الخرطوم و«تحرير السودان» تتبادلان الاتهامات حول مقتل سبعة جنود دوليين في دارفور

البشير إلى أبوجا رغم مطالبة نيجيريا بتوقيفه

وفد من البعثة الأممية يعاين سيارة إسعاف تابعة للبعثة كانت قد تعرضت لأعتداء وقتل فيها سبعة من عناصر قوات حفظ السلام (أ.ف.ب)
TT

تبادلت الحكومة السودانية وحركة تحرير السودان، فصيل مني أركو مناوي، الاتهامات حول مقتل سبعة من جنود البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور «يوناميد»، وإصابة 17 آخرين من دولة تنزانيا. بينما منعت السلطات الأمنية قادة المعارضة السودانية من السفر للمشاركة في ندوة بجنيف، وفي ذات الوقت غادر الرئيس البشير بلاده إلى نيجيريا للمشاركة في قمة «الإيدز والسل والملاريا»، دون أن يعبأ بمطالبات من «هيومان رايتس ووتش» وناشطين نيجيريين من الحكومة النيجيرية، بإنفاذ أمر القبض الصادر ضده من محكمة الجنايات الدولية.

ووقع الحادث، أول من أمس، في «خور أبشي» في منطقة موانشي بالقرب من نيالا عاصمة جنوب دارفور، ودعت الخرطوم المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات لازمة تجاه الحركة ومحاسبة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية، بينما شددت حركة مناوي على أن قواتها غير موجودة في المنطقة التي وقعت فيها الحادثة، وأنها تقع ضمن سيطرة القوات المسلحة السودانية والميليشيات التابعة لها.

وقالت الخارجية السودانية في بيان لها إنها تدين بأشد العبارات مقتل الجنود، وأكدت الخرطوم أنها ملتزمة إجراء تحقيق عاجل في الحادثة وتقديم الجناة إلى العدالة. وأضاف البيان أن «ما يسمى حركة وجيش تحرير السودان جناح مناوي هي المسؤولة عن هذا الاعتداء الغاشم»، وأن «ذلك دليل آخر على إصرار هذه الحركة المتمردة، ليس فقط على رفض عملية السلام، وإنما استهداف العاملين من أجلها والساعين لتهيئة الظروف الإنسانية للنازحين للعودة إلى قراهم».

وأشارت الخارجية السودانية إلى أن حركة مناوي وحلفاءها في الجبهة الثورية تشكل أكبر مهددات السلام والأمن، وأنها تستهدف بشكل معلن كل العاملين من أجل السلام والأمن والاستقرار في المنطقة، وربطت حادثة مقتل عدد من القيادات التي انشقت عن حركة العدل والمساواة ووقعت اتفاق سلام الدوحة في مايو (أيار) الماضي على يد الحركة الأم بقيادة جبريل إبراهيم، داعية المجتمع الدولي إلى اتخاذ الخطوات الكفيلة بوضع حد للاعتداءات ومحاسبة مرتكبي الجرائم الإنسانية ووقف كل أشكال الدعم والتعاون لهذه الحركات.

من جانبه، نفى عبد الله مرسال، المتحدث باسم حركة تحرير السودان فصيل مني أركو مناوي، لـ«الشرق الأوسط»، اتهامات الحكومة لحركته، وقال إنه لا وجود لحركته في تلك المنطقة وأنها تقع تحت سيطرة الحكومة. وأضاف: «الحكومة تعلم ذلك، وبعثة حفظ السلام (يوناميد) تعلم أيضا أن المنطقة تقع تحت سيطرة الحكومة وميليشياتها»، معربا عن أسف الحركة لمقتل الجنود الدوليين ومتهما بدوره الخرطوم عبر ميليشياتها بأنها وراء مقتل الجنود.

وقال إن حركته لا تستهدف العاملين في المجال الإنساني ضمن المنظمات الدولية وأن سجلها خال من ذلك، وأضاف: «صحيح لدينا رأي واضح في عمل بعثة (اليوناميد) في دارفور؛ حيث إنها ظلت منحازة بشكل دائم إلى جانب الخرطوم، لكن ليس من مصلحتنا أن نستهدف قواتها أو نهاجم مواقعها مهما كانت الأسباب».

وقال نائب المتحدث باسم بعثة حفظ السلام، كريستوفر سيسمانيك، إن دورية من البعثة كانت في طريقها إلى موانشي وتعرضت لإطلاق نار كثيف لفترة طويلة، مما أدى إلى مقتل سبعة من عناصرها، بينما أصيب 17 بجروح بينهم امرأتان مستشارتا شرطة، وأضاف أن الحادث وقع على بعد نحو 25 كيلومترا غرب قاعدة أخرى للبعثة المشتركة في خور أبيش شمال نيالا، وأوضح أن الدورية كانت متجهة من موقع إلى آخر.

وتصاعد العنف في الإقليم منذ يناير (كانون الثاني) 2013 مع اقتتال القوات الحكومية والمتمردين وقبائل عربية سلحتها الحكومة في بدايات الصراع فيما بينها على الموارد والأرض.. والحادث هو الأكبر من حيث القتلى في هجوم واحد منذ عام 2008.

من جانبه، أدان الممثل الخاص المشترك لـ«اليوناميد»، محمد بن شمباس، بأشد العبارات، المسؤولين عن الهجوم الشنيع على حفظة السلام، وأضاف: «ينبغي أن يكون الجناة على علم أنهم سيحاسبون على هذه الجريمة التي تعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني». وعبر بان كي مون عن غضبه بسبب الهجوم، وقال مكتبه في بيان: «يندد الأمين العام بالهجوم المشين على قوة حفظ السلام في دارفور، وهو ثالث هجوم يشن في ثلاثة أسابيع. ويتوقع من حكومة السودان اتخاذ إجراء عاجل لتقديم الجناة إلى العدالة».

إلى ذلك، أصدرت سلطات الأمن السودانية قرارا منعت بموجبه ممثلي «تحالف قوى الإجماع الوطني» المعارض من السفر إلى «جنيف» للمشاركة في ندوة «مركز الحوار الإنساني» لبحث أمر الوصول لحل سياسي شامل في السودان بمشاركة الحركات المسلحة والمدنية والمبعوثين الدوليين للسودان.

وقال المتحدث باسم تحالف المعارضة، المحامي كمال عمر، لـ«الشرق الأوسط»، إن سلطات الأمن منعت وفد قادة المعارضة السودانية المكون من: «ممثل الحزب الشيوعي صديق يوسف، وممثل حزب المؤتمر الشعبي كمال عمر، وممثلي حزب الأمة مريم الصدق، عبد الجليل الباشا، جمال إدريس، إضافة إلى انتصار العقلي، عن الحزب الناصري، وفتحي نوري عن حزب البعث، وإبراهيم الشيخ عن حزب المؤتمر السوداني».

وأضاف عمر أن «النظام لا يريد قيام المنبر لأنه لا يريد التزاما دوليا بالسلام، لأنه ينوي الاستمرار في تقتيل وتشريد وتجويع أبناء الشعب السوداني، في مناطق الحرب في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، ويصر على استخدام سياسة القصف والقتل والتجويع، لهذا منع ممثلي التحالف المعارض من السفر، ولقاء (الجبهة الثورية) بحضور المبعوثين الدوليين إلى السودان».

ويعرف مركز الحوار الإنساني، ومقره جنيف، بأنه منظمة عالمية غير حكومية تعمل من أجل منع وحل النزاعات والحروب عبر الحوار والطرق الدبلوماسية، وتعمل في مجال العون الإنساني لضحايا النزاعات.

من جهة أخرى، غادر الرئيس عمر البشير الخرطوم متوجها إلى العاصمة النيجرية أبوجا للمشاركة في القمة الخاصة للاتحاد الأفريقي حول «فيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) والسل والملاريا»، وبرفقته وفد رفيع، وتستمر الزيارة مدة يومين. ولم تأبه السلطات السودانية لطلب «هيومان رايتس ووتش» من الحكومة النيجيرية توقيف الرئيس البشير حال زيارته لأبوجا، إنفاذا لأمر القبض الصادر ضده من محكمة الجنايات الدولية.

واعتبرت مساعدة مدير برنامج القضاء الدولي في المنظمة المعنية بمراقبة أوضاع حقوق الإنسان، إيليز كيبلر، الزيارة اختبارا فعليا لالتزام نيجيريا المحكمة الجنائية الدولية.