قوى «14 آذار» تستخف بدعوة نصر الله للحوار وبحث استراتيجية دفاعية

تمام سلام: كفى تلاعبا بمصير لبنان

TT

لم تبد قوى «14 آذار» في لبنان حماسة تجاه إبداء الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله «استعدادا دائما للحوار ولمناقشة استراتيجية دفاعية بلا قيد أو شرط، سواء قبل تشكيل الحكومة اللبنانية أو بعد تشكيلها». ولم تأخذ هذه القوى، من خلال المواقف الصادرة عنها أمس، دعوته إلى ما يشبه الهدنة واعتباره أن «نظريات الإقصاء والعزل لا توصل إلى مكان»، على محمل الجد، في وقت تشهد فيه الساحة اللبنانية انقساما حادا حول ملفات عدة، ليس أولها أزمة سوريا ولا آخرها الملف الحكومي.

وكان نصر الله في كلمة ألقاها مساء الجمعة خلال إفطار لهيئة دعم «المقاومة الإسلامية»، أكد الرغبة بـ«حماية لبنان بمعزل عن المناكفات الحزبية»، معتبرا أن «هناك حاجة وطنية وجدّية لكي يضع لبنان استراتيجية دفاع وطني». وقال إن «النقاش حول شرعية السلاح أو عدمه لن يوصل إلى مكان فلننتقل إلى بحث هل هناك حاجة إلى المقاومة»، لافتا إلى «إننا قدمنا استراتيجية دفاعية أواسط 2006 وحتى الآن لم تتم مناقشتها لأن الفريق الآخر ليس جديا في بحث استراتيجية وطنية للدفاع».

وفي موازاة اتهامه الفريق الآخر بأن «ما يريدونه هو أخذ السلاح» و«يعطينكم العافية يا إخوان»، سأل «من يهاجم سلاح المقاومة: ما هو البديل؟».

وقال النائب في كتلة المستقبل نهاد المشنوق لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «موقفنا كفريق سياسي واضح وعبرنا عنه في البيان الصادر عن الكتلة يوم الثلاثاء الفائت لناحية جهوزيتنا للحوار بعد تشكيل الحكومة إذا كان الرئيس اللبناني ميشال سليمان هو الداعي إليه»، موضحا أن «الموقف لا يزال نفسه بشأن تشكيل حكومة غير سياسية ومن دون ثلث معطل»، في إشارة إلى معارضة منح الفريق الآخر الأكثرية العددية التي تخوله تعطيل اتخاذ مجلس الوزراء لقراراته.

وأعرب المشنوق عن اعتقاده بأن الهدف من دعوة نصر الله للحوار هو «تقديم صورة إيجابية هادئة عن حزبه في وقت يجتمع فيه وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي غدا الاثنين لإدراج حزب الله بجناحه العسكري على لائحة الإرهاب»، معتبرا أن «مواقف نصر الله تتوجه للخارج وليس للداخل اللبناني».

وفي موازاة إعلان نصر الله «إننا لسنا مع عزل أحد وجاهزون للبحث عن مخارج دائما، ولا نقول ذلك لأنّنا نخشى أن نعزل»، لافتا إلى أنه «لا خيار إلا بالحوار واللقاء مهما كانت الخصومة»، وصف المشنوق هذا الكلام بـ«غير الدقيق»، وقال إنه «يعتبر أنه ليس لدى الناس ذاكرة». وأشار المشنوق في هذا السياق إلى أن «نصر الله هو من أبلغ وزيري خارجية تركيا وقطر عام 2011 أنه لا يريد سعد الحريري رئيسا للحكومة اللبنانية، وحليفه (الرئيس السوري) بشار الأسد هو من أبلغ الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي الأمر ذاته».

وشدد المشنوق على أن «حزب الله هو من اعتمد سياسة الإقصاء والإلغاء التي سببت كل الأزمات التي نعيشها اليوم»، مجددا الإشارة إلى أن نصر الله «لا يفي بوعد ولا يلتزم بعهد، وبالتالي لا يمكن الاعتماد على كلامه أو اعتبار مواقفه مسؤولة».

وفي حين لم يتطرق نصر الله لا من قريب أو من بعيد إلى أزمة سوريا، لم تغفل ردود الفعل على مواقفه مسألة مشاركة عناصره في القتال الدائر في سوريا. ورأى المشنوق في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» أن «الحزب بقتاله في سوريا ينفذ عملية انتحار سياسي، أيا كانت نتيجة الوضع في سوريا»، مبديا تخوفه من محاولة الحزب «تدمير لبنان ونقل الحريق السوري إليه».

وفي السياق ذاته، برز رد مماثل لرئيس الهيئة التنفيذية في حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، الذي سأل أمس: «بأي عين يدعو نصر الله إلى الحوار، وقبل أقل من سنة تم الاتفاق على إعلان بعبدا، وحصل هذا الأمر في حضور ممثل حزب الله النائب محمد رعد والرئيس اللبناني ميشال سليمان الذي أعلن بنفسه عن إعلان بعبدا، والذي أصبح موثقا في الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية؟».

وشدد جعجع، في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي، على أن «حبر هذا الإعلان لم يجف بعد حتى رأينا مجموعات حزب الله القتالية تصول وتجول في أرجاء سوريا من شمالها إلى جنوبها، ومشاركتها في المعارك والقتال الدائر في هذا البلد». وختم قائلا إن «من جرب مجربا كان عقله مخربا».

وفي غضون ذلك، أعلن الرئيس المكلف تشكيل حكومة جديدة تمام سلام أن «البلد يمر بظروف غير مستقرة، وكذلك المنطقة، وهذا يتطلب منا أن نصمد ونتمسك بخيار مصلحة الوطن».

وجدد سلام، خلال حفل إفطار لجمعية المقاصد مساء الجمعة، على أنه «مؤتمن» على تأليف حكومة «مصلحة الوطن». وتوجه إلى القوى السياسية بالقول: «كفى تشكيكا وكفى عدم ثقة، كفى التلاعب بمصير لبنان، فليلجأوا جميعا إلى عقولهم وإلى ضمائرهم لنبني سويا هذه المرحلة بثقة ونواجه عدم الاستقرار بوطن ثابت وبحلول بعيدة الأجل، وهذا ما نصبو إليه إذا وفقنا الله في تأليف الحكومة».