رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: العلمنة والإسلام لا يتعارضان ونحن مع الاعتدال والوسطية

وزير داخلية فرنسا يعلن من مسجد باريس أنه لا مكان للتمييز بين المواطنين في الجمهورية

TT

رج وزير الداخلية الفرنسي الذي هو في الوقت نفسه وزير شؤون العبادة كل عام على تلبية دعوة مسجد باريس الكبير لحفل إفطار رمضاني بحضور أعضاء المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، ووجهاء الجالية، وممثلي الديانات الأخرى المسيحية واليهودية وعدد من الشخصيات السياسية والفكرية ورؤساء الجمعيات الناشطة وبعض السفراء المعتمدين في فرنسا وتحديدا سفراء البلدان المغاربية.

وجاءت دعوة هذا العام مزدوجة إذ أرسلت باسم الدكتور دليل بوبكر، بصفته عميد مسجد باريس ولكن أيضا بصفته الرئيس الجديد - القديم للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية. وكان بوبكر انتخب لهذا المنصب لمدة عامين بعد كثير من الجدل في 23 يونيو (حزيران) الماضي بفضل الإصلاحات التي أدخلت على عمل المجلس، والتي من المرجح أن تساعده على الخروج من النزاعات الداخلية بفضل «القيادة الجماعية» التي أقرت.

وقبيل الإفطار، استقبل رئيس الجمهورية فرنسوا هولاند رسميا في قصر الإليزيه بوبكر. وجاء في بيان صادر عن الرئاسة أن هولاند «رحب» بالإصلاحات المذكورة التي «تمكن المجلس من العمل جماعيا»، معربا عن أمله في أن «يقوم بالمهام الموكلة إليه وأولها مهمة الحوار بين المسلمين وبين سلطات الدولة». وجدد هولاند التزامه مجابهة كل أعمال الحقد خصوصا تلك الموجهة ضد المسلمين، مذكرا بـ«حق كل مواطن في ممارسة ديانته في إطار الجمهورية (الفرنسية) العلمانية».

وما قاله هولاند عن العلمانية، عاد إليه وزير الداخلية مانويل فالس مطولا في حفل الإفطار الذي دعيت إليه «الشرق الأوسط» في قاعة الأعياد في مسجد باريس الكبير. واستبق بوبكر كلمة الوزير الفرنسي ليشير إلى «القلق» الذي يطال الجالية الإسلامية والمجلس إزاء تكاثر الأعمال المناوئة للإسلام مثل كتابة الشعارات المعادية وتلطيخ الأماكن الدينية وتدنيس أضرحة المسلمين في عدد من المقابر والتصريحات المغرضة والتحريضية وغيرها من الأعمال المصنفة في خانة العداء للإسلام. وحرص بوبكر على التأكيد بأن المجلس الذي يرأسه «سيقف في وجه كل تيارات التعصب أو التطرف»، التي يمكن أن تظهر داخل صفوف الجالية، منوها بما قاله الرئيس هولاند خلال زيارته الرسمية إلى تونس في الرابع من الشهر الجاري حيث أكد أن الديمقراطية والإسلام «متجانسان»، مخالفا بذلك رايا شائعا تروج له الأحزاب اليمينية المتطرفة وتيارات فكرية أخرى مفاده أنهما «لا يلتقيان». كذلك أكد بوبكر أن الإسلام «يتواءم» مع العلمنة ويمكن أن يعيش في حضنها، وأن تحدي المجلس الذي يرأسه هو تحديدا إظهار أن الإسلام كغيره من الديانات «لا يرفض العلمنة»، داعيا إلى بروز إسلام فرنسي «منخرط في إطار الجمهورية» هو «إسلام الوسطية والاعتدال».

وختم بوبكر مطالبا بدعم مؤسسات الدولة الفرنسية ووزارة الداخلية وشؤون العبادة بالدرجة الأولى في محاربة الأعمال المعادية للإسلام وتحقيق أهداف المجلس والمساعدة على تأهيل الكوادر الإسلامية. وبمناسبة مرور مائة عام على بدء الحرب العالمية الأولى، التي قتل خلالها ما لا يقل عن مائة ألف مسلم دفاعا عن الأراضي الفرنسية، طالب بوبكر الوزير بمساعدته على إقامة نصب تذكاري في المسجد يخلد تضحية هؤلاء من أجل حرية فرنسا.

وما قاله بوبكر نزل بردا وسلاما على قلب فالس الذي أفاض في الحديث عن فوائد العلمنة التي «لا تعارض بينها وبين الإسلام»، وهي التي «تحمي وتوفر الإطار للعيش المشترك». بيد أنه شدد على أن الجمهورية وقوانينها «لا يمكن أن تتعايش مع الأصولية»، ولا يمكن أن تسمح بالإخلال بالنظام العام. وفي فقرة أراد منها تهدئة روع المتخوفين والخائفين، قال الوزير الفرنسي إن «كل من يستهدف مسلما لأنه مسلم يستهدف مؤسسات الجمهورية»، حيث «لا مكان للعنف لا قولا ولا فعلا».

واستطرد الوزير الفرنسي مركزا على رفض التفرقة بين المواطنين على أساس عرقي أو ديني حيث إن الجمهورية «لا تعترف إلا بالمواطن».

أما بخصوص حضوره الإفطار الرمضاني فقد وضعه فالس في إطار «المشاركة» مع المسلمين، وهو المعنى العميق للشهر الفضيل. ولدى وصوله قال لإحدى قنوات التلفزيون إن وجوده «شكل من أشكال تعبير الجمهورية (الفرنسية) عن عاطفتها إزاء مسلمي بلدنا».