السفير الأفغاني لدى السعودية: تسلمنا سجن «باغرام» والأميركيون يتحفظون على عرب بينهم سعوديون

قال إن وساطة الرياض لافتتاح مكتب طالبان ما زالت قائمة

سيد أحمد عمر خيل، السفير الأفغاني لدى السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

قال سيد أحمد عمر خيل سفير أفغانستان لدى السعودية إن السعودية لم تدخر جهدا في عملية التفاوض بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، وقد وقفت طوال 35 عاما إلى جانب الشعب الأفغاني، وأخيرا أهدى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للشعب الأفغاني مركز الملك عبد الله الإسلامي والذي يعد صرحا علميا مهما إلى جانب المنح والمساعدات التمويلية.

وأكد عمر خيل في حديث خاص مع «الشرق الأوسط» أن بلاده تتعرض للخديعة من جهات خارجية من دون تبرئة الولايات المتحدة من خلال اتفاقية افتتاح طالبان لمكتبها في قطر تحت عنوان إمارة أفغانستان الإسلامية ورفع علمها، وأضاف: «لا نعلم متى قد يأتي الحل إلا أنه حاليا كل الأمور متوقفة فيما يتعلق بافتتاح مكتب طالبان من جديد».

كشف السفير عمر خيل عن مخاطر التدخلات الإيرانية والباكستانية بالشؤون الأفغانية، متهما إيران بتقديم مساعداتها الإنسانية «المغلفة بالسم»، كما يقول إن «هناك مثلث توتر في منطقتنا أميركيا - باكستانيا - إيرانيا».

وحول مكتب طالبان بقطر الذي لم يلبث أن دشن حتى أغلق، قال السفير الأفغاني إنه «بعد مراحل من البحث والنقاش وعقب اتصالات مباشرة بين طالبان والولايات المتحدة بقي الجانب الأفغاني خلف الاتصالات المباشرة مع اكتفاء الجانب الأميركي بتقديم تصور مجمل عن هذه الاتصالات تقرر الموافقة على افتتاح مكتب لطالبان كمنظمة سياسية ضمن المنظمات السياسية الموجودة بأفغانستان والتي تتجاوز 100 منظمة مسجلة قانونيا ولها حق النشاط السياسي.. ورحبت بعد ذلك الحكومة الأفغانية وأجرت اتصالات مع قطر والتي نشكرها لإتاحة الفرصة وتسهيل الأمر لافتتاح مكتب لطالبان كي يكون عنوانا ثابتا ومعروفا نتمكن من خلاله من التواصل مع مسؤولي طالبان ومستوى صلاحياتهم وهوية ممثليهم في عملية التفاوض». ولفت السفير إلى وجود انقسام في داخل طالبان، إذ ترفض فئة وجود المكتب وأخرى تؤيده.

واستطرد قائلا: «هذا المكتب كان ليسهل علينا عملية التعرف على طالبان الحقيقية أو الجهة التي نتفاوض معها، لذلك أبدينا استعدادنا لافتتاح المكتب في أي بلد عربي إسلامي آخر كالسعودية، أو تركيا، وأيد ذلك رئيس الحكومة الأفغانية إلى جانب ترحيب هيئة المصالحة المكونة لهذا الشأن بذلك والتي أجرت لقاءات غير مباشرة مع مسؤولين من طالبان.. رغم أننا نفضل أن يكون هذا المكتب ضمن الحدود الأفغانية مع تقديم كافة الضمانات اللازمة لطالبان من خلال مشايخ القبائل لتوفير الجو المناسب لعملية التفاوض المباشر من دون تدخل جهات أخرى»، متابعا: «كان الاتفاق على افتتاح مكتب لطالبان كمنظمة معارضة لدولة أفغانستان إلا أنه في اليوم الأول من افتتاح المكتب ظهرت بثوب آخر، فكان الاتفاق على افتتاح مكتب تمثيل لطالبان بشرط ألا يكون مكتبا سياسيا أو له حق الاتصالات الأجنبية وجمع الأموال باسم آخر، إلا أنه بمجرد رفع العلم باسم الإمارة الإسلامية ووضع اللافتة باسم إمارة أفغانستان الإسلامية وهو الأمر الذي فوجئت به حكومة كابل ولم يكن متوقعا، لنكتشف بوجود خدعة وراء الاتفاقية أو تنسيق سري من جهات غير أفغانية مع طالبان بمثل هذه اللعبة».

وبسؤاله عما تحدثت عنه أطياف مختلفة داخل طالبان من خلال مكتبها في طهران والآخر في بيشاور قال السفير الأفغاني لدى السعودية: «نحن كدولة مجاورة لإيران وباكستان نعاني من تدخلاتهما وهذا أمر لا يخفى على أحد فكلاهما لعبا دورا كبيرا وأخص بالذكر باكستان التي لطالما ساهمت في إثارة الأوضاع وتصدير الإرهاب إلى أفغانستان والعالم، من خلال مراكز التدريب وتجميع فئات وجنسيات مختلفة من شتى أنحاء العالم لتجهيزهم وتدريبهم من داخل الأراضي الباكستانية ومن ثم تصديرهم إلى أفغانستان ومناطق أخرى، وكذلك الأمر بالنسبة لإيران التي استغلت الفرصة نتيجة لاستمرار الانفلات في أفغانستان، فالسلطة ليست بالكامل بيد الحكومة المركزية، لتعمل إيران بدورها على إنفاق الملايين لخدمة آيديولوجيتها التي ترغب في بثها للعالم بإحياء دور الفرس من جديد، وأؤكد أن إيران لعبت دورا كبيرا جدا في الداخل الأفغاني وبالأخص في مناطق الشيعة داخل أفغانستان مستغلة المساعدات الإنسانية والتعليمية ولكن لطائفة الشيعة فقط فبنت المدارس والمستشفيات والجامعات والإذاعات والفضائيات والصحف لنشر فكرهم مما تسبب الآن بمشاكل كبيرة، فما زالت تمد يدها إلينا باسم المساعدات الإنسانية إلا أنها مساعدة ملفوفة بالسم».

وحول مكان وجود الملا عمر قال السفير الأفغاني «أرى أن الملا عمر مع كبار مقربيه بالإضافة إلى أيمن الظواهري جميعهم موجودون حاليا في باكستان وبعلم الاستخبارات الباكستانية ورئيس الاستخبارات الباكستاني الأسبق حميد جل، وهو الشخص الذي باستطاعته تحديد موقعهما تماما». وأضاف أن «طالبان منقسمة لمجموعات فهناك تابعون للملا عمر وآخرون تابعون للاستخبارات الباكستانية، وآخرون ومجموعة أخرى للاستخبارات الإيرانية، وآخرون لديهم اتصالات بحكومة كابل.. ومع ذلك، فإن أي شخص يرتكب عملا إرهابيا يذكر مباشرة باسم طالبان»، مستطردا أن «هناك مجموعات لطالبان عملاء للاستخبارات الباكستانية عملهم تدمير البنية التحتية لأفغانستان من مساجد وجسور وسدود وهؤلاء لا يمكن اعتبارهم من طالبان وإنما عملاء».

وقال السفير إن وصول العرب إلى باكستان في الآونة الأخيرة يجابه قيودا وليس من السهل دخولهم إلا بالتنسيق المسبق مع المخابرات الباكستانية وإلا فلن يتمكن أي شخص كان من الدخول، كذلك تتم عمليات التسلل من خلال الجمهوريات حيث لا يعرفون أصلا، فهناك قبائل متعددة.. أوزبيك وتركمان هزارا وبشتون أكثر من 30 قبيلة ونفس القبائل هذه موجودة في الجمهوريات الإسلامية مما يصعب عملية اكتشاف هوياتهم. وأضاف: «لا أعتقد أن هناك مقاتلين عربا جددا، فالموجودون من البقية الباقية من القدامى ممن تجنسوا بجنسيات باكستانية أو عاشوا بين المناطق الحدودية ولم يعد بالإمكان تمييزهم إن كانوا عربا أو لا، حيث يصعب التعرف عليهم، وأعتقد أن العدد لا يذكر».

وجزم عمر خيل بانعدام وجود النساء العرب المقاتلات، وقال: «بحسب علمي هناك فقط ما يقارب أربعة رجال من العرب موجودين بالسجن قبض عليهم من قبل القوات الأميركية بتهمة الانتماء لتنظيم القاعدة.. وحتى الآن ليس لدينا تفاصيل بشأنهم سوى أنهم سعوديون ويمنيون، وما زالوا تحت الحراسة لدى الأميركيين على الرغم من تسليم السجن بشكل عام والسجناء الأفغان لحكومة كابل، غير أنهم مصنفون بحسب الأميركان بالخطرين وهم متحفظون عليهم، والتفاوض مستمر مع الجانب الأميركي لتسلم ملفاتهم».

وعما إذا كان هناك متهمون أفغان لدى السعودية بتهم الانضمام لتنظيم القاعدة، قال السفير الأفغاني «لا يوجد، وكل من وجهت لهم تهم بالإرهاب من الأفغان من خلال تواصلي مع عدد منهم كان لمجرد الاشتباه، وبهذه الشبهة قضى فترة في التوقيف وتم إبعاده، أما أن يكونوا مشاركين بصورة مباشرة حتى الآن فلم يحصل».

وفي نقطة اجتماعية، قال السفير عمر خيل إن «المجتمعات التي تتغلب عليها الأعراق والعادات القبلية تتفوق أيضا على الأحكام الإسلامية التي لا يمكن إحداث التحولات فيها بصورة سحرية وإنما بنفس طويل وتوعية وتدريب الجيل الجديد وتثقيفه بدينه وبحقوقه، ولدينا جيل مثقف بدأ في تغيير الصور النمطية، وأستطيع القول إن أهم ما أنجزناه يتلخص في الجانب التعليمي، فهناك أكثر من عشرة ملايين شاب وشابة مسجلون في السنة التعليمية الحالية وبعد سنوات عدة سنتقدم لتشمل كافة الجوانب، ولا بد أن تكون الخطوات حكيمة وبنفس طويل حتى لا ينفجر الوضع».