تجدد الجدل في الجزائر حول خليفة بوتفليقة بعد عودته من رحلة علاج طويلة بباريس

عاد أمس إلى بلاده بعد غيبة دامت 82 يوما

الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لدى اجتماعه بكبار المسؤولين بعد عودته الى البلاد من رحلة علاج في باريس أمس (أ.ف.ب)
TT

عاد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أمس إلى بلاده، بعد رحلة علاج بفرنسا دامت 82 يوما. وشوهد بوتفليقة جالسا على كرسي متحرك في مطار «لوبورجي» الباريسي عندما كان بصدد ركوب الطائرة، فيما قطع الوزير الأول عبد المالك سلال أمس زيارة إلى مدينة تيزي وزو، الواقعة شرق العاصمة، لاستقبال بوتفليقة.

وبعودة بوتفليقة يتجدد الجدل بخصوص من سيحظى برضا النافذين في مراكز القرار ليكون مرشحهم لانتخابات الرئاسة العام المقبل.

وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية بأن طائرة الرئاسة الجزائرية التي نقلت الرئيس أقلعت من باريس في حدود الساعة الثانية والنصف بعد الظهر بتوقيت الجزائر، وتستغرق الرحلة بين عاصمتي البلدين ساعتين. ولوحظ أمس أن الأجواء عادية في العاصمة؛ إذ لا شيء أوحى أن بوتفليقة عائد إلى البلاد بعد غياب طويل نسبيا. وفي العادة يكون وجود رجال الأمن مكثفا في العاصمة، عندما يكون الرئيس مسافرا أو عائدا.

ونقل بوتفليقة إلى مستشفى «فال دو غراس» العسكري بباريس يوم 27 أبريل (نيسان) الماضي، بسبب تعرضه لجلطة دماغية، قال أطباء جزائريون حينها إنها «عابرة ولم تترك آثارا جانبية عليه». ولكن طول فترة علاج الرئيس جعلت قطاعا واسعا من الجزائريين يشكك في صحة تطمينات المسؤولين الجزائريين، الذين ما انفكوا يؤكدون أن «الرئيس بخير وسيعود قريبا، وسيصبح مرضه مجرد ذكرى سيئة».

وأفادت نشرة صحية رسمية خاصة بتطورات مرض الرئيس بوتفليقة، صدرت في 11 يونيو (حزيران) الماضي بأنه «يقضي فترة علاج وإعادة تأهيل وظيفي بفرنسا لتعزيز التطور الإيجابي لحالته الصحية». ووقع النشرة طبيبان عسكريان برتبة عقيد، يتابعان تطورات حالة الرئيس الصحية. وأثار علاج الرئيس على أيدي أطباء عسكريين جدلا في البلاد، ولم يجد الكثيرون تفسيرا لسبب عزوفه عن التطبيب لدى مدنيين.

وصدرت النشرة الطبية عن رئاسة الجمهورية، وكانت الأولى والأخيرة، وجاء فيها أن الرئيس تعرض لجلطة دماغية، وأن الفحوصات الأولية التي أجريت له بالمستشفى العسكري بالعاصمة الجزائرية «أشارت إلى الطابع الإقفاري للأزمة دون أثر على الوظائف الحيوية».

وبسبب كثرة الضغوط، اضطرت السلطة بعد موافقة عائلة الرئيس، إلى إظهاره عبر شاشة التلفزيون الحكومي. كان ذلك في 12 يونيو الماضي، عندما صورته الكاميرا في المستشفى مع الوزير الأول سلال، وقائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح. وبدا الرئيس متعبا للغاية، وكانت الصور صامتة إذ لم يبث التلفزيون صوت الرئيس. فيما نشرت وكالة الأنباء الجزائرية، أنه «أعطى تعليمات للوزير الأول لتحضير اجتماع لمجلس الوزراء». كما نقلت عنه قوله إنه أصدر توجيهات للحكومة للتحضير لشهر رمضان في ظروف جيدة، وبما يخفف العبء عن العائلات الجزائرية. وشكك مراقبون في كون الرئيس قادرا على القيام بأي نشاط، بعد الصورة التي ظهر عليها. فقد كان يحرك يده اليسرى بصعوبة وكانت حركته ثقيلة.

وأعلن حينها أن الرئيس بوتفليقة (76 سنة) سيبدأ مرحلة تأهيل وظيفي، دون تحديد مدتها. وتفيد مصادر مطلعة بأن السلطات جهزت قاعة الرياضة التي تتبع لشركة المحروقات «سوناطراك» المخصصة لكوادرها، لوضعها تحت تصرف الرئيس في مرحلة التأهيل الوظيفي. وجرى انتداب طاقم طبي من المستشفى العسكري للإشراف على إعادة الحركة للأعضاء التي أصيبت.

وقال عبد الكريم لعبان، طبيب جزائري متخصص في التأهيل الوظيفي، لـ«الشرق الأوسط»، إن الإصابة بجلطة في الدماغ تلزم المريض إجراء تمارين لمدة لا تقل عن عام، لو تركت آثارا على وظائف المصاب. وتطول مدة التأهيل، حسب الطبيب، إذا كان متقدما في السن.

وتتوقع الأوساط السياسية والإعلامية المشدودة إلى قضية مرض الرئيس، إما أن يعلن أن الرئيس غير قادر على أن يستمر في الحكم فيجري تفعيل مادة دستورية تتحدث عن «إثبات المانع الصحي» للرئيس، ويعلن أن منصب الرئيس شاغر. وإما سيعلن عبر تسريبات للصحافة بأن الرئيس لا يمكنه الترشح لولاية رابعة بمناسبة انتخابات الرئاسة المنتظرة ربيع العام المقبل، بسبب مرضه، وبالتالي سيتجدد الجدل حول الشخص الذي يحظى بإجماع النافذين في السلطة ليكون مرشحهم في الاستحقاق المقبل.