احتمال طلب سنودن الجنسية الروسية وبوتين يسعى للتهدئة مع واشنطن

الرئيس الروسي: العلاقات بين الدول أهم من المشاحنات المرتبطة بعمل الأجهزة الأمنية

صورة من طلب اللجوء المؤقت الذي قدمه سنودن لدائرة الهجرة الروسية نشرها التلفزيون الروسي أمس (أ.ب)
TT

حاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس تهدئة الأمور بخصوص الشاب الأميركي المطلوب لحكومة بلده بتهمة التجسس إدوارد سنودن، مؤكدا أن الأولوية هي لإقامة علاقات جيدة مع الولايات المتحدة، وذلك غداة تقديم الشاب الذي كان يعمل مستشارا لدى وكالة الأمن القومي الأميركية طلب لجوء مؤقت، وقد يطلب الجنسية الروسية.

وقال بوتين قبيل مغادرته إلى موسكو بعد انتهاء مشاركته في المناورات العسكرية في منطقة ما وراء البايكال في الشرق الأقصي، تعليقا على تقديم سنودن طلب اللجوء: «برأيي إن العلاقات بين الدول أهم بكثير من المشاحنات المحيطة بعمل الأجهزة الأمنية». وأضاف: «إننا لا نستطيع ولن نفعل مثلما فعلت بلدان أخرى. لدينا سياسة خارجية مستقلة وسوف نعمل على تنفيذها. وأعرب عن أملي في أن يتفهم شركاؤنا ذلك وأن يتقبلوا مثل هذه الأمور في هدوء». وأكد الرئيس الروسي أن الكرملين لا يقبل أي نشاط من شأنه الإضرار بالعلاقات مع واشنطن، وأن السلطات الروسية لا ترغب في دراسة تفاصيل نشاط سنودن الذي قال إن موسكو حذرته من القيام بأي نشاط قد يلحق الضرر بالعلاقات الثنائية مع واشنطن. وأضاف الرئيس الروسي أن سنودن لا يزال شابا وأمامه حياة طويلة، وأنه فهم أنه لا ينوي الاستقرار طويلا في روسيا. واختتم حديثه بقوله إنه لا يفهم «كيف أقدم سنودن على هذه الخطوة.. لكن ذلك كان خياره». وانتهز بوتين هذه الفرصة لانتقاد سياسات بعض الدوائر الغربية والأميركية التي تواصل تمويلها لتحركات نشطاء حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية الموجودة في روسيا.

أما عن مستقبل سنودن خلال الفترة القليلة المقبلة، فقال فلاديمير فولخوف رئيس مكتب الاتصالات الاجتماعية للوكالة الفيدرالية للهجرة، في حديثه إلى وكالة أنباء «إنترفاكس»، إن سنودن يمكنه وبعد تقديمه طلب اللجوء في روسيا البقاء في منطقة الترانزيت بمطار موسكو أو في مركز إيواء طالبي اللجوء حتى سبعة أيام. وكشف فولخوف عن وجود ثلاثة مراكز إيواء تتسع لـ180 شخصا. وأضاف أن سنودن وفي حال الموافقة على طلبه، يمكنه التحرك إلى أي مكان داخل أراضي روسيا الاتحادية. غير أن صحيفة «روسيسكايا غازيتا» نقلت عن فولخوف تلميحاته حول احتمالات رفض طلب سنودن حين أشار إلى أنه يمكن رفض طلب حق اللجوء في حال اكتشاف تقدمه بمثل هذا الطلب إلى عدة بلدان.

من جانبه، كشف الحقوقي الروسي أناتولي كوتشيرينا، الذي قدم المشورة القانونية المجانية لسنودن، عن شكوكه تجاه احتمالات التزام الهارب الأميركي بما تعهد به حول الالتزام بعدم القيام بما من شأنه الإضرار بمصالح الولايات المتحدة، مضيفا أن الشاب الأميركي قد يتقدم بطلب للحصول على الجنسية الروسية. وقال كوتشيرينا أمام الصحافيين: «لم يستبعد احتمال أن يطلب الجنسية الروسية. قال لي: لا أنوي مغادرة روسيا». وقال الحقوقي كوتشيرينا إن سنودن قد يغادر قريبا منطقة الترانزيت في مطار شيريميتييفو الذي وصل إليه في 23 يونيو (حزيران) الماضي آتيا من هونغ كونغ. وقال: «سيمنحه قسم الهجرة خلال الأيام السبعة التي تلي طلب اللجوء إفادة بقبول ملفه. هذه الإفادة تعطيه الحق في التنقل داخل روسيا». وأضاف: «يمكنه أن يقيم في فندق».

ولم يستبعد المحامي أن يعقد اللقاء التالي مع سنودن في الساحة الحمراء أمام الكرملين. وقال: «إذا طلب لقائي، فسنتنزه في الساحة الحمراء. سأريه ضريح (لينين) ومعرض ترتياكوف (أحد أشهر متاحف الفن في موسكو). يجب أن يتعرف على ثقافتنا!».

بدورها، قالت صحيفة «روسيسكايا غازيتا» الروسية الرسمية إن هناك ما يقرب من 2500 أجنبيا طلبوا اللجوء السياسي إلى روسيا في الفترة منذ 2007، استجابت روسيا لطلبات نسبة 43% منهم. وردا على تهديدات بعض أعضاء الكونغرس الأميركي بمقاطعة الأولمبياد الشتوي الذي سيعقد في سوتشي في فبراير (شباط) المقبل في حال منح سنودن حق اللجوء في روسيا، أعرب عدد من نواب مجلس الاتحاد (البرلمان) عن يقينهم أن مثل هذه الأساليب مرفوضة في التعامل بين الدولتين. وقال روسلان غاتاروف رئيس لجنة تطوير الإعلام الاجتماعي في المجلس، إن «الولايات المتحدة وحين يتعذر عليها الحصول على فرصة الضغط العسكري ضد الآخرين من خلال جيوشها وأساطيلها تتحول إلى محاولات الضغط السياسي التي تنال من هيبتها أكثر مما تعود عليها بالنفع».

وبعد تقدم سنودن بطلب اللجوء، جددت واشنطن دعوتها إلى إبعاده إلى الولايات المتحدة حيث يواجه اتهامات بالتجسس بسبب ما كشفه عن عمليات تنصت إلكترونية أميركية في الخارج. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني: «موقفنا أنه ينبغي طرد سنودن وإعادته إلى الولايات المتحدة، ويجب عدم السماح له بمزيد من السفر إلى الخارج إلا للعودة إلى الولايات المتحدة». ومع ذلك يعرب مراقبون في موسكو عن يقينهم من أن الأحداث الأخيرة لن تؤثر على خطط الرئيس الأميركي باراك أوباما حول زيارته المرتقبة إلى روسيا في مطلع سبتمبر (أيلول) المقبل.