البشير يعود للخرطوم على عجل.. ودعوى من محامين نيجيريين لتسليمه لمحكمة لاهاي

الخارجية السودانية: بريطانيا تحتقر أفريقيا وإرادة شعوبها وقادتها * جوبا تكشف عن لقاء قمة سوداني نهاية الشهر الحالي حول قضية أبيي

TT

نددت وزارة الخارجية السودانية بتصريحات الخارجية البريطانية التي اعتبرت فيها استضافة نيجيريا الرئيس عمر البشير، في القمة الأفريقية الصحية لمكافحة «الإيدز والملاريا والسل» بأبوجا يومي الاثنين والثلاثاء، وعدم تنفيذ مذكرة الاعتقال الصادرة بحقه من المحكمة الجنائية الدولية، أمرا «مخيبا لآمال الضحايا»، وأن المحاكمة المنتظرة ستطول كثيرا.

وعاد الرئيس عمر البشير من نيجيريا مساء الاثنين قبيل انتهاء القمة بيوم، وخلال أقل من أربع وعشرين ساعة من سفره، بعد أن شارك في الجلسة الافتتاحية، والتقى عددا من رصفائه الأفارقة وتباحث معهم حول العلاقات مع جنوب السودان.

وقال الوزير بوزارة الخارجية البريطانية لشؤون أفريقيا مارك سايموندز، إن استقبال نيجيريا الرئيس البشير يرسل رسالة مخيبة للآمال لعائلات الضحايا، فحواها أن المحاسبة التي ينتظرونها ستتأخر لفترة طويلة، وإن بلاده انطلاقا من التزاماتها بنظام عمل المحكمة الجنائية الدولية تهيب بالدول الأعضاء الأخرى - ومن بينها نيجيريا - أن تتحمل مسؤولياتها.

ووصفت الخارجية السودانية تصريحات المسؤول البريطاني بأنها تتضمن «احتقارا بالغا» للاتحاد الأفريقي، وإرادة الدول الأفريقية، ولحكمة القادة الأفارقة، وإحساسهم بمسؤولياتهم السياسية والأخلاقية، انطلاقا من قرار القادة الأفارقة في «قمة سرت» عام 2009 بعدم التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، وتجديده في القمة الأخيرة بأديس أبابا. وقالت الخارجية السودانية، في بيان حصلت عليه «الشرق الأوسط»، إن تصريحات المسؤول البريطاني تستخف بإرادة الشعوب الأفريقية وخياراتها الديمقراطية، وإن الرئيس البشير منتخب بأغلبية ساحقة عام 2010 في انتخابات حرة ونزيهة.

واعتبرت تصريحات المسؤول البريطاني «أحد أسوأ» نماذج ازدواج المعايير وعدم الاتساق الأخلاقي والسياسي: «إذ إن بريطانيا شاركت في غزو العراق عام 2003 بعد أن ضللت الرأي العام المحلي والعالمي بمبررات كاذبة، وترفض أي محاولة لمحاسبة المسؤولين عن ذلك الغزو ومنهم رئيس وزرائها الأسبق، مما يجعلها تفتقر على السند الأخلاقي الذي يبيح لها الحديث باسم ضحايا العنف في دارفور».

وكانت شبكة «سكاي نيوز» قد نقلت عن دبلوماسي سوداني قوله إن الرئيس عمر البشير غادر نيجيريا بعدما طالب محامون في مجال حقوق الإنسان ونشطاء بإلقاء القبض عليه، قبل نهاية القمة التي تستمر يومين وبعد أقل من 24 ساعة من وصوله لأبوجا. وحسب «سكاي نيوز»، فإن الدبلوماسي السوداني، الذي لم تذكر اسمه، نفى أن تكون هناك صلة بين رحيل البشير المتعجل، والمطالب الداعية إلى اعتقاله، وأن العودة مرتبطة بالتزامات رئاسية مبرمجة مسبقا.

ودأب الرئيس البشير على تحدي قرار المحكمة الجنائية ومذكرة القبض الصادرة بحقه، وسافر إلى عدة دول بينها دول موقعة على ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية، ونقلت اجتماعات القمة الأفريقية من دولة ملاوي بسبب مشاركة الرئيس البشير.

وظلت قضية القبض على الرئيس البشير تثار بقوة كلما تقرر سفره خارج البلاد، وتثير منظمات حقوقية ودول أعضاء في كل مرة القضية وتطلب من الدول المضيفة القبض عليه، بيد أن الاتحاد الأفريقي اعتبر المحكمة الجنائية تستهدف القادة الأفارقة.

وطلبت «هيومان رايتس ووتش» من نيجيريا القبض على البشير، لكن أبوجا قالت إن الدعوة جاءته من الاتحاد الأفريقي، وإنها تتبع توجيهات من الاتحاد الأفريقي لدوله الأعضاء الثلاثة والخمسين بعدم اعتقال البشير. كما قدم محامون نيجيريون دعوى قضائية يوم الاثنين، في محاولة لإرغام الحكومة على إلقاء القبض على الرئيس السوداني وتسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمته.

إلى ذلك، كشف قيادي في الحركة الشعبية الحاكمة في جنوب السودان عن إبداء البشير موافقته المبدئية لعقد لقاء قمة ثنائي مع نظيره الجنوب سوداني سلفا كير ميارديت نهاية يوليو (تموز) الحالي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، لبحث الترتيبات حول الوضع النهائي لقضية أبيي المتنازع عليها بين البلدين.

وقال عضو المكتب السياسي في الحركة الشعبية الحاكمة في جنوب السودان دينق الور كوال، إن «البشير وافق مبدئيا على عقد لقاء القمة»، موضحا أن المقترح جاء من رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى ثابو مبيكي وقدمه للرئيسين الأسبوع الماضي. وأضاف أن اللقاء سيبحث مقترح الاتحاد الأفريقي حول ترتيبات الوضع النهائي لقضية أبيي المتنازع عليها بين البلدين، ولمح إلى أن البشير أبدى موافقة مبدئية على المقترح الأفريقي بتشكيل إدارية أبيي ومفوضية للاستفتاء الذي يفترض أن يجرى في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

وأشار الور إلى أن حكومة بلاده رشحت كلا من وزير الشؤون البرلمانية في حكومة جنوب السودان مايكل مكواي ونائب وزير شؤون رئاسة مجلس الوزراء وويك مامير لعضوية مفوضية أبيي، وأن الخرطوم ستسلم أسماء مرشحيها إلى الآلية رفيعة المستوى قبل انعقاد القمة الرئاسية.