دولة جنوب السودان تعلن أنها ستوقف إنتاج نفطها نهاية الشهر الحالي

مسؤول جنوبي لـ «الشرق الأوسط»: الشعور العام في الجنوب يرجح إغلاق الآبار نهائيا ودون تراجع

TT

أكدت دولة جنوب السودان أن إنتاج نفطها سيتوقف بنهاية يوليو (تموز) الحالي قبل المهلة التي حددتها الحكومة السودانية بـ(60) يوما تنتهي في السابع من أغسطس (آب)، وتسلمت جوبا خطابا من الرئيس السوداني عمر البشير الأسبوع الماضي أكد فيه أن قرار بلاده بوقف الأنبوب الناقل لنفط الجنوب سيتم إغلاقه في غضون (60) يوما في حال استمرت جارته في دعم متمردي «الجبهة الثورية» المناوئة للخرطوم وتعمل على إسقاطه، في وقت يتوقع أن تبدأ اجتماعات للجنة الأمنية المشتركة بين البلدين في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا لمناقشة الاتهامات المتبادلة وترتيبات تأمين الحدود.

وقال وزير النفط في جنوب السودان، أستيفن ديو داو، لـ«الشرق الأوسط»، إن بلاده ستوقف إنتاج نفطها في (31) من يوليو الحالي، مشيرا إلى أنه في الأول من أغسطس لن يتم إنتاج وعبور برميل واحد من النفط من جنوب السودان، وأضاف: «هذا آخر إغلاق لآبار النفط، ولن يتم فتحه مجددا في حال أصبح موقف السودان نهائيا بإغلاق الأنبوب الناقل لنفطنا إلى بورتسودان»، مشددا على أن الخطوة قررتها حكومته لحماية المنشآت والبيئة، قال: «إذا أغلقنا الآبار وأوقفنا الإنتاج فلن نعود في وقت لاحق بتصديره عبر السودان، وهذا أصبح الشعور العام لدى شعب جنوب السودان،» وأضاف أن الخرطوم تصر على أن جوبا تدعم المتمردين في جبال النوبة ودارفور والنيل الأزرق دون دليل، ووصفها بالاتهامات الباطلة والكاذبة ومبنية على شائعات من مجموعات - لم يسمها - تستثمر من أحداث التوتر، وتابع: «ما يحدث من تمرد في مناطق جبال النوبة والنيل الأزرق أمر يخص السودانيين وحدهم وليس لنا أدنى علاقة به»، وقال: «الكرة في ملعب الخرطوم، وفي يدها أن تلغي قرارها السابق ويستمر تدفق النفط أو أن تغلق الأنبوب، ولكننا لن ننتظر ابتزازاتها»، معتبرا أن بلاده تستطيع استثمار ثروتها ومواردها بطرق مختلفة، وقال: «بعد عام أو عامين، سنستغل ثروتنا الطبيعية ومنها النفط، ولن تنقصنا وسائل النقل للسوق العالمية، وليس من الصعب إيجاد هذه الوسائل».

وكشف داو عن زيارة قام بها الأسبوع الماضي إلى العاصمة الصينية بكين، أجرى خلالها لقاءات واسعة مع قيادات الدولة، وقال: «إن من المبكر الحديث عما دار مع القيادة الصينية من خلال الإعلام حول توتر العلاقات بين الخرطوم وجوبا»، وأضاف: «الصين صاحب أكبر مصلحة في إنتاج النفط، حيث تعمل الشركات الصينية في إنتاج وتصدير النفط، لذلك وصلنا بكين للحديث مع القيادة الصينية»، مشيرا إلى أن بكين تفهمت الشرح الذي قدمه للقيادة الصينية خلال زيارته، وقال إن هناك اتصالات تقوم بها دول في الإقليم والمجتمع الدولي، من بينها الصين، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه حتى لا يتوقف إنتاج وتدفق النفط، نافيا أن ترجئ حكومته قرار الإغلاق في الأول من أغسطس المقبل، وكشف عن اجتماعات للجان الأمنية بين البلدين ستبدأ غدا الاثنين لبحث الاتهامات المتبادلة حول دعم متمردي البلد ضد الآخر، وقال: «لا أعتقد أن هناك جديدا يمكن أن يحدث، لأن اتفاق النفط لا علاقة له بهذه الاتهامات»، مستنكرا الأحاديث التي ترددها بعض الدوائر في المجتمع الدولي من أن بلاده ستنهار في حال توقف إنتاج النفط، وقال: «هذه الدوائر في المجتمع الدولي قالت إن جنوب السودان سينهار خلال ستة أشهر في حال توقف النفط، لكن تجربتنا أننا أغلقنا الآبار لأكثر من عام وشعبنا لم يمت»، وأضاف: «هناك دول تعيش من دون نفط ولم تمت من الجوع».

وأشار داو إلى أن حكومته ستقوم ببيع (6.4) مليون برميل من النفط وستحصل مقابل ذلك على ما يصل إلى نحو (350) مليون دولار قبل نهاية يوليو، وقال إن ذلك سيساعد في الموازنة المقبلة وإن الحكومة وضعت خططها للفترة المقبلة من دون دخل النفط، وأضاف أن وقف النفط سيضر بالبلدين وليس جنوب السودان وحده، وشدد على أن الدولة ستتبع سياسات اقتصادية من واقع تجربتها السابقة بزيادة إيراداتها من غير النفط، وكان جنوب السودان قد أوقف إنتاج نفطه في يناير (كانون الثاني) العام الماضي، وعاد استئناف النفط في أبريل (نيسان) الماضي، ويتوقع أن يتوقف مجددا في السابع من أغسطس المقبل، وقال داو إن ما تبقى من نفط داخل الأنبوب سيتم شحنه من الموانئ السودانية على البحر الأحمر، مشيرا إلى أن بلاده باعت مليون برميل في يونيو (حزيران) الماضي، وستشحن (3.2) مليون برميل في أغسطس المقبل، وقال: «خفضنا الإنتاج تدريجيا لكي يتوقف نهاية عن الضخ عبر الأنبوب إلى السودان الذي سيحصل على 100 مليون دولار حتى وقف الإنتاج».

في الخرطوم، قال وكيل وزارة الخارجية السودانية رحمة الله عثمان إن بلاده لن تسمح بنقل نفط جنوب السودان عبر أراضيها إذا لم تقطع جوبا العلاقات مع المتمردين، مشددا على أن الخرطوم لن تعدل عن قرارها، لكنه عبر عن أمنياته أن تتدخل الصين في الوساطة كما تمنت جوبا، باعتبار أن بكين أكبر مستثمر في النفط في البلدين إلى جانب شركات ماليزية وهندية.