مراقبون: نكبة «إخوان مصر» تقرب بين الفرقاء الإسلاميين في السودان

مسؤول رفيع: تغييرات وزارية وتنظيمية وشيكة في الخرطوم

TT

ظلت الدوائر السياسية السودانية تتكهن بقرب حدوث تغييرات جذرية في الطاقم في الخرطوم، لجهة اشتداد الصراع الداخلي على خلافة الرئيس عمر البشير. وتزايد الصراعات البينية في الحزب الحاكم، فضلا عن اشتداد العمل المعارض المدني والمسلح ضده.

ولأول مرة، وتأكيدا لهذه التكهنات يخرج مسؤول رفيع في الحزب الحاكم ليقول إن المرحلة المقبلة ستشهد تغييرات كبيرة، إذ كشف رئيس لجنة الأمن والدفاع في المجلس الوطني (البرلمان) محمد الحسن الأمين عن نية حزبه إحداث تغييرات وصفها بـ«الكبيرة»، في المرحلة المقبلة، وأن «المؤتمر الوطني» وهو الحزب الحاكم، سيعمد إلى ذلك، لا سيما قبيل إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية المزمعة في عام 2015.

وأضاف الأمين، حسب تصريحات نقلتها «سودان تربيون»، أن حزبه لن يكتفي بالتغييرات التنظيمية في الطاقم التنفيذي، بل سيحدث تغييرات جذرية مستندة إلى ما سماه «الفكرة والتوجه».

يذكر أن معلومات صحافية راجت في الخرطوم بأن ثمة تقاربا بين الفرقاء الإسلاميين في السودان؛ «حزب المؤتمر الشعبي» بقيادة حسن الترابي، و«المؤتمر الوطني» بقيادة البشير، وعضد هذه المعلومات وحدة موقف الإسلاميين السودانيين من عزل الرئيس المصري محمد مرسي، واعتبار التغيير الذي حدث في مصر انقلابا عسكريا. وخرجت جماعات الإسلاميين لأول مرة منذ خلافها الشهير الذي عرف بـ«المفاصلة» في عام 1999، تحت لافتة واحدة ورددوا شعارا واحدا.

وحول تلك المعلومات، ذكر الأمين أن حدوث تقارب بين حزبي المؤتمر الشعبي والوطني في المرحلة المقبلة ليس مستبعدا، لا سيما أن الفكرة واحدة، وأن الاختلاف بينهما كان في المنهج وليس التوجه، وهذه نبره جديدة لم تعهدها دهاليز العلاقة بين شقي الإسلاميين السودانيين.

وأضاف رئيس لجنة الأمن والدفاع أن كل القيادات في الحزبين بمستوياتها العليا سيكون دورها استشاريا في المرحلة المقبلة، أكثر مما هو عملي، وشدد على أن المحيط الإقليمي والعالمي يفرض التمسك بالمنهج على أساس أن المبدأ هو الأساس، وليس الأشخاص.

وعلى الرغم من خروج الطرفين في مظاهرة واحدة تطالب بإعادة الرئيس محمد مرسي للحكم، واعتبار ما حدث في مصر «انقلابا على الشرعية»، فإن البرلماني الأمين رفض الربط بين التحولات التي تشهدها مصر، وما سماه التقارب بين الوطني والشعبي، بقوله: «أشواقنا وتعاطفنا واحد مع التوجه الإسلامي، ولكن نظرتنا للقضية بنظرة واحدة لا تعني أننا على خط واحد، لكن نأمل أن يحدث تقارب بين الحزبين».

وعلى الرغم من العداء «الظاهر» بين قيادات التنظيمين الإسلاميين في السودان، فإن مراقبين يلحظون تداخل «أطرافهما» وسهولة انسياب المعلومات بينهما لجهة أنهما كانا حزبا واحدا، بل وأكثر فإن شكوكا تسيطر على بعض المحللين بأن ما عرف بـ«المفاصلة» بين الترابي والبشير مجرد فصل في مسرحية عبثية، على الرغم من مرور أكثر من عشر سنوات عليها.

ولا يلحظ المراقب المدقق خلافات جوهرية بين قواعد التنظيمين، بل يمكنه أن يلحظ أن هذه القواعد تلتقي وتتقارب كلما واجهت الإسلاميين تحديات جدية، فحين خرجت المجموعة الغاضبة «سائحون» عن الحزب الحاكم لتطالب بالإصلاح داخله، يممت شطر ضاحية «المنشية» حيث يقيم الزعيم الإسلامي حسن الترابي.

وما إن ألقي القبض على ضباط إسلاميين شاركوا في المحاولة الانقلابية الأخيرة، حتى راج أن «يد الشيخ الترابي» تحرك الأحداث، بل ويزعم محللون سياسيون أن العفو عن هؤلاء الضباط وإطلاق سراحهم لعبت فيه «العلاقة الملتبسة» بين رجل القصر الرئاسي عمر البشير، ورجل ضاحية «المنشية» الخرطومية حسن الترابي.

يقول الكاتب الإسلامي المقرب من الدوائر المعلوماتية والأمنية إسحاق أحمد فضل الله، في مقاله المنشور أول من أمس بصحيفة «الانتباهة» المملوكة لـ«خال الرئيس»، إن هناك تنفيذيين كبارا سيذهبون في التغيير المقبل، بينهم وزراء المالية والعدل والزراعة والتعليم العالي والخارجية، قريبا.. ولا يستثني فضل الله من ذلك حتى النائب الأول للرئيس علي عثمان محمد طه وإن ذكر ذلك تلميحا بقوله: «ما بين البشير وحتى آخر من يشغل منصبا دستوريا يذهب بعد أيام».

ولا يكتفي إسحاق بتلك المعلومات، بل أكد وجود ضلع ثالث أطلق عليه «طيور الوقواق» التي تحتمي بفلان وفلان، والتي ستجد نفسها فجأة «في الصقيعة»، والصقيعة مفردة سودانية تعني الخلاء الذي لا أحد فيه، بل إن بعض «طيور الوقواق» لم يجف حبر التوقيع على قرارات تعيينها سوف يُعاد النظر فيها (على حد قوله).

ويأتي ذلك بينما اشتعلت الإثارة جراء الطريقة الغريبة التي تم بها إطلاق رئيس جهاز الأمن السابق صلاح عبد الله «قوش»، بعد اتهامه بتدبير انقلاب عسكري، وسجنه قرابة السبعة أشهر، ثم تبرئته دون تقديمه لمحاكمة والإشادة به، ونفي كل الاتهامات السابقة بشأنه، وآخرها تصريحات الناطق الرسمي باسم الحكومة أحمد بلال لـ«الشرق الأوسط»، بأن الرجل هو المدبر الفعلي والقائد الحقيقي لمحاولة نوفمبر (تشرين الثاني) الانقلابية.

وهذا ما جعل المحلل السياسي والكاتب عبد الله الشيخ يتساءل: «أطلقوا سراح قوش بعد كل الاتهامات التي كالوها له، أليس ممكنا أن يكونوا هم والترابي شيئا واحدا ومتفقين على توزيع الأدوار في مسرحية الإنقاذ المتطاولة؟».. وما جعل الكثيرين يعتقدون أن وراء «المفاصلة» ما وراءها، أن ما حدث لإسلاميي مصر قد يذكّر إسلاميي السودان بحكاية «الثور الأسود والأبيض»، وأيهما أُكل قبل الآخر.