يزور رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال اليوم (الثلاثاء)، كبرى مناطق القبائل بشرق البلاد للاطلاع على مدى إنجاز وتقدم عدة مشاريع اقتصادية واجتماعية فيها، حسب بيان لرئاسة الوزراء. بينما يرى مراقبون أن الزيارة تندرج في إطار محاولات الرجل الثاني في السلطة التنفيذية، سد فراغ كبير في الدولة أحدثه غياب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بسبب المرض.
وسيلتقي سلال مع أعيان ونشطاء المجتمع المدني بمدينة تيزي ووزو (110 كلم شرق العاصمة)، كما جاء في البيان الصادر أمس (الاثنين)، دون تقديم تفاصيل أخرى. لكن درج سلال خلال زيارات كثيرة مشابهة لولايات أخرى، على أن يحدث سكانها عن «عزم الدولة على حل مشكلاتهم»، وعن مشاريع التنمية لتقليص معدلات البطالة، وتوفير السكن لكل من يستحقه. ويعتبر الشغل والسكن، من أهم المطالب المطروحة في البلاد حاليا.
ويرتقب أن يواجه رئيس الوزراء أسئلة سكان تيزي ووزو، عن «متى تكون عودة الرئيس إلى البلاد»، و«هل سيطول غياب بوتفليقة أكثر من هذا؟». ومعروف أن رئيس الجمهورية يعالج في فرنسا منذ 27 أبريل (نيسان) الماضي، بسبب الإصابة بجلطة في الدماغ. وكعادته سيقول سلال إن غياب الرئيس «لم يؤثر على سير مؤسسات الدولة»، وأن «كل شيء على ما يرام في البلاد»، وأن بوتفليقة «يتابع المشاريع ويصدر القرارات ويعطي التوجيهات بشأن تسيير البلاد من مكان وجوده».
ويسعى رئيس الوزراء وطاقمه الحكومي، الذي يرافقه في زياراته الميدانية، إلى ملء فراغ كبير خلفه غياب الرئيس عن تدبير الشأن العام منذ 81 يوما. فالرئيس يركز كل الصلاحيات بين يديه، بحكم التعديلات التي أدخلها على الدستور في 2008، والتي منحته صلاحيات غير محدودة في إدارة شؤون الدولة. لذلك عندما توقف نشاط الرئيس توقف معه كل شيء، إذ ينتظر المئات من الأطر، التوقيع على مراسيم تعيينهم في الوظائف والمناصب التي جرى ترشحيهم إليها، ويترقب المئات من القضاة تأشير الرئيس على حركة التحويل والنقل بين الجهات القضائية والترقية التي تجري سنويا، كما ينتظر عدد كبير من المشاريع المعطلة أن يفصل بوتفليقة في مصيرها، ويترقب سفراء أجانب اتصالا هاتفيا من الرئاسة لتحديد موعد بغرض تقديم أوراق اعتمادهم للرئيس، إلى جانب إجراءات وتدابير لا تعد ولا تحصى، لا ترى النور إلا بموافقة الرئيس ومصادقته عليها.
وتمتد صلاحيات الرئيس إلى الموافقة على الترقيات التي تجري كل سنة، في المؤسسة العسكرية باعتباره وزيرا للدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلحة. ولكن على عكس القطاعات الأخرى، جرت الترقية في الجيش منذ 10 أيام في غياب رئيس الجمهورية. وقرأ مراقبون ذلك على أنه تكريس لشيء معروف لدى الجميع، هو أن الجيش مؤسسة فوق كل المؤسسات بما فيها رئاسة الجمهورية. بمعنى أن شؤون المؤسسة العسكرية، وذراعها الاستخباراتية خاصة، لا تتوقف مهما كان الحال حتى إذا تعلق الأمر بتوقف الرئيس عن النشاط بسبب المرض.
وأثر غياب الرئيس الطويل على المشهد السياسي أيضا. فالانتخابات الرئاسية مرتقبة في ربيع 2014، لكن لاشيء يوحي بأن البلاد مقبلة على استحقاق هام، لأن الراغبين في منصب الرئيس لا يعلمون إن كان بوتفليقة يريد ولاية رابعة أم عازف عن الاستمرار في السلطة. واستقر في أذهان الجزائريين والمشتغلين بالسياسة، أن المرشحين المفترضين للرئاسة لن يكون لهم أي حظ لو أعلن بوتفليقة رغبته في تمديد حكمه.