التدخلات السياسية تطيح بأحلام كرة السلة.. والمنتخب يدعو اتحاد اللعبة للاستقالة

ناديان يرأسهما نجل الرئيس وشقيق وزير لجآ إلى القضاء فأوقف الـ«فيبا» لبنان 4 سنوات

TT

أطاحت التدخلات السياسية بأحلام كرة السلة اللبنانية التي عاد أمس منتخبها «مطرودا» من بطولة العالم المقامة في الفلبين بعد تجميد الاتحاد الدولي للعبة عضوية لبنان 4 سنوات على خلفية تدخلات سياسية ودعاوى قضائية رفعها فريقان محليان على الاتحاد يرأس أحدهما نجل الرئيس اللبناني ميشال سليمان، والثاني شقيق وزير المال.

ودعا منتخب لبنان لكرة السلة، أمس، اتحاد اللعبة في لبنان، إلى الاستقالة. وقال المدير الفني للمنتخب غسان سركيس، في مؤتمر صحافي عقده المنتخب في مطار بيروت، لحظة وصولهم من الفلبين حيث تلقوا خبر منعهم من المشاركة: «من غير المقبول أن يعود منتخب لبنان إلى بلده مشحوطا (مطرودا)، وخسرنا فرصة ذهبية»، وتسببت الأزمة التي عصفت في الاتحاد باستقالة ستة من أعضائه، وبعض الأندية التي لجأت إلى القضاء المحلي اعتراضا على قراراته، بتعطيل الدوري المحلي قبل انطلاق استعدادات منتخب لبنان لبطولة آسيا. وجاء قرار الاتحاد الدولي بعد انتهاء مهلة لحل المشكلات الداخلية التي تعصف، فتم تجميد عضوية الاتحاد اللبناني واستبعد المنتخب الوطني عن الألعاب الدولية لمدة أربع سنوات. ويرجع عضو الاتحاد اللبناني لكرة السلة المستقيل إبراهيم دسوقي المشكلة، إلى تعنت غير مفهوم من ناديي «المتحد» و«عمشيت» اللذين لم يرضخا لمطالب الـ«فيبا» بسحب دعاوى قضائية تقدما بها ضد الاتحاد إلى القضاء اللبناني.

ويقول دسوقي الذي قدم استقالته من عضوية الاتحاد بعد صدور قرار تجميد المنتخب اللبناني، إن «الاتحاد نفذ كل ما طلبه منه الفيبا، وأجرى التعديلات اللازمة، إلا أن الأندية لم تتعاون لتجنيب لبنان قرار الفيبا». وأوضح دسوقي لـ«الشرق الأوسط» أنه كان المطلوب من نادي عمشيت ونادي المتحد سحب الدعاوى القضائية من المحاكم اللبنانية ضد الاتحاد، والتوقيع على مذكرة تفاهم تتضمن بند عدم اللجوء إلى القضاء، لكنهما لم يستجيبا، كما لم تمنع ناديين آخرين هما الرياضي وبيبلوس التوقيع على مذكرة التفاهم.

وكان نادي عمشيت الذي يتسلم منصب رئيسه الفخري شربل سليمان نجل الرئيس اللبناني ميشال سليمان، اتجه إلى القضاء بسبب خسارته مباراته مع فريق الشانفيل في «الفاينل 8». كما اتجه نادي المتحد، الذي يرأسه أحمد الصفدي شقيق وزير المال محمد الصفدي، إلى القضاء بسبب عدم تأجيل مباراته مع الحكمة في المربع الذهبي بعد هروب لاعبيه الأجانب بسبب الوضع الأمني في مدينة طرابلس. وطلب المتحد من الاتحاد تغيير أسماء اللاعبين الأجانب، بعد ربط نزاعه بالدعوى مع دعوى عمشيت، فرفض الاتحاد، ما دفع المتحد للجوء إلى القضاء.

وفي المقابل يلوم ممثلو النوادي واللاعبون، اتحاد اللعبة على خطوته اللجوء إلى «الفيبا» لحل النزاع المحلي، في وقت دقيق يتزامن مع بطولة كأس آسيا التي تؤهلهم لبطولة العالم. وكرة السلة، هي اللعبة الرياضية شبه الوحيدة التي حقق فيها اللبنانيون إنجازات عالمية ومحلية، وكانت محل رهان اللبنانيين للتألق، وبنى الكثير من الرياضيين أحلاما عليها للوصول إلى مراتب عالية لمنافسة فرق عالمية.

وأجمع المتابعون لما آلت إليه قضية كرة السلة في لبنان، على أن السياسة في لبنان «لم تدخل شيئا إلا وأفسدته». وكان وزير الشباب والرياضة فيصل كرامي أكثر من عبر عن هذا الموقف، بالقول إن لعبة كرة السلة «نخرتها السياسة والطائفية والمصالح الضيقة». ولم تكن السياسة، منذ إنشاء النوادي الرياضية في لبنان، بعيدة عن الرياضة، بحكم تبعيتها لمرجعيات سياسية، كما يقول دسوقي، لكن هذا العام، شهدنا استغلالا للقوة السياسية للضغط على الاتحادات الرياضية. ويستشهد دسوقي بتنحي قاضية عن النظر في دعوى نادي عمشيت، قبل أن يحكم قاض آخر لصالح النادي ويطالب بإعادة المباراة واعتبار كل ما تلاها ملغيا. ويعتبر دسوقي أن ما جرى «سابقة في تاريخ الأنشطة الرياضية اللبنانية بحيث يتدخل القضاء في تفاصيل فنية». كما يستشهد بحادثة طلب وزير الداخلية مروان شربل من رئيس الاتحاد اللبناني لكرة السلة روبير أبو عبد الله، تأجيل مباراة ناديي عمشيت والشانفيل إلى اليوم التالي من موعدها.

لكن وزير الداخلية، يرفض أن يحسب طلبه من عبد الله تدخل سياسي، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن «ذلك التدخل جرى على خلفية أمنية، حيث كانت لدينا معلومات أن جمهوري الفريقين قد يشتبكان، على ضوء احتقانات سابقة». وقال شربل إن طلبه «كان أمنيا بحتا، ويستدل إلى ذلك في المباراة التي عقدت في اليوم الثاني، وكان عدد العناصر الأمنية الموكلة بحماية الملعب تتخطى عدد الجمهور».