أوروبا تتبع سياسة العصا والجزرة مع إسرائيل تشمل إدراج حزب الله على لائحتها السوداء

تل أبيب تشكو «حربا أوروبية» بعد قيود لحثها على السلام مع الفلسطينيين

TT

عندما فرض الاتحاد الأوروبي قيودا على التمويل مع إسرائيل، لدفعها لإنهاء الصراع مع الفلسطينيين، كثفت القوى الأوروبية الكبرى من جهودها لمنح إسرائيل أحد مطالبها التي سعت كثيرا لتحقيقه، وهو وضع منظمة حزب الله اللبنانية في قائمة المنظمات الإرهابية.

كان توقيت إجراءات العصا والجزرة من قبيل الصدفة، ولكنه أبرز استراتيجية الاتحاد الأوروبي لتعزيز جهوده، لكبح جماح الإجراءات الإسرائيلية التي تقوض عملية السلام في الشرق الأوسط، مع الحفاظ على علاقات جيدة مع إسرائيل، وفهم احتياجاتها الأمنية.

هذا النهج سيدفع بالدول الأعضاء، مثل بريطانيا وفرنسا، إلى بذل مزيد من الجهود لتجاوز الانقسامات العميقة داخل الاتحاد بشأن عملية السلام في الشرق الأوسط، التي طغى فيها دور الولايات المتحدة على الاتحاد لفترة طويلة.

وقد يستمر تفوق الدور الأميركي لفترة أطول، فقال محللون إنه من غير المرجح أن يغير التحرك الأوروبي من قواعد اللعبة في المنطقة، وهو استنتاج تأكد على ما يبدو يوم الجمعة، عندما أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن محادثات محتملة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في واشنطن، في وقت مبكر من الأسبوع المقبل.

كان الاتحاد قد مضى يوم الجمعة قدما في نشر مبادئ توجيهية جديدة تحظر تمويل أو التعاون مع المؤسسات في الأراضي التي استولت عليها إسرائيل في حرب عام 1967، على الرغم من المحاولات الإسرائيلية المكثفة لوقفها، بما في ذلك المكالمات الهاتفية، عن طريق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لأكثر من ستة رؤساء دول أوروبية، ومشاورات مع مبعوثين في البعثات البريطانية والفرنسية والألمانية في إسرائيل.

وقال مسؤول إسرائيلي بارز، وصف نفسه ومسؤولين آخرين بأنهم يواجهون «الحرب الأوروبية» هذا الأسبوع، حول المبادئ التوجيهية: «لا يمكننا قبول المبادئ التوجيهية على صورتها الحالية. فهي تفرض أشياء لا يمكننا القبول بها».

في الوقت ذاته، تقود بريطانيا الجهود الرامية إلى فرض عقوبات ضد حزب الله، بعد هجوم إرهابي في بلغاريا، قبل عام، راح ضحيته خمسة سياح إسرائيليين وسائقهم البلغاري، وإدانة أحد عملاء حزب الله في مارس (آذار) في قبرص، بتهمة التآمر لشن هجوم مماثل.

وقال مسؤول بارز في الاتحاد، طلب عدم نشر اسمه، لأن المحادثات الخاصة بين حكومات الجبهة مستمرة: «لا تزال هناك بعض التحفظات، لكننا نتحرك في النهاية نحو ما يمكن أن يوصف بأنه إدراج (على اللائحة السوداء) لحركة عسكرية».

ويتطلب قرار وضع حزب الله على قائمة الإرهاب موافقة بالإجماع للدول الـ28 في الاتحاد، في اجتماع وزراء الخارجية في بروكسل غدا (الاثنين).

وقال مسؤولون في الاتحاد إنه في حال تم التوصل إلى مثل هذا الاتفاق، فستكون العقوبات حظر السفر وتجميد الأصول، مشيرا إلى أنه ستكون هناك حاجة لمزيد من الوقت للتوصل إلى شروط دقيقة.

وتصنف إسرائيل والولايات المتحدة بالفعل حزب الله على أنه منظمة إرهابية، وتمارس الدولتان ضغوطا مكثفة كي تحذو الدول الأعضاء في الاتحاد حذوهما.

ويعد الاتحاد أكبر شريك تجاري لإسرائيل، حيث تصل مبادلاتهما التجارية إلى نحو 40 مليار دولار سنويا؛ ثلث الصادرات الإسرائيلية وثلثي الصادرات الأوروبية. ولكن العلاقة السياسية أكثر تعقيدا من ذلك بكثير، تحيطها ذكرى المحرقة والقلق المستمر حول معاداة السامية في كثير من البلدان.

إضافة إلى ذلك، هناك عدد من الدول الأوروبية، مثل آيرلندا والنمسا، التي يشارك جنودها في قوات حفظ السلام في مرتفعات الجولان، وتخشى من زعزعة استقرار لبنان من خلال تضييق الخناق على العناصر المسلحة، مثل حزب الله، وتراجع تأثيرها على الأحداث هناك.

ولقي الإعلان عن المبادئ التوجيهية للاتحاد غضبا قويا من الإسرائيليين، مثل يائير لابيد وزير المالية زعيم الحزب الذي تبدي دائرته الانتخابية العلمانية والثرية إلى حد بعيد قلقا خاصا إزاء احتمال العزلة من أوروبا.

وقال لابيد في مقابلة على التلفزيون الإسرائيلي، مساء الجمعة، إن المبادئ التوجيهية الجديدة ليست «مجرد نفاق»، بل «غباء»، مضيفا: «إذا كانوا يريدون من ذلك أن يظهروا أنهم حريصون على السلام، فإنهم يدمرونه بذلك».

وأوضح لابيد أن الجماعات الفلسطينية المتشددة مارست ضغوطا على الرئيس محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية للامتناع عن التفاوض مع إسرائيل، قائلين له: «انتظر، انتظر، إسرائيل معزولة. والعزلة آخذة في التزايد».

وأضاف أن الاتحاد الأوروبي «يخدم بذلك القوى الأكثر راديكالية في المجتمع الفلسطيني».

في الوقت نفسه، قال دانيال ليفي، مدير برنامج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، وهو منظمة أبحاث في لندن، إن أولئك الذين يعتقدون أن تضييق الخناق على حزب الله «سيلقى مزيدا من القبول لدى نتنياهو واليمين الإسرائيلي سذج بعض الشيء».

وأشار إلى أن العقوبات ضد حزب الله لن تفعل شيئا يذكر لرأب الصدع بين إسرائيل وأوروبا الذي تعمق في السنوات الأخيرة حول قضية المستوطنات اليهودية.

وأوضح ليفي أنه عقب نشر المبادئ التوجيهية، كان الإسرائيليون لا يزالون «يريدون ترك الأوروبيين في مأزق في الوقت الراهن»، وفي المستقبل، «سيحاولون انتقاد الأوروبيين على أي شيء لا يحبونه، كما فعلت أوروبا تجاه سياسة الاستيطان، وبالازدراء نفسه».