صندوق ائتماني لإغاثة اللاجئين السوريين الخيار «الأنسب» في ظل شلل الحكومة اللبنانية

أبو فاعور: لسنا في موقع «فرض الشروط».. ونجتهد لتحصيل المساعدات الدولية

لاجئات سوريات يعملن في قطاف الفاكهة في بلدة الخيام الحدودية امس (رويترز)
TT

أوضح وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني وائل أبو فاعور لـ«الشرق الأوسط» أمس أن فكرة إنشاء صندوق ائتماني، يهتم بإغاثة اللاجئين السوريين في لبنان والمجتمعات اللبنانية المضيفة في آن معا، انبثقت عن تقرير صادر في وقت سابق عن مجلس الأمن الدولي دعا لبنان إلى «إنشاء بنى مؤسساتية». وأشار إلى أن «الموفدين الدوليين هم من اقترحوا على الحكومة اللبنانية فكرة إنشاء صندوق ائتماني، يدار بواسطة بروتوكول بين الحكومة اللبنانية والبنك الدولي».

وتبدو الحاجة ماسة اليوم إلى إنشاء صندوق مماثل لضمان وصول مساعدات الدول والجهات المانحة إلى الحكومة اللبنانية، مع تخلف تلك الأطراف عن الإيفاء بتعهداتها عمليا لناحية مساعدة لبنان على تحمل عبء أزمة اللاجئين السوريين في لبنان، مع استمرار تدفقهم إلى مناطق عدة. وأعلنت الدولة اللبنانية، على لسان عدد من المسؤولين، عجز لبنان عن استيعاب اللاجئين السوريين وتحمل أعباء استضافتهم بمفرده.

وبحسب التقرير الأخير الصادر عن مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، يستضيف لبنان حاليا 625 ألف لاجئ سوري، 95 ألفا منهم ينتظرون التسجيل لدى مكاتب المفوضية، بينما تشير تقديرات أخرى، أبرزها صادر عن «الإسكوا» خلال الشهر الجاري، إلى وجود نحو 1.1 مليون سوري في لبنان، من عمال ولاجئين وميسورين يقيمون على نفقتهم الخاصة.

وكان أبو فاعور قد أبدى تحفظه على فكرة إنشاء صندوق ائتماني. وقال في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» أمس إن تحفظه ينطلق من أن موافقة لبنان على إنشاء هذا الصندوق «تعني أننا أعلنا عدم أهلية الدولة اللبنانية في أن تتولى توزيع المساعدات بعد تلقيها»، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الاقتراح لقي موافقة الرئيس اللبناني ميشال سليمان ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.

وشدد أبو فاعور في الوقت عينه على «أننا ندرك جيدا أننا لسنا بموقع وضع الشروط على المجتمع الدولي إنما بموقع بذل الجهود الممكنة للحصول على المساعدات المأمولة»، لافتا إلى أن «دولا عدة سبق أن أنشأت مثل هذا الصندوق، آخرها الأردن وتكللت تجربتها بالنجاح».

وفي سياق متصل، اعتبر الخبير الاقتصادي وأستاذ العلاقات الدولية سامي نادر، أن «فكرة إنشاء صندوق ائتماني هي فكرة سديدة، في ظل الوضع القائم في لبنان اليوم». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إذا لم تكن الحكومة تطبق قواعد الحوكمة الجيدة، فمن الصعب أن تتلقى مساعدات كبيرة من الدول والجهات المانحة»، مشيرا إلى أن أهمية صناديق مماثلة هي في «الركون إلى إدارتها بعقلية القطاع الخاص، أي توفير الإنتاجية وحصر النفقات ورفع مستوى الخدمة».

واعتبر نادر أن في لبنان «ثمة مشكلة ثقة في الأساس بالقطاع العام، فضلا عن أن الحكومة مشلولة، والبلد مقسوم، وكل شروط الحوكمة غير متوفرة». وأشار إلى أن «التوجه إلى الصناديق هو الخيار الأفضل في بلد طبيعي فكيف الحال إذا كان الوضع كما هو راهنا في لبنان؟!». وأوضح أن حسنات الصندوق أن «عمره يكون وفق عمر الأزمة، ويخضع العمل فيه لقواعد رقابة محددة».

وبحسب إحصاءات الأمم المتحدة، فلم يصل عدد اللاجئين في أي بلد إلى ثلث السكان كما هو الحال في لبنان منذ أحداث رواندا عام 1994. ووفق تقرير مفوضية اللاجئين الأخير، يتوزع نحو 35 في المائة من السوريين في منطقة شمال لبنان، بينما يقيم 34 في المائة من السوريين، مقابل 18 في المائة، في جبل لبنان وبيروت، ونحو 13 في المائة في جنوب لبنان. ويستمر تدفق اللاجئين بوتيرة مرتفعة، إذ وصل خلال الأسبوع الماضي أكثر من 540 عائلة إلى منطقة البقاع عبر الحدود مع سوريا.

ويرخي وجود اللاجئين بثقله على المرافق الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وسط تحذيرات من انهيار المنظومتين الصحية والتربوية في لبنان، فضلا عن التداعيات على الصعيد الأمني. وكان أبو فاعور قد حذر في وقت سابق من تداعيات اللجوء السوري على السيادة اللبنانية.

ومن المقرر أن يترأس رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي سلسلة اجتماعات مطلع الأسبوع، يشارك فيها قادة الأجهزة الأمنية والوزراء المعنيون لاتخاذ بعض الإجراءات الملحة.