مساع للحيلولة دون انزلاق محافظة ديالى إلى الحرب الأهلية

محافظها: لا دور لنا في الملف الأمني ولا أستطيع نقل حتى شرطي

TT

على كثرة ما تم استهدافه من قبل المجاميع المسلحة للمساجد والحسينيات والمقاهي والأسواق ونقاط التفتيش بالسيارات المفخخة أو العبوات اللاصقة فإن حزامين ناسفين استهدفا مجلسي عزاء شيعيين في قضاء المقدادية التابع لمحافظة ديالى (50 كلم شمال غربي بغداد) نجحا في رفع منسوب العنف الطائفي من جديد في هذه المحافظة المختلطة.

مستويات العنف الطائفي بلغت حد التهجير لقرى سكانية بكاملها جنوب المقدادية الأمر الذي أدى بوزارة الهجرة والمهجرين في العراق إلى أن تسارع إلى منح كل عائلة مهجرة مبلغا قدره نصف مليون دينار عراقي وهو ما يعيد إلى الأذهان عمليات التهجير الطائفي والعرقي والنزوح الجماعي خلال أعوام 2005 - 2008 في العراق.

وبينما كان متوقعا أن يناقش البرلمان العراقي أمس تقريرا خاصا للجنة من أعضاء من البرلمان عن محافظة ديالى كانوا قد زاروا المنطقة المستهدفة من قبل الجماعات المسلحة والتي شهدت بعض القرى التابعة لها عمليات تهجير، فإن النائبة عن القائمة العراقية عن محافظة ديالى ناهدة الدايني أعلنت عن جمعها تواقيع من النواب لمناقشة الوضع الأمني في المحافظة. وقالت في مؤتمر صحافي عقدته بمبنى البرلمان أمس «إننا متخوفون من نشوب حرب أهلية في ديالى على خلفية الخروقات الأمنية المتكررة التي تشهدها المحافظة». وطالبت الحكومة بـ«وضع حلول سريعة تحد من خطورة الإرهاب في المحافظة».

وكانت شرارة العنف في ديالى انطلقت منذ نحو أسبوعين عندما استهدف تفجيران انتحاريان بأحزمة ناسفة مجالس عزاء وحسينية في قضاء المقدادية الذي تسكنه غالبية شيعية من قبيلة بني تميم الأمر الذي أدى إلى حصول رد فعل اتخذ بعدا طائفيا عندما تمت مداهمة قرى سنية بالقرب من القضاء. وبالإضافة إلى عمليات الاعتقال فقد حصلت موجة من أعمال التهجير اتهمت الأجهزة الأمنية بالضلوع فيها.

من جانبه أعلن محافظ ديالى عمر الحميري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الوضع في ديالى قلق وقد سبق لنا أن حذرنا من خطورة تداعياته على السلم الأهلي في هذه المحافظة التي هي عراق مصغر وهو ما جعلها هدفا للإرهابيين والجماعات المسلحة». وأضاف الحميري أن «هناك للأسف نظرة قاصرة ونغمة طالما نسمعها أن هناك استهدافا لمكون معين في المحافظة (في إشارة إلى المكون الشيعي) بينما الأمر ليس كذلك بل إن من يقول بذلك يقدم خدمة العمر للإرهابيين الذين يريدون بالفعل النفاذ إلى نسيج المجتمع وتخريبه في حين أن الإرهاب لا يستهدف مكونا دون آخر لكنه يملك القدرة على المناورة والتكتيك وهذه مسؤولية الأجهزة الأمنية التي يتوجب عليها معالجة هذا الخلل بخطط وأساليب جديدة».

وأوضح الحميري أن «ديالى محافظة صغيرة وأن أي عملية تحصل فيها تلفت الأنظار ولذلك تحرص الجماعات المسلحة من تنظيم القاعدة والميليشيات المسلحة على اتخاذها بمثابة بطن رخو لتحقيق أهدافها». وردا على سؤال بشأن الإجراءات التي تم اتخاذها بالتنسيق مع الجهات الأمنية قال الحميري «لقد قمنا بالكثير من الإجراءات عن طريق رجال الدين وشيوخ العشائر والأهالي لكن ما أريد قوله أن القرار الأمني مصادر تماما حيث إنني لا املك صلاحية نقل شرطي من مكان إلى آخر».

واعتبر محافظ ديالى أن «الخطط الأمنية جيدة لكن مستوى التنفيذ غير جيد». وحذر من «ردود الفعل الانفعالية» بقوله «إن تفجيرا هنا أو هناك لا يمكن أن يؤدي إلى عقاب جماعي لأكثر من 150 قرية تم تهجيرها بالكامل بينما المطلوب من الأجهزة المختصة البحث عن الإرهابي لا معاقبة الأبرياء وهو أمر إن استمر على هذه الوتيرة فإن الأمور سوف تزداد سوءا». وانتقد الحميري البرلمان والحكومة معا قائلا «إنهم يأتون ويذهبون ويناقشون ولكن النتيجة لا شيء بل إن هناك من يريد رفع أسهمه الانتخابية والسياسية من خلال هذه الأزمة»، معتبرا أن «الأمور الآن يمكن القول عنها إنها تحت السيطرة بجهود أبناء المحافظة الذين بدأوا يدركون خطورة ما هم عليه في الوقت الحاضر». وعلى الصعيد نفسه، أكد سامي الخزرجي رئيس الصحوات في محافظة ديالى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الأوضاع بدأت تعود إلى مجراها الطبيعي شيئا فشيئا على الرغم من كل ما حصل والذي أدى إلى تأزم الأوضاع بشكل خطير». وأضاف أن «ما نحتاج إليه الآن هو التهدئة وليس التصعيد من قبل هذا الطرف أو ذاك»، داعيا «السياسيين والبرلمانيين إلى المساعدة عن طريق حث الناس على الهدوء وهو ما نعمل عليه الآن كصحوات وشيوخ قبائل ورجال دين وبالتنسيق مع الأجهزة الأمنية بهدف إرجاع الأمور إلى وضعها الطبيعي وإعادة العوائل التي تم تهجيرها»، مشيرا إلى أن «الثقل الآن تتحمله الصحوات على الرغم من أنها لا تحظى بالدعم المطلوب».