المعارضة على أطراف دمشق، إلا أن هذه المناطق ما زالت تشهد اشتباكات يومية.

وفي حلب (شمال)، قال المرصد إن الهلال الأحمر السوري تمكن من إيصال خمسة آلاف وحدة غذائية إلى سجن حلب المركزي الذي يحاصره مقاتلو المعارضة منذ ثلاثة أشهر. وقال المرصد إن «الكتائب المقاتلة سمحت بإدخال يومي للوجبات الغذائية خلال شهر رمضان، بشرط ألا تكون للتخزين، وللاستهلاك اليومي فقط». وأشار إلى أن 120 سجينا قضوا منذ مايو (أيار) الماضي بسبب القصف الذي طاول السجن الواقع على المدخل الشمالي للمدينة جراء المعارك في محيطه، إضافة إلى نقص الغذاء والمواد الطبية في داخله. ويفرض مقاتلو المعارضة منذ أبريل (نيسان) الماضي حصارا على السجن الذي يضم نحو أربعة آلاف سجين، ويشتبكون بشكل شبه يومي مع القوات النظامية الموجودة فيه.

وفي الحسكة، أفاد ناشطون بتقدم الجيش الحر في الجبهة الشرقية للفوج 154، حيث اشتبك مع قوات النظام في قرية حامو، بموازاة وصول تعزيزات كبيرة لقوات النظام على الطريق الواصل بين الفوج 154 والقرية. وجاءت تلك التطورات غداة الإعلان عن اشتباكات وقعت بين مقاتلين معارضين من الجيش السوري الحر ومقاتلين إسلاميين مرتبطين بتنظيم القاعدة في محاولة للسيطرة على نقطة تفتيش كبرى غرب البلاد. وقالت مصادر الجيش الحر إن الاشتباكات بدأت فجر السبت قرب بلدة رأس الحصن في إدلب شمال غربي البلاد عندما «حاول مقاتلون من الدولة الإسلامية السيطرة على أسلحة مخزنة في مستودعات تابعة للكتائب المقاتلة» في المنطقة. لكن الكتائب الإسلامية تؤكد أنها كانت تحاصر المنطقة منذ أسابيع حينما كان يسيطر عليها أتباع نظام الأسد، وعندما بدأوا في الفرار تدخلت عناصر الجيش السوري الحر للسيطرة عليها.