روسيا تسجن زعيم المعارضة بتهمة الاختلاس.. والمجتمع الدولي يندد

نافالني يعتزم استئناف الحكم وينسحب من سباق انتخابات عمدية موسكو احتجاجا

ضابط يضع القيد في يد نافالني بعد الحكم بسجنه 5 سنوات في محكمة بمدينة كيروف أمس (رويترز)
TT

توالت التنديدات الاحتجاجية على الحكم الذي أصدره القضاء الروسي أمس ضد قطب المعارضة الروسية ألكسي نافالني بتهمة الاختلاس. وكما كان متوقعا أصدرت محكمة منطقة «لينينسكي» في مدينة كيروف حكمها على نافالني، الذي كان تقدم بأوراق ترشيحه لانتخابات عمدة موسكو، بالسجن لمدة خمس سنوات وتغريمه نصف مليون روبل (نحو 15 ألف دولار) جزاء الإضرار بالمال العام في القضية المعروفة تحت اسم «غابات كيروف» (كيروف ليس). وكانت هذه القضية قد طفت إلى سطح الأحداث السياسية في أعقاب مشاركة نافالني، 37 عاما، أحد أبرز رموز ما تسمى بـ«المعارضة غير الممنهجة» في مظاهرات «بولوتنايا» في ديسمبر (كانون الأول) 2011 المناهضة للكرملين إبان آخر سنوات حكم الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف.

وقالت النيابة العامة إن نافالني شارك إبان سنوات عمله مستشارا لحاكم مقاطعة «كيروف» نيكيتا بيليخ، أحد أقطاب المعارضة اليمينية من حزب «يابلوكو»، وبالتعاون مع اثنين من رؤساء شركات تجارة الأخشاب في المقاطعة في تدبير قطع وسرقة ما يزيد عن عشرة آلاف متر مربع من أشجار غابات المقاطعة من مايو (أيار) حتى سبتمبر (أيلول) 2009 وهو ما كبد ميزانية المقاطعة خسائر تقدر بما يزيد عن 16 مليون روبل (494 ألف دولار). وقال القاضي عند تلاوة الحكم إن «ذنبه أثبت بالكامل. ليس هناك أي دليل يثبت أقوال نافالني بأنه ملاحق قضائيا لأسباب سياسية». وكانت النيابة العامة طلبت سجن المحامي المعروف بعمل ضد الفساد ست سنوات.

ومن اللافت أن أحد شركاء نافالني في هذه الجريمة وهو فاياتشيسلاف اوباليف المدير العام السابق لشركة «كيروف ليس» (غابات كيروف) كان اتفق مع النيابة العامة على أن يكون شاهد ملك في هذه القضية للكشف عن كل تفاصيلها مقابل مساعدته في صدور حكم مخفف عليه والذي اقتصر على السجن لأربع سنوات مع إيقاف التنفيذ! وبمجرد النطق بالحكم وقبل اقتياده إلى عنبر السجن، سارع نافالني إلى كتابة تغريدة على موقع «تويتر» قال فيها: «المهم ألا تشعروا بالحنين من دوني.. لكن الأهم هو ألا تركنوا إلى الكسل. فالضفدعة لن تستطيع وحدها أن تخلص نفسها من أنبوب النفط»، في إشارة إلى رفاقه من المعارضين المدعوين إلى المزيد من العمل في الفترة المقبلة لأحداث التغيير.

وقد سارعت أركان الحملة الانتخابية لنافالني بالإعلان عن انسحابه من انتخابات عمدة مدينة موسكو في الثامن من سبتمبر المقبل، والتي كان تقدم إليها في يونيو (حزيران) الماضي. وقال ليونيد فولكوف في تصريحاته إلى وكالة أنباء «إنترفاكس» إنه كان قد اتفق مع نافالني حول هذا القرار نظرا لأنهم كانوا ينتظرون صدور الحكم بسجنه وأنه سوف يتقدم إلى اللجنة المركزية للانتخابات بطلب سحب أوراق مرشحهم خلال الأيام القليلة المقبلة، وإن سارع إلى القول: إنه لن يفعل ذلك قبل لقاء نافالني في محبسه والانتظار إلى حين انقضاء فترة الطعن في الحكم.

وتعليقا على الحكم، أكد كثير من أقطاب المعارضة ومنهم إيليا ياشين ودميتري غودكوف وبوريس نيمتسوف بتأكيد عدم مشروعية الحكم الذي قالوا: إنه استند في بعض جوانبه إلى تسجيلات صوتية جرى تسجيلها من دون سند قانوني، فضلا عن تفسير أقوال محافظ المقاطعة بيليخ على نحو مغاير للحقيقة، والاستعانة بأقوال «شاهد الملك» اوباليف. وقال سيرغي نيكيتين رئيس مكتب «منظمة العفو الدولية» في روسيا إن ما جرى توجيهه إلى نافالني من اتهامات يتسم ومنذ البداية بطابع سياسي فضلا عن أن هذه الاتهامات تظل «قضية خلافية». ومن جانبها قالت سفيتلانا غانوشكينا رئيسة لجنة «التعضيد المدني» إن الحكم بالسجن لمدة خمس سنوات سوف يكون له آثار سياسية سلبية كثيرة. وأضافت أنها ورغم عدم شعورها بأي مشاعر ودية تجاه نافالني فإنها تعتبر الحكم الصادر بحقه مبالغا فيه وسوف ينعكس سلبا على الكثير من مناحي الحياة في روسيا.

ودوليا، عبرت الولايات المتحدة «عن خيبة أملها الشديدة» إثر الحكم كما كتب السفير الأميركي في موسكو ماكيل ماكفول في تغريدة على «تويتر». وكتب السفير «نحن نشعر بخيبة أمل شديدة بسبب الحكم على نافالني والدافع السياسي كما يبدو لمحاكمته». وعبرت المنسقة العليا للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون عن «القلق» بعد الحكم على نافالني معتبرة أن هذا لأمر «يطرح أسئلة خطيرة» حول وضع حكم القانون في روسيا. كما أعربت فرنسا عن «قلقها» فيما نددت بريطانيا بالعدالة «الانتقائية».

وأكد الدفاع توجهه لاستئناف الحكم. ووصف نافالني الاتهامات الموجهة إليه بأنها «سخيفة» لأن نحو نصف المبلغ الذي اتهم باختلاسه دفع للمؤسسة والباقي كان يشكل احتياطي الشركة التي قامت بالصفقة ولم يكن مستفيدا منه. وخلال المحاكمة أعلن المعارض أنه «ليس لديه أي شك» في أن بوتين «سيعطي شخصيا تعليماته للمحققين».

ونافالني خطيب بارع برز خلال المظاهرات المناهضة لبوتين ومن أشد محاربي الفساد عبر كشف معلومات مدوية على الإنترنت واحد قادة حركة احتجاج تبلورت في 2011 للتنديد بتزوير نتائج الانتخابات التشريعية التي فاز بها حزب بوتين «روسيا الموحدة».