القتال بين الأكراد والمتشددين يتوسع.. والمعارضة تحذر من «الوقوع في فخ التناحر»

قصف مدرسة تؤوي لاجئين في حمص وغارة جوية على عرسال في لبنان

مقاتلو الجيش الحر يستعدون لإطلاق قذائف «هاون» باتجاه الجيش النظامي أمس (رويترز)
TT

أعلن المتحدث باسم هيئة أركان الجيش السوري الحر العقيد قاسم سعد الدين، أن طائرات نظام الرئيس بشار الأسد قصفت مدرسة تضم لاجئين سوريين في حي الدبلان في حمص، ما أسفر عن سقوط عدد كبير من الجرحى، في حين حذر الائتلاف الوطني السوري وهيئة أركان الجيش الحر كتائب المعارضة السورية (شرق البلاد) «من الوقوع في فخ التناحر»، بعد دخولهما على خط التهدئة بين متشددين إسلاميين ومقاتلين أكراد، يشتبكون منذ يومين في شمال سوريا وشرقها، وأسفر قتالهم عن مقتل 29 شخصا على الأقل.

وأفاد ناشطون باستهداف مدرسة «الأندلس» في حي الدبلان في حمص، التي يقطنها نازحون سوريون. وقالت شبكة «شام» إن المدرسة استهدفت بغارة جوية، أسفرت عن وقوع عدد كبير من الجرحى، بينما أوضح ناشطون أن الهجوم «يأتي كعملية انتقامية من المعارضة السورية». وأكد المتحدث باسم هيئة أركان الجيش الحر العقيد قاسم سعد الدين لـ«الشرق الأوسط» أن المدرسة تقع في منطقة بعيدة عن مناطق الاشتباكات، ويسكنها نازحون من القرى المحاصرة التي تشهد عمليات عسكرية في حمص، كما يسكنها عدد كبير من الأطفال، نافيا في الوقت نفسه أن تكون المدرسة تضم مسلحين فارين من مناطق الاشتباكات. وأشار إلى أن «الجيش الحر يحرص على عدم القتال في مناطق وجود المدنيين، كي لا يكون قتل القوات النظامية للأطفال مبررا»، معتبرا أن قصف المدرسة «يأتي ضمن خطة لترويع السكان واللاجئين وتحذيرهم من أن لا منطقة آمنة في سوريا، وإعادة تهجيرهم مرة أخرى».

وحذر سعد الدين من «إخضاع حمص وإخراجها من طبيعتها التعددية، وتغيير هويتها ومعالمها الديموغرافية، بعد حرق السجل العقاري في المدينة قبل أسابيع». ورأى أن النظام السوري «لا يحتاج إلى ذرائع ومبررات لارتكاب المجازر»، معتبرا أنه «يقتل الأطفال بغرض ترويع السكان المؤيدين للمعارضة في كل أنحاء سوريا». وتعتبر المنطقة خاضعة لسلطة النظام.

وجاءت هذه التطورات بموازاة استمرار الاشتباكات بين القوات الحكومية والمقاتلين المعارضين التي تلف أحياء المدينة القديمة منذ 20 يوما. وأفاد ناشطون بتواصل الاشتباكات على مدخل حي الخالدية، واصفين المعارك بمعارك «الكر والفر»، فيما أكد العقيد سعد الدين أن المؤشرات الميدانية في حمص «تؤكد أن المدينة لن تسقط بيد النظام، حيث يواصل الجيش الحر صد هجوم تلو الآخر لمنع دخول قوات النظام إليها».

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن أحياء حمص القديمة وحي الخالدية تعرضا لقصف متواصل منذ الصباح، مشيرا إلى أنه «سمع دوي ثلاثة انفجارات شديدة خلال القصف يعتقد أنها ناجمة عن صواريخ أرض - أرض». وقال المرصد إن بلدة «الغنطو» بريف حمص تعرضت للقصف من قبل القوات النظامية منذ أول من أمس في حين نفذت القوات النظامية حملة دهم واعتقالات في قرية حوارين بريف حمص الشرقي إثر اشتباكات بين مقاتلي الكتائب المقاتلة والقوات النظامية في المنطقة. كما انفجرت سيارة مفخخة في حي الوعر بحمص.

في هذا الوقت، أفاد ناشطون بتعرض مناطق في حيي «جوبر» و«القابون» بالعاصمة دمشق للقصف من قبل القوات النظامية، مشيرا إلى سقوط عدة قذائف على مدينة دوما بريف دمشق.

وقالت مصادر المعارضة السورية إن «الجيش الحر» استهدف بشكل مباشر أول حاجز لقصر الشعب الرئاسي من جهة حي المزة بدمشق، مشيرة إلى أن الهجوم «أدى إلى سقوط العديد من عناصر الحاجز بين قتيل وجريح».

إلى ذلك، أعلن المرصد السوري أمس مقتل 29 شخصا من المقاتلين الجهاديين والأكراد في المعارك الدائرة بين الطرفين منذ يومين في سوريا، والتي أدت إلى طرد الأكراد لعناصر إسلاميين متشددين من مدينة رأس العين الحدودية مع تركيا. وذكرت تقارير صحافية أن المقاتلين الأكراد التابعين لحزب الاتحاد الديمقراطي «بي واي دي»، وهو الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، تمكنوا أول من أمس من طرد مقاتلي النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام المرتبطتين بتنظيم القاعدة، بعد إعراب السكان عن امتعاضهم من تصرفات جبهة النصرة والدولة الإسلامية، لا سيما منذ بدء شهر رمضان، إذ يمارسون ضغوطا كبيرة عليهم ليلتزموا بالصوم، ويعترضون النساء اللاتي لا يرتدين الحجاب، ويتشددون في تطبيق الشريعة الإسلامية، فيما «العادات والتقاليد السورية مختلفة».

وقام الجهاديون بالرد على طردهم من المدينة الواقعة في غرب الحسكة، بقصفها بالصواريخ المحلية الصنع. كما شن مقاتلو النصرة والدولة الإسلامية هجمات على حواجز للمقاتلين الأكراد الخميس في بلدتي تل عرو وكرهول. وقال المرصد السوري إن الوحدات الكردية سيطرت، أمس، على قرية قصروك في الحسكة بعد اشتباكات عنيفة مع مقاتلي جبهة النصرة، كما سيطروا على أجزاء من منطقة السويدية التي تضم آبارا للنفط.

وتدخل الائتلاف الوطني السوري المعارض وهيئة أركان الجيش السوري الحر، على خط التهدئة، إذ أصدرا بيانا مشتركا وصلت «الشرق الأوسط» نسخة منه، استنكرا فيه «قتال الإخوة». وقال البيان إن رئاسة الائتلاف ورئاسة الأركان «ومن موقع رؤيتنا أن التمايزات القومية والدينية والمذهبية تشكل مصدر فخر وغنى تاريخي لهويتنا السورية التي طالما احتفت بجميع مكوناتها القومية العربية والكردية والتركمانية والآشورية وغيرها، وبكافة تنوعاتها الدينية والمذهبية من مسلمين ومسيحيين بكل طوائفهم، نحذر كافة الإخوة من الوقوع في فخ التناحر على هذه الأسس التي يغذيها النظام المجرم بشكل أساسي، وللأسف ينجر إليها البعض مرتكزا على حسابات سياسية أو مصلحية آنية وضيقة من خلال تصرفات بعض الأفراد والمجموعات أو الحركات التي تحمل أفكارا وأجندات تلبي مطامعها ومصالحها فقط، أو من خلال تصرفات بعض المجموعات غير المنضبطة التي تحمل أجندات وأفكارا غريبة عن الشعب السوري الذي ما عرف يوما إلا التسامح والتعايش والسلام».

وأهاب البيان «بكافة تشكيلات الجيش السوري الحر المنتشرة في شرق سوريا أن يحرصوا كما كانوا دائما على البقاء بخدمة التوجهات الأصيلة للشعب السوري البطل بمواجهة كل ما يدبر ضد الثورة السورية العظيمة ووحدة الشعب والتراب الوطني السوري، والتمسك بالمبادئ الأصيلة لهذه الثورة في الحرية والعدالة والكرامة، وعدم الانجرار إلى أي معارك جانبية سوف تساهم حتما في إعاقة وصول الشعب السوري إلى أهدافه المشروعة لنيل حريته وبناء سوريا الجديدة لكل السوريين».