قلق سياسي واجتماعي في العراق من استمرار استهداف النساء والشباب

الداخلية عدتها «حوادث جنائية» وعمليات غسل عار

TT

تزايدت في الآونة الأخيرة بشكل لافت حوادث قتل غامضة للنساء في مناطق مختلفة من العراق وبالذات في العاصمة بغداد. وتتزامن هذه الحوادث مع حملة بدأها أخيرا محافظ بغداد الجديد علي التميمي الذي ينتمي إلى التيار الصدري بتشكيل «فوج طوارئ» مهمته غلق المقاهي الليلية التي تقوم بتشغيل الفتيات القاصرات وهو أمر عدته عضوات في البرلمان العراقي وناشطات في مجال حقوق المرأة عملا يتعدى ذلك إلى محاولة لفرض نوع معين من النظام الديني على مجتمع مدني متسامح مثل المجتمع البغدادي. وطبقا للمعلومات الأمنية التي أعلنها مصدر في وزارة الداخلية العراقية أمس، فإن ثلاث نساء قتلن في هجوم نفذه مسلحون على منزلهن شرق بغداد. وقال المصدر في تصريح صحافي إن «مسلحين مجهولين اقتحموا، في ساعة متأخرة من مساء الخميس، منزلا في حي أور شرق بغداد وقتلوا ثلاث نساء من أسرة واحدة».

وكانت بغداد وعدة مدن عراقية أخرى شهدت أخيرا حالات عديدة من هذا النوع عدتها وزارة الداخلية «حوادث جنائية» أو عمليات غسل عار أو دعارة. وتتزامن هذه الحوادث أيضا مع الزيادة الملحوظة في معدلات العنف التي شهدت تصعيدا كبيرا منذ شهر فبراير (شباط) 2013، حيث ذكرت بعثة الأمم المتحدة في العراق، في أول يونيو (حزيران) 2013، أن شهر مايو (أيار) الماضي، كان الأكثر دموية بعد مقتل وإصابة 3442 عراقيا في عمليات عنف في مناطق متفرقة من البلاد، وأكدت أنها «حزينة جدا» لهذا العدد الكبير، بينما دعت القادة السياسيين العراقيين إلى «التصرف» بشكل عاجل لـ«إيقاف نزيف الدم الذي لا يطاق»، في حين شهدت بغداد، في 24 يونيو 2013، مقتل وإصابة 188 شخصا في سلسلة تفجيرات ضربت مناطق متفرقة من العاصمة.

من جهتها، قالت عضو البرلمان العراقي صفية السهيل لـ«الشرق الأوسط» إن الحوادث التي بدأت تستهدف النساء لم تعد جنائية بل هي أكبر من ذلك بكثير، مشيرة إلى أن «العقلية والتوجه الذي تملكه الجماعات الدينية المنظمة هي نفسها التي كانت حاربت الشباب تحت اسم (الإيمو)، بينما الأمر لم يكن (إيمو) بقدر ما هو تقليعة شبابية لا أكثر». وأضافت السهيل أن «على الحكومة والجهات الأمنية أن تتحرك بسرعة مثلما تحركت على صعيد (الإيمو) باتجاه القضاء على ظاهرة الاستهداف الواضح للنساء قبل أن يخرج عن نطاق السيطرة». وأوضحت أنه «مهما كانت الدوافع والأسباب فإن لدينا دستورا وقانونا يجب أن يأخذ مجراه وليس من حق أحد أن يفرض وصايته تحت أي اسم أو عنوان ويتصرف نيابة عن الدولة والأجهزة المسؤولة». وأكدت السهيل أن «عملية استهداف النساء لا تختلف كثيرا عن ظاهرة إغلاق المقاهي والمطاعم التي يؤمها الشباب، وهي لا تتنافى مع أي قيمة اجتماعية أو أي عرف وهو ما ضمنه الدستور العراقي»، مشيرة إلى أن «هذه الممارسات من شأنها دفع الشباب العراقي إلى الهجرة». وفي السياق نفسه، قالت الناشطة في مجال حقوق المرأة ورئيسة جمعية الأمل، هناء إدوار، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذا الأمر يقلقنا جدا ونحن نتابعه باستمرار، وأعلنا عن شجبنا واستنكارنا لما يجري تحت أي عنوان أو مسمى».

وأضافت إدوار أن «التصريحات الحكومية التي تشير إلى أن هذه الأعمال إنما هي أعمال جنائية يجعلنا نتساءل لماذا الجماعات المسلحة والعصابات المنظمة هي التي تقوم بمثل هذه الأمور وتحت شعارات باسم الدين، وتحت مرأى ومسمع من الجهات الرسمية؟».

وأكدت أن «هذا الأمر يؤشر إلى مسألة في غاية الخطورة وهي غياب القانون وسيادة نوع من الأعراف الدينية والعشائرية التي تتناقض مع الدستور»، معدة «ما يجري اليوم في بغداد بما في ذلك تشكيل فوج طوارئ لغلق المقاهي والمطاعم بدلا من تقديم الخدمات للناس وإيجاد فرص عمل للشباب، انتكاسة خطيرة في مسيرة المجتمع العراقي».