مخاوف من انهيار أمني في ديالى يكون نواة لحرب طائفية في العراق

اتهامات لميليشيات مرتبطة بإيران بتأجيج الوضع

عراقيون يعاينون حفرة أحدثها انفجار قنبلة مزروعة على جانب طريق في الدورة جنوب بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

بعد الهجمات المنسقة التي استهدفت قضاء طوزخورماتو في محافظة صلاح الدين في العراق التي أدت إلى مقتل وجرح المئات خلال أقل من شهر في هذا القضاء المختلط سكانيا والمتنازع عليه إداريا, بدأت الأنظار تتجه نحو محافظة ديالى المختلطة عرقيا وطائفيا هي الأخرى فضلا عن احتوائها مناطق متنازع عليها بين العرب والأكراد.

ففي غضون شهر يوليو (تموز) الحالي تكررت الهجمات المسلحة التي استهدف مجالس عزاء فضلا عن مساجد وحسينيات في مناطق مختلفة من هذه المحافظة وبالذات قضاء المقدادية وأدت إلى مقتل وجرح المئات حتى بات هذا الشهر مرشحا لأن يكون الأكثر عنفا هذا العام وفي وقت كانت الأمم المتحدة قد أعلنت عن مقتل 2500 شخص في الشهور الثلاثة الأخيرة في مناطق مختلفة من العراق, فإنه وطبقا للمصادر قتل منذ بداية الشهر الحالي أكثر من 330 شخصا في هجمات في البلاد غالبيتها في محافظتي ديالى وبغداد. وفي وقت لم تتبن أي جهة حتى الآن كل هذه الهجمات وهو ما جعل الغموض سيد الموقف حيال الجهة المستفيدة من إثارة العنف الطائفي في العراق لا سيما وأن تنظيم القاعدة يعلن مسؤوليته في العادة عن أي عمل يقوم به في أي منطقة في العراق.

ومع أن أصابع الاتهام الحكومية تتجه نحو «القاعدة» والبعثيين فإن التحذيرات التي صدرت أخيرا من قيادات في ائتلاف القائمة العراقية ومن محافظ ديالى ومن كتلة متحدون, تتضمن توجيه اتهامات لميليشيات ودول جوار ضالعة في الأمر، في إشارة إلى إيران من منطلق أن ديالى إحدى المحافظات الحدودية مع إيران. وفي هذا السياق حذر رئيس حركة الحل وعضو الهيئة الرئاسية لائتلاف العراقية الدكتور جمال الكربولي، من احتمالات نشوب حرب طائفية جديدة يكون منطلق شرارتها من محافظة ديالى إذا استمرت الحكومة المركزية في تغاضيها عما تقوم به الجماعات المرتزقة القادمة من إحدى دول الجوار. وقال الكربولي في بيان أمس: لقد أصبح من الواضح جدا أن إحدى دول الجوار تمعن بالتدخل السافر في الشؤون العراقية، ولا ترضى بالتحول الديمقراطي في العراق، ولا تعترف بالاستحقاقات الانتخابية، ولا تتمنى الاستقرار والتوحد بين أشكال النسيج العراقي، وما فتئت تسعى إلى زرع التفرقة والفتنة بين أبناء المجتمع الواحد. ولنا في ديالى الدليل الواضح والصارخ على هذه التدخلات. وطالب الكربولي الحكومة الاتحادية وقوات الجيش والشرطة بتحمل المسؤولية السيادية الوطنية والقانونية والمهنية في كبح جماح الميليشيات الإرهابية ومرتزقة دول الجوار التي تعيث في مناطق ديالى فسادا وقتلا وتهجيرا أمام مرأى ومسمع وفي كثير من الأحيان بمشاركة أو تسهيل من الأجهزة الحكومية وقواتها الأمنية، وهو ما قد يعطي التبرير لعودة نشاط الجماعات المسلحة إلى ما كانت علية في أعوام 2005 و2006 و2007 ويزعزع السلم والأمن المجتمعي في محافظة ديالى، ويهدد استقرار المحافظات المجاورة لها.

من جهته، أكد محافظ ديالى عمر عبد العزيز الحميري، أن الخروقات الأمنية التي ضربت بشكل متكرر مناطق عدة من قضاء المقدادية خلال الأسابيع القليلة الماضية خلقت حالات تشنج وثورات غضب بدأت في أغلبها تأخذ إطارا سلبيا له تداعياته. وحذر الحميري في بيان من انهيار حقيقي للسلم الأمني داخل قضاء المقدادية لو ترك الأمر على حاله ولم يجر تداركه، متهما بعض الأصوات المتطرفة من الساسة المحليين والطابور الخامس والتنظيمات المسلحة بمحاولة إشعال حريق الطائفية الكبيرة بمحافظة ديالى عبر بوابة قضاء المقدادية. وأضاف أن حكومة المحافظة لن تسمح بأن يكون هناك أي خرق لمنظومة السلم الأهلي في المقدادية.

وفي السياق نفسه أكد ائتلاف متحدون بزعامة رئيس البرلمان أسامة النجيفي على ضرورة تفعيل الجهد الوطني بين مختلف الأطراف السياسية لإيقاف المخطط الآثم الذي يروم إشعال نيران الفتنة والعنف بين أبناء شعبنا. وتساءل الائتلاف في بيان أين دور الأجهزة الأمنية؟ وما موقفها مما يجري؟ ولماذا هذا الصمت على عمليات القتل والتهجير ولمصلحة من؟ مشددا على أن السكوت اليوم لا ينفع وهو لا يصب في مصلحة أحد فجميع المحافظات مرتبطة ببعضها وما يجري على واحدة منها يؤثر بالتأكيد في الأخريات.

البرلمان العراقي، وطبقا لما كشفه عضو لجنة الأمن والدفاع فيه القيادي الكردي حسن جهاد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أخذ علما «بالتطورات الخطيرة التي تشهدها الكثير من مناطق ديالى وبخاصة قضاء المقدادية الذي شهد تدهورا أمنيا خطيرا». وأضاف جهاد أن «لجنة الأمن والدفاع ستناقش في غضون اليومين المقبلين تداعيات الأوضاع هناك كما أن رئيس البرلمان أسامة النجيفي أبلغ رئيس الوزراء نوري المالكي بما يجري هناك من بوادر فتنة وبالتالي فإن البرلمان سيشكل لجنة عاجلة من لجنتي الأمن والدفاع وحقوق الإنسان وعدد من نواب ديالى لزيارة المناطق التي تشهد توترا وبحث أسبابه ومعالجتها». وحول ما إذا كان السبب يعود إلى تشكيل الحكومة المحلية الأخيرة استبعد جهاد ذلك مؤكدا أن «الهدف هو إثارة فتنة طائفية في هذه المحافظة المختلطة عرقيا ومذهبيا وهو ما يتطلب مواجهة هذا الأمر بشجاعة ومسؤولية».