ابن كيران لمعارضيه في البرلمان: إذا أردتم انتخابات سابقة لأوانها فنحن مستعدون لها

رئيس الحكومة المغربية ينتقد «الاستقلال» الذي انقلب بين «عشية وضحاها» على سياسات اقتصادية وضعها وزيره

ابن كيران
TT

وجه عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية انتقادات لاذعة إلى حزب الاستقلال، الذي غير موقفه بين «عشية وضحاها»، رغم أن وزراءه ما زالوا في الحكومة، وذلك ردا على الانتقادات اللاذعة التي وجهها إليه مستشار من حزب الاستقلال خلال جلسة المساءلة الشهرية التي عقدت أمس بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان)، التي خصصت لموضوع «تطوير السياسات المتعلقة بالاستثمار والصناعة والتجارة والخدمات».

كما انتفض ابن كيران بشكل غير مسبوق في وجه محمد الشيخ بيد الله، رئيس مجلس المستشارين، عندما طلب منه الالتزام بموضوع الجلسة، خلال تعقيبه على مداخلات المستشارين. وقال له «ليس من حقك مقاطعتي أنا رئيس الحكومة، ولست بحاجة لأن تعلمني ما جاء في الدستور».

وكان ابن كيران قد شرع في الرد على مداخلات المستشارين وبالأخص مداخلة كل من حكيم بن شماس، رئيس فريق حزب الأصالة والمعاصرة المعارض بالمجلس، ومداخلة المستشار فؤاد القادري من حزب الاستقلال، اللذين وجها انتقادات لاذعة لسياسة الحكومة «الفاشلة»، مشيرا إلى أن من حق بعض الأشخاص انتقاد الحكومة لكن بشكل منطقي. وقال موجها كلامه للمستشارين «لا تنضافوا إلى الجهات المشوشة على الحكومة فقد كثرت»، وعندما طلب منه بيد الله الالتزام بموضوع الجلسة طبقا لما ينص عليه الدستور، انتفض ابن كيران، وقال له إنه باعتباره رئيس الحكومة لديه الحق في الكلام، وأضاف «لست حائطا قصيرا». ومضى يقول بغضب وسط احتجاج عدد من المستشارين: «إذا أردتموني أن لا أتحدث فسأصمت. هذه الحكومة يساندها الشعب إذا صمتت وإذا تكلمت أيضا، الشعب يعرفني ويعرف خصومي، وكلامي سمعه من قبل، وصوّت لصالح حزبي وأعطاه المرتبة الأولى في الانتخابات». وزاد ابن كيران قائلا: «إذا أردتم انتخابات سابقة لأوانها فنحن مستعدون لها، لن تخيفوني».

وقال ابن كيران ردا على الانتقادات إن الحكومة لا تعمل وحدها بل في إطار سياسي، مذكرا أنه جاء بعد حراك عربي عصف بدول، وفي إطار توافق قاده الملك محمد السادس مبني على الإصلاح في إطار الاستقرار. وقال: «قدرنا أن نستمر في تحمل المسؤولية في هذه الظروف الصعبة». وأضاف: «رأيتم ماذا يحدث عندما يتلاعب المتلاعبون بمصائر الأوطان في مصر». ووجه ابن كيران انتقادات لاذعة للاستقلاليين الذي انقلبوا بين عشية وضحاها وغيروا مواقفهم من السياسات الاقتصادية التي وضعها وزيرهم في الحكومة في إشارة إلى نزار بركة، الذي نوه به كثيرا لأنه استطاع الحفاظ على وضعية مستقرة، ونال استحسان مؤسسات دولية. وقال لهم «خذوا وقتكم على الأقل وبعد ذلك مارسوا المعارضة كيفما شئتم».

وأشار ابن كيران، في معرض حديثه عن الضغوطات التي تواجهها الحكومة «من أدنى وأعلى ومن اللوبيات»، على حد قوله، إلا أن مجال الاستثمار عانى بدوره من التحكم كباقي القطاعات. وختم كلامه بالقول: «ارجعوا إلى الصواب. بلدكم مفخرة، ومارسوا المعارضة لكن البناءة، أما نحن فسنتمسك إلى آخر رمق بمسؤوليتنا».

وكان ابن كيران قد قال إنه لم يرفع بعد استقالات وزراء حزب الاستقلال الخمسة إلى الملك محمد السادس، كما أنه لم يشرع في إجراء مشاورات مع أحزاب المعارضة لتشكيل غالبية جديدة بعد انسحاب «الاستقلال». وأشار في حديث مقتضب إلى عدد من الصحافيين قبل بداية جلسة المساءلة الشهرية بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان) أنه اجتمع مع «ما تبقى» من مكونات الغالبية، في إشارة إلى قيادة حزبي الحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية.

وعرض ابن كيران أمس خلال مداخلته الرئيسة في جلسة المساءلة الشهرية بمجلس المستشارين عددا من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة للنهوض بقطاع الصناعة والاستثمار، وأقر أن القطاع الصناعي لم يعط له الاهتمام المطلوب من قبل الحكومات المتعاقبة أسوة بقطاعي الفلاحة والسياحة، وذلك لأسباب سياسية واجتماعية، مشيرا إلى أنه كان حريا بالمغرب تشجيع هذا القطاع لكونه أكثر استقرارا من الفلاحة التي تتأثر بالمناخ.

وقال ابن كيران: «نحن مطالبون بإيلاء أهمية أكبر للقطاع الصناعي، من خلال إعادة التوازن بين الاستثمارات الأجنبية والوطنية، وتحرير نظام الإنتاج من العوائق التي تواجهه مثل الريع، حتى يصبح أكثر تنافسية ومردودية». وفي هذا الإطار، دعا النقابات لكي تقوم بدعم المؤسسات لا أن توقفها.

وفي غضون ذلك، وجه حكيم بن شماس رئيس فريق حزب الأصالة والمعاصرة في مجلس المستشارين، وفؤاد القادري من حزب الاستقلال، انتقادات لاذعة لسياسة الحكومة في مجال الاستثمار. وفي سياق ذي صلة، قال ابن شماس إن حزبه يرفض المشاركة في أية حكومة يرأسها حزب العدالة والتنمية. وأوضح ابن شماس، الذي كان يتحدث الليلة قبل الماضية في منتدى وكالة الأنباء المغربية، حول دور حزب الأصالة والمعاصرة في الظرفية السياسية الراهنة، أن حزبه منفتح على المشاورات التي يعتزم رئيس الحكومة فتحها مع الأحزاب السياسية عقب استقالة وزراء حزب الاستقلال من مناصبهم، ، إلا أنه لن يتنازل عن خطه السياسي الذي عبر عنه في مواقفه وبياناته السابقة. وأضاف: «ليس هناك ما يستوجب خلط الأوراق وإشاعة البلبلة، فنحن لسنا مستعدين لنكون شركاء في العبث، ولمن يريد إشراك الحزب في الحكومة نقول وفر جهدك، إنك أخطأت العنوان».

وقال ابن شماس إن المصلحة الوطنية ا تقتضي الوضوح وعدم المساهمة فيما وصفه بـ«تمييع المشهد السياسي أكثر مما هو عليه حاليا»، مشيرا إلى أن حزبه يرى أن اللجوء إلى انتخابات تشريعية مبكرة لا يجب التعامل معه بمنطق «المزايدة أو الابتزاز» على غرار ما يقوم به حزب العدالة والتنمية، مؤكدا أن حزبه «مستعد لإجراء انتخابات مبكرة، رغم صعوبة التكهن بنتائجها».