النيابة العامة التونسية تأذن بفتح تحقيق قضائي ضد الداعين إلى إسقاط النظام القائم

أطراف سياسية: الحكومة تمردت على كل نوايا التمرد بسبب السيناريو المصري

TT

حصنت الحكومة التونسية التي تقودها حركة النهضة مواقعها تجاه الدعوات المتتالية لحل المجلس التأسيسي (البرلمان)، وإسقاط الحكومة المنبثقة عنه. واعتمدت في ذلك على شكوى تقدمت بها رئاسة الجمهورية التونسية إلى القضاء بخصوص دعاة الإطاحة بالشرعية. وذكرت مصادر قضائية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن النيابة العامة أذنت بفتح تحقيق «ضد كل من يدعو إلى تبديل هيئة الدولة أو الدعوة لإسقاط نظام قائم».

وأضافت نفس المصادر أن بداية التحقيق ستكون مع عدنان منصر، مدير الديوان الرئاسي باعتباره يمثل الجهة التي سارعت بتقديم الشكوى إلى القضاء التونسي.

وكانت رئاسة الجمهورية التونسية قد تقدمت بشكوى ضد الطاهر بن حسين، مدير قناة «الحوار التونسي» الخاصة، والمازري الحداد، السياسي التونسي المقيم بفرنسا من أجل الدعوة لإسقاط الشرعية.

وترجع الدعوى إلى شهر مايو (أيار) الماضي، ولم ينظر القضاء في حيثياتها، ويفتح ملف التحقيق إلا خلال هذه الفترة، وهو ما اعتبرته المعارضة التونسية محاولة لإسكات الأصوات الداعية إلى التمرد ضد السلطة القائمة.

وبشأن فتح النيابة العمومية لتحقيقات قضائية ضد دعاة الإطاحة بالشرعية، قال عادل الرياحي، المتحدث باسم وزارة العدل التونسية لـ«الشرق الأوسط» إن القضاء يتدخل على وجه العموم في كل عملية تآمر ضد أمن تونس، وقد يثير قضايا من تلقاء نفسه في بعض الحالات.

واعتبر أن اللجوء إلى التحقيق القضائي الآلي ضد كل طرف يدعو إلى التمرد على السلطة «أمر مبالغ فيه» لأن ذلك، على حد قوله، يمس بمجموعة من الحريات من بينها حرية التعبير والتجمع والتظاهر.

وأشار إلى المفارقة التي تحكم مثل هذه الملفات، وصعوبة تحديد الخط الفاصل بين التمتع بالحقوق والحريات، وبين بث الفوضى وتهديد السلم العام، وعد الهدف الأساسي من التدخل القضائي في حالة وجوده هو الحفاظ على أرواح التونسيين لا غير.

وقالت أطراف سياسية إن الحكومة انطلقت في «التمرد على كل نوايا التمرد» منذ توضح السيناريو المصري والدعوة لاستنساخه في تونس، وذلك من خلال التضحية بـ«أبنائها» المعتصمين منذ أكثر من ستة أشهر في ساحة القصبة بالعاصمة. وفي هذا الخصوص، قال صلاح الدين الجورشي، المحلل السياسي المختص في الجماعات الإسلامية لـ«الشرق الأوسط» إن فض اعتصام الصمود المنادي بتفعيل قانون العفو العام بداية الأسبوع الحالي، محاولة من الحكومة لوضع سياسة استباقية تحسبا لما قد يحدث خلال الأسابيع المقبلة. وأضاف أن الحكومة وجهت إشارات حاسمة لكل الأطراف الداعية إلى التمرد على الشرعية ونبهتهم بطريقة غير مباشرة من محاولة المس من استقرار البلاد، والاستيلاء على الحكم بقوة الشارع. واعتبر الجورشي أن التوصل إلى وفاق وطني حول القضايا الوطنية الكبرى هو الحل الأمثل، وأن كل الحلول الأمنية في السابق وفي المستقبل ستكون دون جدوى، على حد قوله.

ومن جهتها، نفت وزارة الداخلية التونسية نية التصدي لكل من يهدد بالتمرد على شرعية المجلس التأسيسي والحكومة المنبثقة عنه، وقالت في بيان لها صدر أمس إن وزير الداخلية لطفي بن جدو لم يتطرق إلى أمر لم يجد بعد، وإنما دعا جميع التونسيين من منظور أمني صرف إلى وجوب اتقاء الفتنة، كما حث الأحزاب السياسية والمجلس التأسيسي على التوافق وإنهاء المرحلة الانتقالية في أسرع وقت حتى تسير تونس بخطى ثابتة نحو بر الأمان. وختمت بالقول: إن «وزير الداخلية ليس من طبعه استخدام التهديد بل يعمل في إطار القانون».

وفي ذات السياق، ذكر معز الجودي، الخبير الاقتصادي أن الحكومة التونسية تغازل رجال الأعمال الممنوعين من السفر (عددهم 460 رجل أعمال) خوفا من تمويل حركة التمرد وتحسبا لتكرار نفس السيناريو المصري في تونس.

وأشار في تصريحات محلية إلى الثقل الهام لأصحاب الأموال في تمويل العملية الانتخابية القادمة وكذلك دعم «حركة تمرد تونس» إذا لم تحسم الحكومة أمرها في ملفاتهم العالقة منذ الثورة.