مجلس الأمن المركزي اللبناني يسحب «الفائض» من مرافقي النواب.. و«14 آذار» تحمله مسؤولية أي أذى

سلام يسعى لإرضاء الجميع لكنه لا يسقط احتمال تأليف حكومة «أمر واقع»

TT

طغت المخاوف من تداعيات قرار مجلس الأمن المركزي بسحب العناصر الأمنية المولجة بحماية بعض النواب على موضوع تشكيل الحكومة الذي كان للرئيس المكلف تمام سلام أمس موقف جديد بشأنها، معلنا أن كل «الاحتمالات والخيارات مطروحة، وفي لحظة ما على المسؤول أن يتخذ الخطوة لإنهاء الفراغ»، في إشارة إلى احتمال إعلانه حكومة «أمر واقع» لا تحظى بموافقة بعض الأطراف السياسية اللبنانية التي تؤخر صراعاتها عملية تشكيل حكومته منذ أشهر طويلة، مشددا على عدم تراجعه عن الثوابت التي سبق له أن أعلنها إثر تكليفه.

وفي حين وضعت مصادر مطلعة على مسار «التأليف شبه المجمد»، كلام سلام الأخير في خانة التحذير من أن هامش الوقت يضيق بعدما كان سلام قد وضع لنفسه موعدا محددا، وبالتالي فإن «العد العكسي» قد بدأ، كشفت لـ«الشرق الأوسط» أن «الخيار الأخير بالنسبة إلى سلام بالتوافق مع الرئيس اللبناني ميشال سليمان هو التوجه نحو تشكيل حكومة سياسية حيادية»، أي مؤلفة من شخصيات غير استفزازية. وأكدت المصادر أن «مساعي سلام لم تتوقف في محاولة منه لإرضاء الجميع وألا يكون على خلاف مع أي جهة سياسية».

وكان سلام قد أعلن بعد لقائه الرئيس سليمان، أن «موضوع تأليف الحكومة يحتاج إلى متابعة أكبر وجهد متواصل، وهناك خوف من الفراغ في السلطة التنفيذية، وهذا ما ينعكس بشكل سلبي على الوضع في البلد»، مضيفا أن «كل الاحتمالات مطروحة، وكل الخيارات موجودة أمامي، وفي لحظة ما على المسؤول أن يتخذ الخطوة لإنهاء الفراغ والوضع السلبي».

وقال سلام: «نحن وسط غابة من الشروط والشروط المضادة، ونتمنى أن تحظى الحكومة بتأييد الجميع»، موضحا أن «مواقفي التي تتحدد فيها قناعاتي ما زالت هي هي، ولا شيء يدعوني لتبديل مواقفي، وهذه المواقف مبنية على قناعات، وأنا حريص على التعامل مع الجميع ضمن هذه الثوابت، ولن أتراجع عن هذه الثوابت».

وأوضح سلام أنه «عندما يحين الوقت ستتعرفون إلى رأي رئيس الجمهورية ورأيي لما فيه مصلحة الوطن، واللبنانيون سئموا من الفراغ وسئموا من عدم اتخاذ إجراء على مستوى تأليف الحكومة وأشعر بهذا الضغط كل يوم، لأن الناس تطالب بحكومة، وأنا أسعى ليل نهار لعدم خذلهم».

ولفت إلى أن «شكل الحكومة وحجمها والحقائب هي قيد التداول، وطموحنا أن يخرج الوطن من هذه الغابة، وهدفنا أن نعمل وفق المصلحة الوطنية، وما زلت متمسكا بشعار المصلحة الوطنية، وأتجه إلى تشكيل حكومة مصلحة وطنية وآمل ألا يكون تشكيلها إلى ما لا نهاية».

في المقابل، لاقى قرار مجلس الأمن المركزي بسحب عناصر قوى الأمن المولجة بحماية النواب، استنكارا من القوى السياسية، وأصدرت قوى «14 آذار» بيانا، اعتبرت فيه أن القرار يتعارض كليا مع الأجواء الأمنية الخطيرة التي تعصف بالبلاد والتي كان قد أقر بها وزير الداخلية مروان شربل شخصيا. وطالبت هذه القوى بالعودة عن القرار وإعادة العناصر إلى مراكزها، محملة بذلك مجلس الأمن المركزي بكل أجهزته ووزير الداخلية شخصيا مسؤولية أي أذى قد يتعرض له نائب أو أي شخصية منتسبة إلى قوى «14 آذار». وسأل البيان: «هل قررت الحكومة تشجيع القتلة وأصحاب مخططات الاغتيالات السياسية بموقفها هذا؟ وما هي الخطوات البديلة التي قررتها وزارة الداخلية لحماية أمن القوى السياسية الديمقراطية التي لا تؤمن إلا بالسلاح اللبناني الشرعي؟».

من جهته، أصدر وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل، بيانا توضيحيا، أعلن فيه أن مجلس الأمن قرر في اجتماعه الأخير سحب الفائض من عناصر قوى الأمن الداخلي المولجين بحماية بعض الشخصيات السياسية والمخالفة لأحكام المرسوم رقم 2512 «تنظيم مرافقة وحماية الشخصيات أو المراجع».

كما تقرر في الاجتماع نفسه الطلب إلى المدير العام لقوى الأمن الداخلي بالوكالة إعداد جدول بأسماء الشخصيات السياسية الذين هم في حاجة إلى إبقاء الحماية الموجودة، وذلك بالتنسيق مع المدير العام للأمن العام، ورفع المقترحات في هذا الشأن لاتخاذ قرار في هذا الموضوع في الجلسة المقبلة لمجلس الأمن المركزي.

من جهة أخرى، عقد لقاء مساء الأربعاء بين أعضاء بارزين في حزب الله والحزب الاشتراكي التقدمي، وأعلن مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس، أن الاجتماع حصل تحت عنوان أساسي تمثل في السعي إلى تنظيم الإشكالات حول القضايا ذات وجهات النظر المتباينة كالأزمة السورية. ولفت الريس إلى أن العقبة الوحيدة أمام الرئيس المكلف هي الشروط والشروط المضادة، إذ إن فريقا من «14 آذار»، يطالب بعدم إشراك حزب الله في الحكومة، وهذا مطلب غير منطقي لما يمثله حزب الله على المستوى الداخلي، في حين أن فريق «8 آذار» لا يزال متمسكا بشرط الثلث المعطل الذي أثبت في المراحل السابقة أنه يعطل المؤسسات ويعوق إنتاجية الحكومة، ولا سيما أن الرئيس المكلف قدم ضمانات في غاية الأهمية تتصل باستعداده للاستقالة في حال فقدت الحكومة مصداقيتها واستقال مجموعة من وزرائها، وهذا أمر يشكل أحد المخارج، لكن للأسف «8 آذار» لا تقبل به، ونحن دعوتنا واضحة لكل الأطراف لوعي مخاطر هذه المرحلة التي تشهد توترات أمنية متنقلة وتتطلب من القوى السياسية أن تترفع عن مصالحها بعض الشيء.