الشروع في التحضير للانتخابات الرئاسية المالية في كيدال معقل المتمردين الطوارق

حاكمها الجديد: سأبقى في المدينة وسأصوت فيها

TT

بعد أيام من التوتر عاشتها مدينة كيدال الواقعة في أقصى شمال شرقي مالي، بدأ سكان المدينة التي تعتبر معقل المتمردين الطوارق في سحب بطاقات الناخب التي توزعها السلطات الإدارية الموفدة من طرف الحكومة الانتقالية في باماكو، وذلك من أجل المشاركة في الشوط الأول من الانتخابات الرئاسية المرتقبة يوم 28 يوليو (تموز) الحالي.

وحسب ما أكده مصدر محلي بمدينة كيدال، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، فإن المئات من سكان المدينة والمناطق المحيطة بها تجمهروا منذ الساعات الأولى من صباح أمس أمام مقر البلدية (وسط المدينة) من أجل سحب بطاقات الناخب التي ستمكنهم من الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وأضاف المصدر المحلي ذاته أن عملية سحب بطاقات الناخب تشهد إقبالا كبيرا، وتجري تحت حراسة أمنية مشددة من طرف قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وذلك في ظل مخاوف من استهداف الراغبين في التصويت، من طرف الجماعات الإسلامية المسلحة التي كانت تسيطر على شمال مالي، أو حتى من مسلحين متمردين يعارضون إجراء الانتخابات.

وكانت مدينة كيدال، التي تعتبر ثامن محافظات مالي، قد شهدت الأسبوع الماضي موجة احتجاجات شعبية واسعة رفضا لعودة أول كتيبة من الجيش المالي إلى المدينة، هي الكتيبة التي مهدت الطريق أمام السلطات الإدارية المالية ممثلة في الحاكم الذي عينته الحكومة الانتقالية لتسيير شؤون المدينة، والإشراف على التحضير للانتخابات الرئاسية.

وفي غضون ذلك، وصل إلى كيدال أمس العقيد آدم كاميسوكو، الحاكم الجديد للمدينة وبرفقته بعض التجهيزات الضرورية لتحسين القطاع الصحي والكهربائي فيها، وذلك بعد أن زارها نهاية الأسبوع الماضي حيث غادرها على عجل إلى باماكو وهو يحمل تقريرا مفصلا عن الوضع المعيشي والصحي، إذ لاحظ ندرة بعض الخدمات الأساسية المتعلقة بالماء الصالح للشرب والكهرباء والصحة، وانتشار الفقر والجوع في أوساط السكان.

وخلال تصريحات صحافية أدلى بها الحاكم الجديد لكيدال قبيل مغادرته باماكو، قال إن «كيدال تعيش ظروفا صعبة جدا، وأنا أستغرب كيف للسكان أن يعيشوا في مثل هذه الظروف، فكيف يمكننا الحديث عن تنظيم انتخابات فيها؟».

وأضاف العقيد كاميسوكو: «ما أريد تأكيده لكم هو أنني سوف أبقى في كيدال حتى نهاية الشوط الأول من الانتخابات، وعند نهايته سوف أحمل النتائج إلى باماكو، وأنا سأصوت في كيدال»، قبل أن يستقل طائرة برفقة ممثلين عن اللجنة الانتخابية.

وفي ظل مساعي الحكومة الانتقالية في باماكو الحثيثة نحو تنظيم الانتخابات الرئاسية في موعدها، ظلت بعض الأصوات تطالب بين الفينة والأخرى بتأجيلها، مبدية تخوفها من تعذر إمكانية إجرائها في ظروف ملائمة، وفي هذا السياق أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون على ضرورة احترام نتائج الانتخابات.

وقال بان كي مون في تصريح صحافي عقب لقاء جمعه يوم أمس بالأمين العام للمنظمة الفرانكفونية الدولية السنغالي عبدو ضيوف، إنه يتعين على كل أطراف الأزمة في مالي احترام الانتخابات التي ستنظم في البلاد يوم الثامن والعشرين من الشهر الحالي، بينما أعرب عن أمله في تنظيم الانتخابات في «مناخ سلمي وهادئ»، وأنه «على الرغم من أن تلك الانتخابات قد تكون غير كاملة، فإنه يجب احترامها من قبل جميع الأطراف».

وكان كي مون قد اجتمع في وقت سابق بالعاصمة الفرنسية باريس مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والرئيس المالي بالوكالة ديونكوندا تراوري، حيث تباحثوا بخصوص تطورات الوضع في مالي، خصوصا بعد انتقال مهمة حفظ الأمن في المناطق الشمالية من القوات الفرنسية إلى قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، إضافة إلى تنظيم الانتخابات التي تشرف عليها السلطات المالية وتعمل الأمم المتحدة على تأمينها.

ولا تزال مالي تعيش مخاوف من تجدد الهجمات التي تشنها جماعات إسلامية مسلحة، سيطرت على شمال البلاد لأكثر من عام، قبل أن تتدخل القوات الفرنسية مطلع يناير (كانون الثاني) 2013، في عملية «القط البري» الساعية إلى طرد المقاتلين الإسلاميين من شمال مالي.

من جهته، قلد الرئيس المالي بالوكالة أمس الرئيس الفرنسي بالوسام الوطني المالي، تقديرا لـ«الخدمة الاستثنائية» التي قدمتها باريس إلى مالي من خلال التدخل العسكري الفرنسي لطرد الجماعات الإسلامية المسلحة التي سيطرت على شمال البلاد، قبل أن يؤكد تراوري خلال مراسم تقليد الوسام التي أقيمت بمبنى سفارة مالي في باريس على أن «مالي هي بلاد حرة».