كوبلر أمام مجلس الأمن: التصعيد في أعمال العنف يدفع العراق إلى طريق خطر

مبعوث الأمم المتحدة اتهم «مجاهدين خلق» بانتهاك حقوق سكان معسكرها قرب بغداد

باتريك كنيدي عضو الكونغرس الأميركي السابق يتحدث في مظاهرة لمؤيدي منظمة «مجاهدين خلق» الإيرانية المعارضة أمام مقر الأمم المتحدة في نيويورك أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

حذر مارتن كوبلر، المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى العراق المنتهية ولايته، أمام مجلس الأمن الدولي من أن أعمال العنف المتزايدة في العراق والتي حصدت في غضون أربعة أشهر نحو ثلاثة آلاف قتيل تهدد بدفع هذا البلد إلى «طريق خطر».

وأوضح كوبلر في إحاطة أمام مجلس الأمن، مساء أول من أمس، أن التوترات السياسية وتداعيات الحرب في سوريا جعلت من الأشهر الأربعة الأخيرة الأكثر دموية التي يشهدها العراق خلال السنوات الخمس الماضية. وقال إن «قرابة ثلاثة آلاف رجل وامرأة وطفل قتلوا وأكثر من سبعة آلاف آخرين أصيبوا بجروح» في أعمال العنف التي شهدها العراق في الأشهر الأربعة الأخيرة، حسبما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال المبعوث الدولي إن القادة العراقيين يواجهون «قرارات حاسمة» وسط توترات جديدة تجتاح البلاد. وأشار إلى أن أمام القادة العراقيين إما أن يختاروا «تعزيز أسس الديمقراطية» أو «المغامرة باتباع طريق خطر، حيث تنتظرهم مآزق سياسية وأعمال عنف دينية عند كل مفترق».

وقتل أكثر من 2600 شخص في موجة العنف هذا العام. ومنذ مطلع العام يشهد العراق عودة لأعمال العنف بوتيرة تدعو إلى القلق من عودة هذا البلد إلى الانزلاق مجددا في أتون النزاع المذهبي الذي مزقه عامي 2006 - 2007.

ورغم أن العراق يعاني من العنف منذ سنوات، إلا أن محللين يقولون إن الاستياء المنتشر بين أعضاء الأقلية السنية الذي أخفقت الحكومة التي يقودها الشيعة في معالجتها، أدى إلى تصاعد العنف هذا العام. وقال كوبلر إن الخبراء يعتبرون أن المتمردين يحاولون الاستفادة من شعور الاستياء لدى السنة الذين يشعرون بأنهم «مستهدفون» من الحكومة. وأكد أن السفارة الأميركية في العراق سعت إلى التوصل إلى تسوية بالتفاوض والإبقاء على اتصال بالمتظاهرين الذين يحتجون في كثير من المدن العراقية. وقال إن على الأحزاب السياسية العراقية إنهاء الجمود عن طريق إصلاح القوانين المثيرة للجدل حول مصادرة أملاك الأعضاء البارزين السابقين في حزب البعث، وإصلاح قانون المحاسبة.

من ناحية ثانية، دعا كوبلر إلى أن يوافق عدد أكبر من الدول على إيواء أعضاء جماعة «مجاهدين خلق» الإيرانية المعارضة الموجودين حاليا في معسكر قرب بغداد بانتظار ترحيلهم. وكان تم نقل نحو 3000 من أعضاء الجماعة من معسكر أشرف في محافظة ديالى إلى معسكر ليبرتي، القاعدة الأميركية السابقة، قرب بغداد. وقتل شخصان في هجومين في المخيم الجديد هذا العام. ووافقت ألبانيا على استقبال 210 من عناصر المنظمة المعارضة للحكومة الإيرانية، فيما وافقت ألمانيا على استقبال مائة.

وشدد كوبلر على أن «الحل السلمي الوحيد لمشكلة هؤلاء اللاجئين يكمن في نقلهم إلى خارج العراق». وأضاف: «أناشد كل الدول الأعضاء إلى استقبال سكان المخيم الباقين». وتابع أن الحكومة العراقية لم توفر الأمن الذي وعدت به للمعسكر وأن سكان المعسكر لم يتعاونوا مع وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. كما اتهم قيادات المعسكر بارتكاب «انتهاكات لحقوق الإنسان» ضد السكان. وأضاف أن انتهاكات حقوق الإنسان في المعسكر «مثار قلق متزايد.. تشير المئات من تقارير المراقبة اليومية إلى أن هناك قيودا صارمة على حياة من يعيشون في المعسكر». ونقلت عنه وكالة «رويترز» قوله «أبلغ عدد غير قليل من سكان المعسكر مراقبي الأمم المتحدة بأنه ليست لهم حرية مغادرة المعسكر أو المشاركة في عملية إعادة التوطين التي عرضتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أو الاتصال بأقاربهم خارج العراق أو حتى الاتصال بأقاربهم داخل المعسكر نفسه». وأضاف أن بعض المقيمين في المعسكر ذكروا أن قيادات المعسكر منعتهم من الحصول على الرعاية الطبية، بينما تحدث آخرون عن إساءات لفظية وأشكال أخرى من إساءة المعاملة لاختلافهم مع قيادات المعسكر أو لتعبيرهم عن رغبتهم في مغادرته.

لكن شاهين قوبادي، المتحدث باسم المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، نفى صحة تصريحات كوبلر الذي يتهمه المعارضون الإيرانيون منذ فترة بالكذب والتستر على حقائق عن أوضاع معيشية يقولون إنها دون المستوى في المعسكر. وقال: «هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة بتاتا والمقاومة الإيرانية دعت في 50 مناسبة إلى إرسال بعثة مستقلة لتقصي الحقائق للتحقيق في كل هذه المزاعم وكل الأكاذيب الأخرى التي نشرها كوبلر.. ولكن لا كوبلر ولا حكومة العراق وافقا على أي تحقيق مستقل».

بدورها دافعت الأمم المتحدة عن كوبلر ونفت ما تردد عن التستر. وقال مارتن نسيركي، المتحدث باسم الأمم المتحدة: «نأسف أن منظمة مجاهدين خلق وأنصارها ما زالوا يركزون على تشويه جهود الأمم المتحدة للتوصل لحل سلمي وإنساني في معسكر أشرف، خاصة هجومهم على شخص مبعوث الأمم المتحدة إلى العراق».

من ناحية أخرى، نظم أميركيون من أصل إيراني وعضو الكونغرس الأميركي السابق باتريك كيندي تظاهرة أمام مقر الأمم المتحدة أثناء اجتماع مجلس الأمن احتجاجا على كوبلر ولمطالبة الأمم المتحدة بتقديم حماية أكبر لسكان المعسكر.