لبنان يبحث إنشاء صندوق ائتماني مع البنك الدولي لإغاثة اللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة

تقرير يحذر من تخطي الطلاب السوريين عدد اللبنانيين في المدارس الرسمية

TT

كشف وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية وائل أبو فاعور عن نقاش يجري مع الموفدين الدوليين يتناول موضوع إنشاء صندوق ائتماني يهتم بإغاثة اللاجئين السوريين في لبنان والمجتمعات اللبنانية المضيفة في آن معا، محذرا من أن «المنظمات الدولية ستكون في وضع صعب نهاية العام الحالي»، مع توقع تدفق عدد إضافي من اللاجئين وعدم تلبية الجهات المانحة لنداءات التمويل المطلوبة.

وقال أبو فاعور، بعد استقباله الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ديريك بلامبلي أمس، إن «الفكرة الأساسية المطروحة هي إنشاء صندوق ائتماني يدار بواسطة بروتوكول بين الحكومة اللبنانية والبنك الدولي، يبذل فيه جهد من البنك الدولي للحصول على مساعدات، ليس فقط للاجئين السوريين، بل أيضا للمجتمعات المضيفة اللبنانية، وهذه التجربة اعتمدت في دول أخرى».

وأشار أبو فاعور إلى أنه «سيتم السير قدما في إنشاء الصندوق، وسنراسل البنك الدولي لهذه الغاية، إضافة إلى ما يجري العمل عليه على المستوى الدبلوماسي لعقد مؤتمر في الجمعية العمومية للأمم المتحدة حول لبنان، وبشكل خاص موضوع اللاجئين».

وترخي أزمة اللاجئين السوريين بثقلها على الوضع اللبناني وعلى المرافق والصعد كافة. وبحسب الأمم المتحدة، لم يصل عدد النازحين إلى ثلث السكان في أي بلد كما هو الحال في لبنان منذ أحداث رواندا عام 1994. وفيما تخطى عدد النازحين السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين عتبة الستمائة ألف، تشير تقارير عدة آخرها صادر عن الإسكوا إلى وجود نحو 1.1 مليون سوري في لبنان من لاجئين وعمال ونازحين على نفقتهم الخاصة. وتحذر تقارير صادرة عن مرجعيات بحثية وعالمية عدة من إمكانية أن يؤدي ازدياد تدفق النازحين إلى لبنان في انهيار المنظومة الصحية، عدا عن تداعيات الأزمة الاجتماعية والاقتصادية والأمنية.

ودعا رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط في تصريح أمس إلى «سلسلة خطوات احترازية حيال كيفية التعاطي مع هذا الملف المعقد، ومنها إقامة مخيم لاحتضانهم وإيوائهم بطريقة لائقة وتنظيم عملية دخولهم وإقامتهم والتدقيق بكل المعلومات المتعلقة بهم». ورأى أن هذه «الخطوة أكثر إفادة من النواحي الأمنية والقانونية والإنسانية والاجتماعية على حد سواء».

وفي سياق متصل، اعتبر وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني أن «الأمر لم يعد مسألة أموال فقط، المسألة أصبحت مسألة قدرة استيعاب في ظل تزايد حملات النزوح، وخصوصا في ظل النزوح الذي يحصل نتيجة التهجير، وليس مجرد نزوح نتيجة الأحداث الأمنية»، مشيرا إلى أن «هناك تهجيرا منظما، وهذا الأمر سيزداد إذا ما اقتربت المعارك أكثر من الحدود اللبنانية - السورية، أي منطقة ريف دمشق، إضافة إلى القلمون ويبرود والزبداني، والحل الوحيد سيكون أمام المواطنين السوريين اللجوء إلى لبنان».

وقال أبو فاعور إن «موضوع السيادة يجب التركيز عليه من الحكومة اللبنانية، ولو في مرحلة تصريف الأعمال». وأضاف: «لا أريد القول إنه يتفوق على موضوع الاهتمام بالإغاثة، ولكن هناك إجراءات سيادية يجب التركيز عليها، وستكون هناك إجماعات لدى رئيس الحكومة الأسبوع المقبل، بناء على خطوات تم الاتفاق عليها في اجتماع بعبدا، وستعقد اجتماعات مع قادة الأجهزة الأمنية ومع الوزارات المعنية برئاسة رئيس الحكومة لاتخاذ بعض الإجراءات».

وفي موازاة إشارته إلى «تحفظه» بداية على إنشاء صندوق ائتماني باعتباره أن «واحدة من سيئاته هي إعلان عجز أو عدم صدقية أي حكومة لبنانية على القيام بواجباتها»، كشف أبو فاعور أنه «بعد المطالبة التي رفعتها الحكومة اللبنانية بحاجاتها وحاجات المنظمات الدولية العاملة في لبنان، لم نحصل على أي أمر». وقال: «المنظمات الدولية العاملة في لبنان حصلت على نسبة 23 في المائة، ونسمع كثيرا من التصريحات والمواعظ والإرشادات والتوجيهات من بعض الدول، لكن عندما يصل الأمر إلى مساعدة فعلية للحكومة اللبنانية، لا نرى مساعدات جدية».

وتزامنت مواقف أبو فاعور مع إعلان الجامعة الأميركية في بيروت عن دراستين تحذران من المخاطر الصحية والاقتصادية والأمنية المرتبطة بأزمة اللاجئين السوريين. الأولى نشرتها دورية «لانسيت» الطبية وشارك في إعدادها أستاذ العلوم الصحية في الجامعة الأميركية في بيروت فؤاد فؤاد، وحذرت من أن «المرافق الصحية الموجودة في لبنان والأردن تتعرض لضغوط شديدة جراء تدفق أعداد هائلة من اللاجئين».

وورد في الدراسة أن «كل الخدمات العامة في لبنان تتعرض لضغوط شديدة»، موضحة أن «تقديرات الأمم المتحدة تشير إلى أنه بحلول نهاية عام 2013، سيفوق عدد الطلاب السوريين في المدارس الرسمية في لبنان الطلاب اللبنانيين». وكان أبو فاعور قد أشار في سياق متصل أمس إلى أن «المدارس اللبنانية في وضع سيئ، وإذ كان بإمكان هذا الصندوق أن يساعدها لاستيعاب النازحين السوريين وللقيام بإمكانات الطلاب اللبنانيين، فهذا أمر إيجابي». وقال أيضا: «معلوم أن النظام الصحي على وشك الانهيار، فإذا كان هذا الصندوق يمكن أن يساعد في دعم القطاع الصحي والبنية التحتية الصحية، أي المستشفيات وغيرها، فهذا أمر مرحب به».

وفي موازاة إشارة الدراسة الأولى إلى «تراجع الأجور والاستثمارات الأجنبية» في لبنان، حذر موجز للسياسات صادر عن معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية «من التداعيات الاقتصادية السلبية التي يمكن أن تترتب على لبنان جراء الإدارة السيئة لأزمة اللاجئين السوريين». وأفادت بأن «اللاجئين السوريين يجمعون في مصدر رزقهم بين المساعدات ومدخول العمل، في حين أن هذه الفرصة ليست متاحة أمام معظم اللبنانيين الفقراء، مما يؤدي إلى تهميش الشعب المضيف».

وخلصت الدراسة إلى أن «أوجه التفاوت الاقتصادي الناجمة عن عدم المساواة في الفرص المعيشية، تولد استياء لدى اللبنانيين من اللاجئين السوريين ومواقف متناقضة تجاههم»، مشيرة إلى أن «الإقصاء الاقتصادي وفقدان الأمل بالمستقبل يمكن أن يؤديا إلى زيادة تجنيد الشباب في المجموعات القتالية، بما يقود إلى ارتفاع احتمالات الحرب في لبنان».