العالم يحتفي بميلاد مانديلا الـ95.. ويبتهج لتحسن صحته

ابنة الزعيم الأفريقي: يشاهد التلفزيون بسماعات أذن ويتواصل مع زائريه

مهنئون يحملون صورة عملاقة لمانديلا بمناسبة عيد ميلاده، خارج المستشفى الذي يرقد فيه في بريتوريا أمس (أ.ب)
TT

احتفل نيلسون مانديلا، ومعه محبوه في كل أنحاء العالم، أمس بعيد ميلاده الـ95 في المستشفى الذي يرقد فيه منذ ستة أسابيع في بريتوريا، حيث يبدو أن حالته تتحسن باطراد وقد أحاط به أفراد أسرته وأصدقاؤه في غداء عيد الميلاد التقليدي. وبينما احتفى العالم به من خلال أعمال خيرية في «يوم مانديلا العالمي» السنوي، أشاد الرئيس الأميركي باراك أوباما بـ«شجاعته الفريدة وطيبة قلبه وإنسانيته». كما أشاد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بـ«هذا الرجل العالمي الذي أعاد إلى شعب جنوب أفريقيا حريته وكرامته».

وأمام مستشفى مدكلينك هارت هوسبيتل حيث يرقد منذ 8 يونيو (حزيران) الماضي احتشد الكثير من مواطنيه للاحتفال بيوم النصر هذا. وقامت فرقة موسيقية عسكرية بعزف النشيد الوطني ثم أنشودة «هابي بيرث داي» التقليدية. وقالت الطالبة اغنيس شيلووان: «إنه معنا اليوم، لم نكن نحلم بأن يعيش حتى يرى هذا اليوم. لقد أثبت تاتا (بابا كما يدعوه أبناء جنوب أفريقيا احتراما وحبا) من جديد أنه مناضل أصيل».

وفجر أمس نشرت الرئاسة بيانا يعلن أن بطل مكافحة الفصل العنصري ورائد الديمقراطية المتعددة الأعراق في جنوب أفريقيا «يتحسن بانتظام»، دون أن يوضح ما إذا كان لا يزال يخضع للتنفس الصناعي. وكانت ابنته زيندزي قالت أول من أمس إن والدها «يتحسن بصورة مدهشة ويشاهد التلفزيون بسماعات أذن»، وبدأ يتعرف على زائريه ويتواصل معهم أيضا. وأوضحت: «إنه يستجيب بشكل جيد بالنظرات وإشارات الرأس. ويرفع أحيانا يده كما لو أنه يريد أن يصافحنا».

كذلك قالت حفيدته نديلكا مانديلا التي جاءت إلى المستشفى للاحتفال بعيد ميلاد جدها إنه يتواصل «باستخدام عينيه وحركات رأسه». وبالنسبة لقائمة الطعام التي يتناولها قالت إنها تتضمن «أطباقا تحبها العائلة كلها وجدي مثل ذيل البقر والقريدس وكرات اللحم والخضار».

وجاءت هذه الأخبار السارة بعد القلق الطويل الذي أعقب دخول مانديلا المستشفى في 8 يونيو مصابا بالتهاب رئوي حاد. وقالت زيندزي: «مر علينا وقت كنا في أشد القلق والخوف ونستعد لتوقع الأسوأ. لكنه ما زال يدهشنا يوما بعد يوم». أما زوجته غراسا ماشيل التي لا تفارقه ليلا نهارا فقالت الجمعة إنها «أقل خوفا قليلا» من الأسبوع الماضي. وغراسا ماشيل هي الزوجة الثالثة لمانديلا، وقد تزوجها يوم احتفاله بعيد ميلاده الثمانين، وهكذا يحتفل الزوجان اليوم بعيد زواجهما الـ15. وقبل ذلك قام معظم أحفاد مانديلا بزيارة الأطفال المشردين في إحدى مدن الصفيح في بريتوريا ليقدموا لهم «الملابس القديمة التي لم نعد نستعملها».

من جانبه قال الرئيس جاكوب زوما في هذه المناسبة: «قررنا تخصيص هذا اليوم لتكريم مابيدا (اسم قبيلة مانديلا) حتى يكون إلهاما لكل منا ليتحرك بنفسه ويعمل على تغيير العالم إلى الأفضل». كما شدد آخر رئيس أبيض لجنوب أفريقيا فريدريك دوكليرك على «شجاعة وقوة عزيمة» الرجل الذي تفاوض معه لإنهاء نظام الفصل العنصري. وقال: «في يوم عيد ميلاده علينا أن نذكر مساهمته المتميزة في جنوب أفريقيا ومن أجل شعبه».

وسادت مشاعر خاصة هذه السنة «يوم مانديلا» الذي كانت أعلنته جنوب أفريقيا في عام 2009 لتكريم بطلها. وفي العام التالي في 18 يوليو (تموز) 2010 أعلنت الأمم المتحدة بدورها «مانديلا داي» أو يوم مانديلا العالمي المدعو فيه كل مواطن في العالم إلى تخصيص 67 دقيقة من وقته بصورة رمزية للقيام بخدمة اجتماعية في ذكرى السنوات الـ67 التي أفناها مانديلا من عمره في النضال من أجل المساواة. وقال زوما: «اليوم كل أفكارنا متجهة إلى الميراث الغني الذي تركه لنا نحن أبناء جنوب أفريقيا والعالم»، مضيفا: «اجعلوا من كل يوم يوم مانديلا العالمي».

وفي هذه المناسبة قامت جمعية لراكبي الدراجات النارية بتنظيف الشوارع، كما قام متطوعون بإعادة طلاء المدارس، بينما غنى له الأطفال في جميع أنحاء البلاد «عيد ميلاد سعيد» في الساعة الثامنة صباحا، وتم التقاط صور لكل السياسيين من رجال ونساء وقد شمروا عن سواعدهم ومدوا أيديهم للقيام بعمل خيري.

من جانبه ترأس الرئيس زوما باسم المصالحة بين الأجناس التي دافع عنها مانديلا مراسم تسليم منازل اجتماعية جديدة لفقراء من البيض.

من جهة أخرى أعلن عدد من المشاهير احتفالهم بيوم مانديلا. وقال الملياردير البريطاني ريتشارد برانسون صاحب ماركة فيرجن: «سأخصص أيضا 67 دقيقة من وقتي لأجعل من العالم مكانا أفضل».

وكان مانديلا الذي سجنه نظام الأبارتايد أو الفصل العنصري لمدة 27 عاما قد خرج من السجن عام 1990 دون أن يتفوه بأي كلمة عن الانتقام. وتفاوض مع السلطة القائمة آنذاك على فترة انتقالية ناعمة نحو الديمقراطية. وبعد أن أصبح رئيسا عام 1994 لم يسع أبدا إلى إهانة أو تهميش البيض، داعيا في المقابل إلى المصالحة الوطنية.

وعلى موقع «تويتر» تنهال التغريدات المهنئة بسرعة البرق. ومن هذه البرقيات واحدة من الأسقف الأنغليكاني السابق ديزموند توتو، الحاصل أيضا على نوبل للسلام لمقاومته للفصل العنصري: «لم يحدث في تاريخ البشرية أن لقي شخص مثله هذا الاعتراف والتكريم العالمي وهو حي باعتباره المجسد للنبل والمصالحة». وقال أيضا: «إن التزامه وسعيه الدائم لتحقيق المصالحة الوطنية يجعل كل واحد من أبناء جنوب أفريقيا أيا كان عرقه أو انتماؤه السياسي يشعر بالفخر بوطنه».