موعد الانتخابات التشريعية يثير جدلا دستوريا في موريتانيا

ولد داداه ينتقد اللجنة الانتخابية ويشكك في مصداقيتها

TT

تشهد الساحة السياسية في موريتانيا جدلا واسعا بخصوص إمكانية تنظيم الانتخابات التشريعية والبلدية نهاية العام الحالي، وفق ما سبق وأعلنت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات؛ حيث يشير مراقبون للوضع السياسي في البلاد إلى أن جميع الخيارات المطروحة تفرض على الحكومة الموريتانية تنظيم الانتخابات قبل نهاية العام، وبالتحديد في شهر أكتوبر (تشرين الأول) تفاديا لإشكاليات دستورية تزيد من تعقيد الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ 2009.

وفي خضم هذا الجدل، عقدت منسقية المعارضة الموريتانية، أمس، مؤتمرا صحافيا في نواكشوط، انتقدت فيه اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابية، التي ستتولى مهمة الإشراف على عملية الاقتراع وما يسبقها من تحضير؛ حيث اعتبر رئيسها الدوري، أحمد ولد داده، أن اللجنة الانتخابية «فاقدة للمصداقية، ولا تملك المؤهلات الكافية لتنظيم انتخابات حرة وشفافة ونزيهة ومحل إجماع».

وقال ولد داداه، الذي يرأس حزب تكتل القوى الديمقراطية، أحد أعرق أحزاب المعارضة الراديكالية في البلاد؛ إن «لجنة الانتخابات تفقد مصداقيتها لثلاثة أسباب جوهرية؛ أولها أنها غير توافقية، وثانيها أن كل طاقم وزارة الداخلية واللامركزية المعني بالانتخابات تحول إليها مما يطعن في استقلاليتها، أما ثالث هذه الأسباب، يقول ولد داداه، هو أن البناية التي يوجد فيها مقر اللجنة ملك خاص للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز».

واعتبر ولد داداه، أن ما تقوم به الآن اللجنة الانتخابية من عمليات على عموم التراب الموريتاني هو مجرد «تحضير لتزوير الانتخابات»، مشيرا إلى أن هذه اللجنة منذ تشكيلها عقب الحوار الوطني سنة 2011، وهي «هشة وضعيفة وغير قادرة على إيقاف مسلسل التزوير»، قبل أن يقول إن «موريتانيا مختطفة من طرف عصابة، وبالتالي فإنه لن تنظم أي انتخابات دون أن تكون معروفة النتيجة سلفا».

وانتقد ولد داداه الأوضاع الاقتصادية في البلاد، وقال إن «أسعار المواد الغذائية الأساسية ارتفعت بشكل صاروخي مع بداية شهر رمضان الكريم، ووصلت نسبة زيادة أسعار بعض هذه المواد إلى 50%»، مرجعا هذا الارتفاع إلى «عمليات الاحتكار وغياب ضبط المضاربة في الأسواق الموريتانية»؛ كما اتهم السلطات الموريتانية بـ«تقويض التجارة الداخلية والاستيراد، واحتكار المواد الغذائية من قبل تجار مقربين من السلطة»، إضافة إلى انتشار واسع للفساد والمحسوبية، وغياب شبه تام للدولة عن حياة الناس، وفق تعبيره.

وبالتزامن مع انتقادات المعارضة الموريتانية للأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد؛ أعطى الرئيس الموريتاني تعليماته لأعضاء الحكومة بتنظيم زيارات ميدانية للسكان خاصة في المدن الداخلية من أجل الاطلاع على مشكلاتهم والوقوف في وجه الخطاب الذي ترفعه المعارضة للتشكيك في مصداقية الانتخابات المقبلة. وأدى وزير الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي أحمد ولد النيني، أمس زيارة إلى العاصمة الاقتصادية نواذيبو، حيث دعا المواطنين إلى التسجيل في السجل الوطني للوثائق المؤمنة، وسحب بطاقاتهم المدنية من أجل المشاركة في الانتخابات التشريعية والبلدية المقبلة؛ مؤكدا على ضرورة التغاضي عن خطاب المعارضة «الهادف إلى التشويش على العملية الديمقراطية في البلاد».

وأشار ولد النيني إلى أن البرنامج الانتخابي الذي قدمه الرئيس ولد عبد العزيز خلال رئاسيات 2009، تحقق بنسبة كبيرة؛ متحدثا عن ما قال إنه «مشاريع كبيرة جرى تنفيذها في البلاد، والتي كان آخرها إعلان مدينة نواذيبو منطقة حرة، إضافة إلى المصداقية التي أصبحت تحظى بها موريتانيا على المستوى الإقليمي والدولي»، مضيفا أن «موريتانيا تشهد نهضة اقتصادية كبيرة لا بد أن تواكبها توعية المواطن للابتعاد عن بعض المسلكيات القديمة والتي تشتت الجهود التنموية المبذولة من طرف الدولة»، وفق تعبيره.

وبين تصريحات المعارضة المشككة في مصداقية الانتخابات المقبلة، والخرجات الإعلامية بين الفينة والأخرى لمسؤولين رسميين يتجاهلون فيها خطاب المعارضة يحثون المواطنين على المشاركة في الانتخابات؛ بين هذا وذاك يرى مراقبون أن أمام هذه الانتخابات جملة من المعوقات على رأسها عدم اكتمال الإحصاء الإداري ذي الطابع الانتخابي.