توتر في المناطق الكردية.. ومسؤول يتحدث عن «إقليم خاص»

حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي يطرح مسودة دستور

عنصران من الجيش السوري الحر يعاينان بناية مدمرة جراء القصف في دير الزور (رويترز)
TT

تضاربت الأنباء أمس حول سيطرة مقاتلين أكراد على مواقع جديدة في محافظة الحسكة (شمال شرقي سوريا)؛ ففي حين أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن مقاتلي «وحدات حماية الشعب الكردي» تمكنوا من طرد مقاتلي «جبهة النصرة» و«الدولة الإسلامية في العراق والشام» المرتبطتين بتنظيم القاعدة، من محيط قرى تل علو وكرهوك وعلي آغا، نفى الناشط الميداني خالد أبو الوليد هذه الأخبار، وقال إن «مقاتلي حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (بي واي دي) لا يسيطرون إلا على رأس العين فقط، وقد خسروا بالأمس مواقع السويدية ورميلان».

وأضاف أبو الوليد في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أن الكتائب الإسلامية لم تستطع صد هجوم مقاتلي «بي واي دي» وحدها فاضطرت للاستعانة بالكتائب التابعة للجيش السوري الحر العامل في محافظة الحسكة، والذين أعلنوا أمس انطلاق معركة «بركان الشرق لتحرير الحسكة» التي تستهدف «وضع حدا لتجاوزات (بي واي دي)» في المنطقة، والاستيلاء على المواقع العسكرية الستة الأخيرة الواقعة تحت سيطرة نظام الرئيس بشار الأسد في المحافظة وهي: مركزي مدينتي الحسكة والقامشلي، ومطار القامشلي الدولي، والفوج 154 مهام خاصة في القامشلي، وفوج مدفعية جبل كوكب، والفوج 121 مدفعية التابع للفرقة 17. ومع إعلان النفير العام ووصول التعزيزات، يضيف الناشط الميداني: «تقدمت قوات جبهة النصرة وتساندها كتائب الجيش الحر نحو محطات السويدية النفطية والغازية فسيطرت على سويدية شمر. وتحاصر منذ يومين معمل الغاز».

يشار إلى أن مجالس محلية تتولى إدارة المناطق ذات الكثافة السكانية الكردية في شمال سوريا منذ انسحاب قوات الأسد منها صيف عام 2012، وقد عدت حينئذ خطة الانسحاب من هذه المناطق تكتيكية بالنسبة للنظام الذي يحتاج إلى هذه القوات في المعارك ضد مقاتلي المعارضة في مناطق أخرى من البلاد، وتشجيعا للأكراد على عدم الوقوف إلى جانب المعارضين بهدف الحفاظ على سلطتهم الذاتية.

ويحاول الأكراد عموما تجنيب مناطقهم النزاع المستمر في سوريا منذ منتصف مارس (آذار) 2011 عبر إبقائها في منأى عن مقاتلي المعارضة أو القوات النظامية. ويشكل الأكراد ما نسبته 15 في المائة من سكان سوريا البالغ عددهم 24 مليون نسمة، ويتركزون في شمال البلاد. ولم يطالب أكراد سوريا علنا بدولة مستقلة على غرار أقرانهم في شمال العراق، لكنهم يأملون منذ بدء الاحتجاجات ضد نظام الأسد في الحفاظ على الصيغة الحالية بإدارة مناطقهم، والتي تعد أقرب إلى حكم ذاتي.

لكن أطياف المعارضة السورية باتت تخشى على «وحدة التراب السوري» مع طرح «بي واي دي» المحسوب على حزب العمال الكردستاني التركي، لمشروع دستور محلي سمته «العقد الاجتماعي» يحوي أسس تشكيل «كيان كردي» مستقل يشبه إلى حد التطابق تجربة إقليم كردستان العراق الذي تأسس في عام 1992، حينئذ حاولت قيادة الجبهة الكردستانية، التي ضمت 8 أحزاب فاعلة، أن تنظم انتخابات لأول برلمان محلي كردي، تمخض عنه تشكيل حكومة محلية ما زالت تقود إقليم كردستان منذ ذلك الوقت.

ووفقا للناطق الرسمي باسم مجلس «شعب غرب كردستان» شيرزاد اليزيدي، وهو الجناح السياسي لـ«بي واي دي» فإن قيادة الحزب تعمل حاليا على طرح مبادرة لتوقيع عقد اجتماعي بين الأطراف والمكونات السورية بالمناطق ذات الكثافة السكانية الكردية، كالعرب والآشوريين.

ويهدف العقد، كمرحلة أولى وفقا لشيرزاد، «إلى تشكيل إدارة مشتركة من الجميع ستكون مهمتها الأساسية تهيئة الأجواء لإجراء انتخابات برلمانية ثم سن دستور لبناء مقومات وأسس الدولة المؤسساتية التقدمية بمناطقنا»، مضيفا أن «هناك مقترحا بإجراء الانتخابات البرلمانية وتنظيم الاستفتاء على الدستور بيوم واحد».

وأشار اليزيدي إلى أن «ما نعيشه اليوم بمناطقنا الكردية هو وضع يسمى بـ(دي فاكتو) أي الأمر الواقع، ولذلك نحن نحاول الآن تجاوز المرحلة السابقة باتجاه مأسسة السلطة، والتأسيس لنظام إداري يتسق مع المبادئ التي عملنا وناضلنا من أجلها، وهي إنشاء إدارتنا الذاتية واللامركزية، وهذا بحد ذاته مشروع وطني سوري نأمل أن يتم تعميمه على بقية مناطق سوريا، لكي يتمتع كل المواطنين والمكونات بحقوقهم المشروعة في المشاركة بإدارة السلطة».

وبسؤاله عما إذا كانت هذه التجربة ستمتد أو تتجاوز حدود المناطق الشرقية، خاصة أن هناك محاولات لضم منطقة عفرين (شمال غربي حلب) إليها، قال اليزيدي: «نحن لا نسعى إلى تكريس إدارة خاصة بنا على حساب بقية المكونات، بل إن العقد الاجتماعي الذي اقترحناه سيكون بين الجميع من دون استثناء».

يذكر أن العقد الاجتماعي المقترح يحتوي على مقدمة تعرض لجانب من تاريخ «الشعب الكردي» بسوريا، ويتحدث الباب الأول عن الأحكام العامة، والباب الثاني عن المبادئ الأساسية التي تعتبر الشعب مصدرا للسلطات، ثم تتحدث النصوص عن تشكيل البرلمان والحكومة ووزاراتها، ويختتم العقد بالمادة 35 القائلة: «يعمل بهذا العقد في المرحلة الانتقالية لمناطق الإدارة الذاتية، ولا يجوز تعديله إلا بطلب مقدم من 50 عضوا من المجلس الدائم إلى ديوان البرلمان ورئاسة الحكومة».