جوبا تخفض إنتاج نفطها قبل انتهاء مهلة الخرطوم

وزير النفط الجنوبي لـ «الشرق الأوسط»: القرار لتحاشي خسائر في حال فاجأنا السودان بإغلاق الأنبوب

TT

أعلنت دولة جنوب السودان عن قرارها بخفض إنتاجها من النفط تدريجيا قبل انتهاء المهلة التي حددها السودان بإغلاق الأنبوب الناقل للنفط بـ60 يوما، والتي ستنتهي في السابع من أغسطس (آب) المقبل، وعللت جوبا قرارها تفاديا للخسائر المادية والكوارث البيئية التي قد تنجم في حال اتجهت الخرطوم لتنفيذ قرارها، ولوحت باللجوء إلى المحاكم الدولية لتعويض الأضرار الاقتصادية. وكان الرئيس السوداني عمر البشير قد قال أول من أمس، إن جنوب السودان يعتزم تقديم المزيد من الدعم للحركات المسلحة المعارضة، وإن جوبا لم تتجاوب مع الإنذارات السابقة ومنها إغلاق أنبوب النفط، مما يؤشر أن تعود الأطراف إلى المربع الأول من جديد.

وكشف وزير النفط في جنوب السودان، إستيفن ضيو داو، لـ«الشرق الأوسط» عن أن بلاده لا تقبل الابتزازات التي تمارسها الحكومة السودانية في عدم تنفيذ اتفاق التعاون المشترك، وقال إنه «احترازا من تحذيرات الخرطوم، ومهلة الستين يوما التي ستنتهي في السابع من أغسطس المقبل، وحتى لا يتم إغلاق الأنبوب بشكل عشوائي يتضرر منه شعبا البلدين.. قررنا تخفيض الإنتاج»، مشيرا إلى أن الإغلاق بصورة عشوائية سيضر بالبيئة والمنشآت النفطية ويلحق أكبر الأضرار بالشعبين في البلدين اقتصاديا.

واعتبر داو أن اتهامات الخرطوم المتكررة حول دعم جوبا للمتمردين السودانيين غير صحيحة وليس لها سند أو دليل، وأوضح أن العالم شاهد دخول الميليشيات الجنوبية وتسليمها للأسلحة الثقيلة التي قدمتها الحكومة السودانية لتخريب الجنوب، وقال: «لم نملأ الإعلام يوميا بالصراخ حول هذه الأدلة الدامغة، في حين أن الخرطوم ليس لديها دليل واحد ضدنا». وتابع: «شعبنا لم يذهب إلى الاستقلال عن السودان بسبب النفط، ولكن لأجل كرامته وحريته وأرضه، لأننا يمكن أن نموت جوعى بدلا من أن تهان كرامتنا وأن نعيش من دون استعمار».

ويمتلك جنوب السودان 75% من النفط الخام الذي ينتجه السودان يوميا، واعتبر داو أن إدخال تدفق النفط في القضايا الأمنية بين البلدين خارج السياق والمنطق ونصوص اتفاق النفط بين البلدين، وقال إن بلاده كانت تتوقع أن تكون الخرطوم صادقة ومخلصة في تنفيذ اتفاقيات التعاون بين البلدين والذي تم توقيعه في سبتمبر (أيلول) الماضي، إلى جانب مصفوفة جداول التنفيذ تم توقيعها في مارس (آذار) الماضي.

واستؤنف تدفق النفط الجنوبي عبر الأنابيب السودانية في أبريل (نيسان) الماضي للتصدير بعد توقف دام لأكثر من عام بسبب التوترات العسكرية بين البلدين، غير أن البشير قرر في 27 مايو (أيار) غلق الأنبوب وأمهل جوبا 60 يوما. وتتهم الخرطوم حكومة الجنوب بدعم متمردي الجبهة الثورية الذين يقاتلون القوات الحكومية في مناطق دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، في حين تنفي جوبا تلك الاتهامات وتقول إن السودان هو من يدعم ميليشيات مناوئة لها.

وأشار الوزير إلى أن هناك لجانا عسكرية وأمنية مشتركة برئاسة وزيري الدفاع من البلدين، وأنها قادرة على العمل المشترك للتحقق في هذه الاتهامات المتبادلة بين الطرفين. وتابع: «لا يمكن أن ندخل موضوع النفط في هذه القضايا لأنه يضر بمصالح الشعوب إلى جانب الشركات». وأضاف أن «نصوص الاتفاقية واضحة بأن إيقاف الضخ والمرور عبر الأنبوب يكون لأسباب جدوى اقتصادية أو مشكلات فنية، ويتم إخطار متبادل من البلدين خلال ستين يوما.. ولم تنص إطلاقا على قضايا أمنية»، مشددا على أن ما قامت به الخرطوم مخالفة قانونية. وقال: «نحن سنلجأ إلى المحاكم الدولية وفق ما نصت عليه مثل هذه الاتفاقيات المشهود عليها دوليا، وستلجأ الشركات العاملة في النفط أيضا إلى التحكيم لأن الأضرار ستكون كبيرة».

من جهة أخرى، قال وزير الخارجية السوداني علي كرتي في تصريح صحافي، إن رئيسه عمر البشير أبلغ نظراءه الكيني والنيجيري والإثيوبي بالجهود التي بذلها السودان من أجل التوصل إلى حلول حول القضايا الخلافية مع جوبا. وأضاف أن البشير قدم شرحا حول دعم جوبا للحركات المتمردة السودانية وعدم تنفيذ سحب قواتها من شمال خط الحدود مع السودان، والمجهودات التي بذلها الرئيس للاتفاق حول تلك القضايا. وقال إن جوبا لم تقدم إفادات تدل على التجاوب مع مطالب حكومته بشأن وقف دعم المتمردين رغم انتهاء الإنذار الذي قدمته الخرطوم قبل أسبوعين من إنفاذ قرار إغلاق الأنبوب، مضيفا أن المهلة مرت فيها أكثر من 5 أسابيع، وأن البشير نبه إلى أنه رغم الإنذارات فإن جوبا تواصل بصورة أكبر. وقال إن حكومة الجنوب ستدفع بمزيد من الدعم المتوقع بحسب المعلومات المتوفرة في الفترة القليلة المقبلة.