بارزاني يحسم موقفه ويقبل بتمديد رئاسته لكردستان سنتين أخريين

المعارضة تلوح بالانسحاب من البرلمان.. ورئيس الإقليم يتهمها بـ«التشنج»

مسعود بارزاني(رويترز)
TT

حسم مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان، موقفه من تمديد ولايته لسنتين أخريين بناء على مقترح تقدم به الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني، وأنهى بذلك جدلا واسعا دار خلال الفترة الأخيرة وشغل كردستان برمتها.

وألقى بارزاني بيانا أمس قال فيه: «لم أكن أبدا عاشقا للسلطة والمناصب، واليوم لا أريد أن أبدل تاريخي النضالي من أجل تحرير كردستان بأي شيء آخر، فالإنسان يعرف بنضاله وتضحياته من أجل شعبه ووطنه، وليس بالمناصب والعناوين الوظيفية والإدارية، وقد وقعت قانون تمديد ولاية البرلمان حتى لا يحدث أي فراغ قانوني ودستوري بالإقليم، وقانون تمديد ولاية رئيس الإقليم تم تصديقه من البرلمان عبر كتل برلمانية من الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني والأحزاب والكتل القومية الأخرى والمستقلين أيضا، وأنا الآن أمام تحالف قائم بين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني ومعهما أحزاب وقوى أخرى ممثلة بالبرلمان والتي قررت مجتمعة تمديد ولاية رئيس الإقليم لسنتين، وجرى ذلك من دون مشاركتي بذلك القرار، كما أنني أمام مسؤولية أخلاقية واجتماعية لدعم العمل المشترك مع أخي مام جلال لحماية واستمرارية ذلك التحالف، ووفاء مني لتلك المسيرة الطويلة ولكي يبقى الأمن والاستقرار مستتبا، والاتفاق الاستراتيجي جزء مهم لتحقيق ذلك، ولغياب أخي (الرئيس العراقي) مام جلال (طالباني) أرى المسؤولية مضاعفة، وبعد التشاور مع معظم القوى والأحزاب الكردستانية، قررت عدم رفض قانون تمديد ولايتي، وهذا لا يعني أنني راض عن مضمون وأسلوب صياغة قانون تمديد الولاية ولذلك لم أوقعه».

وختم بارزاني بيانه بالقول: «احتراما مني لأصوات معظم الكتل البرلمانية ولعدم إحراجهم، أعلن لشعب كردستان أنني سأحمل هذه الأمانة إلى حين انعقاد الدورة الرابعة للبرلمان، ومن الآن أطالب رئاسة البرلمان القادم بالعمل خلال فترة لا تتجاوز سنة واحدة لتحقيق التوافق حول مشروع الدستور وتحديد آليات انتخاب رئيس الإقليم، وأن تنظم الانتخابات الرئاسية حينذاك لكي نسلم هذه الأمانة لمن يحصل على ثقة الشعب».

وانتقد بارزاني أحزاب المعارضة وقال إنها تعاملت «بتشنج وتشدد مع ذلك الموضوع أدى إلى خلق أزمة سياسية. ولكي يتحقق التوافق السياسي والوطني ولكي نحمي تجربتنا السياسية بادرت بتوجيه رسالة إلى الأطراف السياسية، ثم حولتها برسالة أخرى إلى رئاسة البرلمان ليبحث هناك عن توافق الأطراف حول تلك المسائل، ولتكون هناك خارطة طريق تؤدي إلى تنظيم الانتخابات وتشريع الدستور، ثم لأتحدث بصراحة إلى شعب كردستان بأنني لم أكن راغبا بترشيح نفسي للانتخابات، وبأنني سألتزم بالقانون، وسأسلم الأمانة إلى من ينتخبه الشعب. لكن للأسف لم تتعاون المعارضة معنا لإنجاح هذه العملية، بل إنهم لم يرضوا حتى عن مشاركة الآخرين باجتماعات رئاسة الإقليم لهذا الغرض، وحاولوا إجهاض العملية، وبذلك أثبتت المعارضة أن مفهومها للتوافق هو فقط فرض إرادتها وإرغام الآخرين على الاستجابة لطلباتها دون أي حساب لبقية الأطراف».

ومضى بارزاني إلى القول: «أريد أن أقولها بصراحة تامة بأن التوافق لا يعني اجتماع الحزبين الديمقراطي والاتحاد الوطني والأطراف المعارضة الثلاثة على أمر ما، بل إن الأمر يتعلق بجميع شرائح وفئات المجتمع، وخاصة عندما يتعلق بموضوع الدستور، لأن كردستان لا تضم فقط هذه الأطراف الخمسة، واليوم أطالب مجددا بتحقيق التوافق على مشروع الدستور وسأبذل قصارى جهدي لدعم هذا التوجه لكي لا تحدث أزمة سياسية، ولكي ينعم المواطنون بالأمن والاستقرار، وسأبذل كامل جهدي من أجل تهيئة أرضية التوافق الوطني».

ورغم النوايا الحسنة التي بدرت من بارزاني خلال هذا الخطاب المؤثر والمهم، فإن من شأن هذا التطور أن يفتح الأبواب أمام أزمة جديدة. وفي هذا السياق عقدت قيادة المعارضة الكردية (حركة التغيير والاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية) اجتماعا للتباحث حول الموقف من تمديد ولاية بارزاني، وهي التي أشارت في عدة مناسبات إلى أنها سوف ترد بخيارات محددة في حال وافق بارزاني على تمديد ولايته، منها الانسحاب من البرلمان، ثم اللجوء إلى المحكمة الاتحادية، وأخيرا تحريك الشارع الكردي والخروج بمظاهرات احتجاجية. ولم تصدر بعد أي بلاغات بشأن خطاب بارزاني وقبول تمديد ولايته.

وفي اتصال مع النائب عبد الله ملا نوري عن كتلة التغيير المعارضة أكد لـ«الشرق الأوسط» أن أعضاء كتلة التغيير جميعهم على استعداد كامل للانسحاب من البرلمان في حال صدرت الأوامر إليهم من قيادة الحركة، فيما أكد محمد حاجي مسؤول غرفة العلاقات السياسية بالحركة «أن جميع الخيارات ستصبح مفتوحة في حال وافق بارزاني على تمديد ولايته، بما فيها اللجوء إلى المحكمة الاتحادية ببغداد»، فيما أكد أبو بكر هلدني عضو قيادة الاتحاد الإسلامي «أن المعارضة ستلجأ إلى الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي لتقديم الشكوى إليهما في حال أصر بارزاني على تمديد ولايته لأنه بذلك سيكون قد خرق القانون».