فتوى مقيدة للنساء تثير مخاوف في أفغانستان

تعيد القيود التي كانت مفروضة على المرأة إبان حكم حركة طالبان

طابور من السيدات ينتظرن تلقي المعونات الغذائية من جمعية خيرية إسلامية في شهر رمضان في العاصمة كابل (أ.ب)
TT

رفض أحد أبرز مستشاري الرئيس الأفغاني حميد كرزاي للشؤون الدينية إلغاء مرسوم أصدره علماء دين في شمال البلاد يعيد القيود التي كانت مفروضة على المرأة إبان حكم حركة طالبان في دلالة على عودة الاتجاه المحافظ للبلاد مع استعداد قوات حلف شمال الأطلسي للرحيل من هناك.

وبعد أيام من إطلاق الولايات المتحدة برنامجا يتكلف 200 مليون دولار لتعزيز دور المرأة في أفغانستان قال عضو بارز في مجلس العلماء إنه لن يتدخل في مرسوم أصدره علماء دين في منطقة ده صلاح بإقليم بغلان.

صدر المرسوم المؤلف من ثماني نقاط في أواخر يونيو (حزيران)، ويقضي بمنع مغادرة المرأة منزلها من دون محرم، وبإغلاق متاجر أدوات التجميل؛ بحجة أنها تستخدم للدعارة، وهو اتهام رفضه السكان والشرطة.

وصرح عناية الله بليغ عضو مجلس العلماء ومستشار الرئيس في ساعة متأخرة من مساء أمس: «لا مجال لبقاء مثل هذه المتاجر. المحال للتجارة وليست للفسق».

ووصف سكان ده صلاح المرسوم بـ«الفتوى»، رغم أن إصدار مثل هذه الفتاوى الملزمة يقتصر على كبار العلماء في كابل. وفي مؤشر على معارضة مثل هذه الفتاوى قتل صاحب محل شاب رئيس بلدية بالرصاص حين حاول تنفيذ الفتوى. كما تحظر الفتوى على النساء دخول العيادات الطبية من دون محرم وتهدد بعقوبات غير محددة للمخالفات.

وتعاني أفغانستان من واحد من أعلى معدلات وفيات الأطفال في العالم، وبعد أكثر من عقد من الإطاحة بطالبان بدعم من الولايات المتحدة لا تزال من أسوأ الدول في معاملة المواليد من الإناث. وإبان حكم طالبان من عام 1996 إلى 2001 أرغمت النساء على ارتداء النقاب، وفي بعض الحالات بترت أصابع من تضعن طلاء الأظافر. وتضمن المرسوم تهديدا بإعلان الجهاد إذا ما حاولت السلطات منع تنفيذ الفتوى.

ويخشى كثيرون في أفغانستان إجهاض الحريات التي نالتها المرأة بشق الأنفس مع اقتراب رحيل القوات التي يقودها حلف شمال الأطلسي في ظل الجهود المبذولة للتوصل لاتفاق سياسي مع طالبان لإنهاء الحرب الدائرة منذ 12 عاما.

وفي دولة شديدة المحافظة يهيمن عليها الرجال، حيث تطغى غالبا سطوة الدين على سلطة القانون، يقف علماء الدين في كثير من الأحيان حجر عثرة أمام نيل النساء حقوقهن التي يحصلن عليها بموجب الدستور.

وفي ده صلاح التي يقطنها 80 ألف نسمة معظمهم من الطاجيك، مصدر الدعم الرئيسي لطالبان وقف عبد الله أمام متجره لأدوات التجميل الذي أغلق، بألواح من الخشب متهما علماء الدين باستعراض عضلاتهم.

ويضيف: «يريدون عودة أيام طالبان. إذا استسلمنا لهم فسيسيطرون على المنطقة وتصبح الحياة مستحيلة». وتابع: «نحن فقراء.. أغلق متجري. أريد أن تتحرك الحكومة. يحكم الملالي المنطقة الآن مثلما كانت تفعل طالبان».

وقال الطبيب شاه أغا اندربي إن شائعة الدعارة والزنا في ده صلاح بلا أساس، وإنها مجرد ذريعة كي يقمع علماء الدين النساء. وتابع: «لا شيء يحدث في هذه المتاجر أنا واثق من ذلك. لا يوجد دليل. كل ما يريدونه هو إغلاق هذه المتاجر في وجه النساء».

كما رفض قائد شرطة ده صلاح الكولونيل عبد الأحد نبي زاده ما تضمنه المرسوم من مزاعم، قائلا إن رئيس البلدية الذي قتل أثناء إغلاق المتاجر تحرك تحت تأثير التهديد بالجهاد ضده إذا اعتبر معارضا لتنفيذ الفتوى. وقال نبي زاده: «الجميع هنا مسلمون. ولم نر سلوكا مماثلا لمزاعمهم في هذه المدينة الصغيرة. كانت النساء يذهبن للسوق لشراء احتياجاتهن وعارض المحافظون ذلك».

وأعلن مسؤولون أميركيون الأسبوع الماضي عن برنامج لمساعدة النساء الأفغانيات بقيمة 200 مليون دولار على أن يقدم ما نحو ما آخرون في التحالف الذي يقوده حلف شمال الأطلسي مساعدات مماثلة.

ومن المقرر أن تنهي القوات المتحالفة عملياتها القتالية في أفغانستان في نهاية العام المقبل. واتهمت جماعات لحماية حقوق الإنسان وأخرى نسائية كرزاي بالنكوص عن تعهداته بحماية الحريات التي تتمتع بها النساء، وأبرزت معارضة البرلمان لمرسوم رئاسي يحظر العنف ضد النساء. كما عينت الحكومة مسؤولا سابقا من طالبان بمجلس حقوق الإنسان الجديد، في حين تمنع قوانين جنائية يناقشها البرلمان النساء والفتيات الشهادة ضد المتهمين بإساءة معاملتهن من قبل أفراد أسرهن.