كيري بعد زيارته اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري: يجب إنهاء الأزمة

إحدى اللاجئات تصرح أنه إذا لم يتغير الوضع «سنبقى نحارب ولو بالسكاكين»

كيري ينظر عبر زجاج الطائرة إلى مخيم الزعتري أمس (أ.ب)
TT

حض لاجئون سوريون غاضبون من مخيم الزعتري (شمال الأردن) أمس وزير الخارجية الأميركي جون كيري، خلال زيارته المخيم برفقة وزير الخارجية الأردني ناصر جودة، على بذل مزيد من الجهد لإنهاء الحرب في سوريا.

وفي بداية الزيارة حلقت طائرة مروحية أقلت كيري وجودة من العاصمة الأردنية عمان أمس فوق المخيم، الذي يبعد 85 كيلومترا شمال شرقي عمان، في جولة شاهد خلالها آلاف الخيام والبيوت المتنقلة في الصحراء على بعد نحو 20 كيلومترا من الحدود السورية. وقال كيري عقب زيارته المخيم، الذي يؤوي أكثر من 150 ألف لاجئ، إن «القصص التي استمعت لها للتو والأشخاص الذين قابلتهم أطلعوني على حجم المعاناة الإنسانية،» مضيفا أن «ذلك يؤكد أهمية قيام المجتمع الدولي بما يستطيع لإنهاء هذه الأزمة».

والتقى وزيرا الخارجية بستة لاجئين داخل المخيم هم رجلان وأربع نساء، لمدة 40 دقيقة. وعبر هؤلاء عن غضبهم لعدم تجاوب المجتمع الدولي مع أزمتهم مطالبين كيري بفرض منطقة حظر جوي ومناطق آمنة في سوريا. وتساءلت لاجئة لم تكشف اسمها «أين المجتمع الدولي؟ ماذا تنتظرون؟ نأمل أن لا تعود لبلادك قبل أن تجد حلا لأزمتنا»، مضيفة «على الأقل افرضوا حظرا جويا. الولايات المتحدة، كقوة عظمى، تستطيع قلب المعادلة في سوريا خلال نصف ساعة».

وتفهم الوزير الأميركي، الذي التقى باللاجئين في منطقة إدارية محاطة بسياج، غضب المندوبين وأبلغهم أن واشنطن تدرس عدة خيارات منها إقامة مناطق عازلة لحمايتهم لكن الموقف معقد وما زال هناك الكثير قيد البحث. وقال للصحافيين في الطائرة خلال عودته لعمان «يشعرون بخيبة أمل وغضب من العالم لعدم تدخله وتقديم العون». وأضاف «قلت لهم إن المسألة ليست قاطعة وسهلة كما يراها بعضهم. لكن لو كنت في مكانهم كنت سأطلب العون من أي مكان أجده فيه».

وبخصوص مطالب الحظر الجوي وتأمين ممرات آمنة، أجاب كيري المندوبين الستة أن «الكثير من الخيارات هي قيد البحث. كنت أتمنى لو أن الأمر بهذه البساطة. لقد خضنا حربين خلال أقل من 12 عاما. نحاول مساعدتكم بمختلف الطرق، بما في ذلك مساعدة مقاتلي المعارضة في الحصول على أسلحة. هناك بحث لفرض مناطق آمنة وخيارات أخرى لكن الأمر ليس بهذه البساطة». فردت إحدى النساء بالقول «سيدي الوزير إذا لم يتغير الوضع حتى نهاية شهر رمضان هذا المخيم سيصبح خاويا. سنعود لسوريا ونحارب بالسكاكين». واستطردت المرأة ذاتها «أنتم تحترمون إسرائيل ألا تفعلون الشيء نفسه لأطفال سوريا؟» فأكد كيري بدوره للمجموعة «نحن لم نتخل عنكم ونعلم تماما الظروف المأساوية في سوريا وقد جئت اليوم إلى هنا لأننا مهتمون» متعهدا بـ«نقل جميع ما قلتموه إلى واشنطن».

وتعتبر الولايات المتحدة أكبر دولة مانحة للمساعدات للاجئين، وقد تبرعت بأكثر من 815 مليون دولار من المساعدات الإنسانية لمنظمات الأمم المتحدة الساعية للتخفيف من المعاناة الإنسانية. ودعا اللاجئون المجتمع الدولي كذلك إلى وقف إمدادات الأسلحة الإيرانية وتدفق مقاتلي حزب الله اللبناني على سوريا، على حد قولهم.

وقدم مسؤولو المخيم إيجازا لكيري حول أوضاع المخيم الذي أقيم قبل نحو عام والذي تبلغ تكلفة الخدمات المقدمة للاجئين فيه نحو مليون دولار يوميا. وقال كيليان كلينشمدت مدير مخيم الزعتري للمفوضية العليا في الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن أوضاع اللاجئين السوريين تزداد سوءا، مشيرا إلى أن «الصراع وصل إلى مرحلة غير مسبوقة من العنف».

ويبدو المخيم من الجو دون أشجار تقي بظلها من أشعة الشمس الحارقة صيفا، إلا أنه يحوي ملاعب كرة قدم وملاعب للأطفال لإشغال قرابة 60 ألف طفل. ويضم المخيم 3 مستشفيات ومدرستين التحق بهما 10 آلاف طالب للدراسة فيما يتجاوز عدد من يحتاجون للانخراط في المدارس لتلقي التعليم في المخيم 30 ألفا.

وتقول عمان إنها استقبلت أكثر من 550 ألف لاجئ سوري منذ بدء الأزمة في الجارة الشمالية في مارس (آذار) 2011، فيما تتحدث منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» عن نحو 600 ألف لاجئ. وتسبب تدفق هذا العدد الكبير من اللاجئين إلى المملكة إلى استنزاف الموارد الشحيحة مثل المياه والطاقة. وتوقع وزير الخارجية الأردني في مايو (أيار) أن عدد اللاجئين السوريين قد يشكل ما نسبته 40 في المائة من سكان المملكة بحلول منتصف عام 2014 ما لم تنته الأزمة في بلدهم.

في غضون ذلك، قالت سامانثا باور، مرشحة الرئيس الأميركي باراك أوباما لمنصب سفيرة في الأمم المتحدة، خلال جلسة استجواب في الكونغرس أول من أمس إن الأمم المتحدة تتحمل مسؤولية ما آلت إليه سوريا، ومذكرة بأن الولايات المتحدة «ليست شرطي العالم»، ولا تقدر على أن تحل كل مشكلاته بشكل منفرد. وأضافت أن المنظمة العالمية «أخفقت في وقف القتل الجماعي في سوريا. وأن هذا عار سيحكم عليه التاريخ حكما قاسيا».

في نفس الوقت، أعربت باور عن تفاؤلها بأن في الإمكان إقناع الصين وروسيا باتخاذ «إجراءات حاسمة» عن سوريا في مجلس الأمن. وعن فعالية القوة الأميركية في العالم، قالت: «أعتقد أن أميركا لا يمكن، بل لا ينبغي لها، أن تكون الشرطة لكل أزمة، أو المأوى لكل لاجئ. فبينما نيتنا الطيبة لا تعرف حدودا، فإن مواردنا محدودة، وضغوط الضروريات الداخلية كثيرة. لهذا، علينا أن نختار الخيارات التي تخدم المصالح العليا للشعب الأميركي».